رئيسيسياسة عربية

الموصل: القوات العراقية تطارد سيارات «داعش» المفخخة

يحتاج الامر الى أقل من ثانية لتنقلب تعابير وجه الجندي العراقي إلى الذعر المطلق عندما يسمع «سيارة مفخخة!».

وتخرق تلك الصرخة الهدوء الذي كان يخيم بعد الظهر في حي كركوكلي في شرق الموصل المدمر نتيجة المعارك بين تنظيم الدولة الاسلامية والقوات العراقية.
وسيطرت قوات مكافحة الإرهاب العراقية قبل ايام على النصف الغربي من حي كركوكلي، فيما لا يزال الجزء الشرقي تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. ومنذ بدء عملية استعادة مدينة الموصل في 17 تشرين الأول (اكتوبر)، لجأ التنظيم الجهادي إلى السيارات المفخخة كجزء من دفاعه في مواجهة القوات العراقية.
وفيما كان جنود قوات مكافحة الإرهاب العراقية ينهون وجبة غدائهم المؤلفة من الأرز وصلصة الطماطم بعد ظهر  امس الاثنين، يأتي التحذير عبر جهاز اللاسلكي التابع لـ «فوج ديالى»: «كيا سبورتاج مدرعة باتجاهكم، اختبئوا الآن!».
ويدب الذعر في صفوف القوات، ويبدأون بالصراخ على عدد من المدنيين المتواجدين على الطريق الرملية المليئة بالحطام، ليحضوهم على الاحتماء.
ويهرع الجنود الذين يحملون سلاحاً خفيفاً إلى منازل مهجورة في المكان، ويخلع بعضهم نوافذ للدخول عبرها.
ويصرخ قائد إحدى الوحدات لعناصره «البازوكا!»، فيما يحمل آخرون صواريخ مضادة للدبابات ويتمركزون عند تقاطعات يمكنهم منها رصد السيارة.
في الوقت نفسه، يركض السائقون إلى آليات الهامفي والدبابات لقطع الطريق الرئيسية.
على جهاز الملازم عباس من «فوج ديالى» الواقف على سطح مطل على المواقع المتقدمة لوحدته في كركولي، يصدر صوت قائلاً «السيارة المشتبه بها تتجه إلى الشمال».
ويقول عباس لوكالة فرانس برس إن السيارة المفخخة المشتبه بها تبعد نحو 150 متراً عن قاعدة قوات مكافحة الإرهاب داخل الحي.
وتسير السيارة ببطء على طول الطريق الرئيسية التي تفصل شرق الحي عن غربه، وكأنها تبحث عن طريق تجعلها أقرب إلى قوات مكافحة الإرهاب.
لكن القوات أمضت فترة قبل الظهر في إغلاق نحو عشرة أزقة بالدبابات والجرافات، ما جعل من الصعب على سيارة الكيا إيجاد طريق تخرق منها.
بعد دقائق عدة، يخرج الصوت نفسه من الجهاز قائلاً إن السيارة «وصلت إلى مواقعنا المحصنة، وهي تعود أدراجها الآن».
فيرد الملازم عباس «سمع. سأنادي لك حسين ليثبت واحدا (صاروخ مضاد للدبابات) عند باب الفرع (الزقاق)».

البحث جار
ورغم زوال الخطر الوشيك، تبقى قوات مكافحة الإرهاب في حال تأهب، وتبدأ عملية البحث.
ويسود هدوء مخيف في شوارع كركوكلي المهجورة الآن، فيما ينتظر الجنود المتوترون أنباء عن موقع السيارة.
وكان الملازم حيدر حسين توجه إلى سطح منزل مؤلف من ثلاثة طبقات تستخدمه وحدته كمقر لها، بمجرد سماعه عن السيارة المشتبه بها.
وحسين مسؤول عن تسيير طائرة الاستطلاع التابعة لـ «فوج الموصل» التي كان لها دور فعال في المساعدة على اكتشاف السيارات المفخخة. وعادة، يحدد حسين موقع السيارات المفخخة، فتستهدفها دبابات قوات مكافحة الإرهاب أو طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، بالقصف.
لكن لم يحالف الحظ الاثنين الملازم الشاب الحليق اللحية.
ويقول حسين وهو ينظر الى شاشة تظهر حي كركوكلي «أرسلت الطائرة بمجرد سماعي أن هناك سيارة مشبوهة. لكنني لا أستطيع أن أجدها».
ويمر الوقت، علماً أن بطارية الطائرة لا تخدم أكثر من عشرين دقيقة، ولم تكن لديه بطاريات أخرى مشحونة.
ويشير حسين إلى الطريق الرئيسية الصحراوية المؤدية إلى كركوكلي من منطقة صناعية مجاورة قائلاً «أراقب هذه المنطقة هنا، لأنها الطريق الوحيدة الواصلة إلينا».
ثم يهز برأسه ويبدأ بتوجيه طائرة الاستطلاع للعودة إلى السطح الممتلىء بالزجاج المتناثر والعبوات الفارغة لمشروبات الطاقة التي شربها جنود في المكان.
بعد دقائق، يخرج الى السطح جنديان مبتسمان من قوات مكافحة الإرهاب. يثبت أحدهما صاروخه المضاد للدبابات في إحدى الزوايا. ويقول الآخر «راحت، راحت»، مومئاً بيده للإشارة إلى أن السيارة غادرت الحي، والى ان القوات أصبحت في أمان في الوقت الحالي.

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق