متفرقات

… وهكذا خلق الانسان الجينز!

يبقى الجينز أحد أكثر الملابس المثيرة للاهتمام على مر الزمن، إذ يخلق هذا النوع من الملابس ارتباطا عاطفيا مع مرتديه. ترى كارا نيكولاس من مصنع «كون دينم» التاريخي أن «الجينز ذا طابع شخصي جداً بفضل خصوصية ألوانه، فما إن تبدأ في ارتدائه حتى يظهر أثره في تركيبتك الشخصية. إنه شيء ترتديه على مر الوقت ويأخذ قالب الجسم والسمات الشخصية».

واحتفل مصنع وايت أوك، التابع لمصنع كون دينم، فى غرينسبورو بولاية نورث كارولينا الأميركية، والذي ينتج كل أنوع أقمشة الدينم الأصلي للشركة ويمتلك مجموعة من ماكينات نسيج  American Draper X3 منذ عام 1940، بالذكرى العاشرة بعد المئة لتأسيسه فى العشرين من نيسان (أبريل). والدينم هو النسيج القطني، الذي غالباً ما يكون أزرق اللون، وتصنع منه ملابس الجينز.

منافسة وتقليد الجينز الأصلي
تقول نيكولاس إن إنتاج الدينم الأصلي بدأ في ثمانينيات القرن قبل الماضي «عندما بدأ الناس يجمعون الجينز عالي الجودة وتنامت فكرة محاولة منافسة أو تقليد الجينز الأصلي. نحن ننظر دوماً للجينز عينه منذ مطلع القرن الماضي وحتى نهايته، ليكون مصدر إلهام بالنسبة الينا ولنجرب بخيوط وطرق تصميم مختلفة».
وأصبح الجينز موضة أساسية في عالم الأزياء منذ صيحة السراويل التي يتم ثنيها لأعلى ومرورا بسراويل بيل بوتمز الواسعة ووصولاً إلى موضة سراويل الجينز الضيقة (التي صممها المصمم الفرنسي هيدي سليمان خلال الفترة التي قضاها في شركة Dior Homme في بداية القرن الحالي)، أي منذ منتصف القرن العشرين.
يعتبر ليفي شتراوس شريكا في فكرة الجينز الأزرق التي ابتكرت عام 1873 على إثر حمى التنقيب عن الذهب بكاليفورنيا والتي بدأت قبل ذلك التاريخ بعقدين من الزمن.
ولد ليفي في ولاية بافاريا الألمانية، وانتقل من نيويورك إلى سان فرانسيسكو عام 1853 ليفتتح محلا لبيع الملابس والأقمشة.
وهناك باشر «ليفي» العمل مع أحد زبائنه في الخياطة، ويدعى جاكوب ديفيس، الذي كان بدوره يبحث عن شريك لتقديم براءة اختراع لطريقة تصميم سروال ذي مسامير معدنية في مناطق معينة في الجينز لجعله يدوم لفترة أطول.

«عيد ميلاد» الجينز الأزرق
حصلت شركة Jacob Davis and Levi Strauss Company على براءة الاختراع (عملية وضع المسامير المعدنية في سراويل العمل) في العشرين من ايار (مايو) عام 1873، مقدمين بذلك صنفاً جديداً من ملابس العمل، وأصبح ذلك اليوم «عيد ميلاد» الجينز الأزرق.
ووفقا لشركة ليفيز فإن أول تصميم للجينز الأزرق، والذي يعرف بـ XX waist overall، كان يتميز بجيب واحد خلفي مدرز عليه قوسين، وجيب صغير للساعة، وحزام عريض، وأزرار للحمالة ومسمار نحاسي في الوسط.
ويعتقد أن أصل الدينم (القماش الذي تصنع منه ملابس الجينز) هو مدينة «نيم» الفرنسية. وحيث أن القطن كان نسيجاً قوياً ومميزاً في القرن التاسع عشر فقد استخدم لصناعة سراويل للبحارة من مدينة جنوى الايطالية، والذين يعتبرهم البعض المخترعين الأصليين للجينز، معتبرين أصل كلمة جينز هو التسمية الفرنسية لمدينة جنوى وهي Genes.
اشتهرت ماركة Two Horses التي ابتكرتها شركة ليفيز عام 1889 بصناعتها لملابس عمل قوية مصنوعة من الدينم الأزرق الأصلي، حيث تحمل الرقعة الجلدية الموجودة خلف البنطلون صورة سروال جينز يسحبه حصانان دليلاً على قوته.

جينز XX لرعاة البقر
وفي عام 1890حمل سروال XX، الذي كان يرتديه رعاة البقر في الغرب، رقم 501. وفي عام 1901 تم تقديم صيحة جديدة من السراويل تحمل جيبين خلفيين وأضيف إليها حلقات للحزام عام 1922.
ووفقا لشركة ليفيز فقد أضيفت العروة الحمراء لملابس العمل المصنوعة من الجينز على الجيب الخلفي الأيمن عام 1936 «لتميز منتجات شركة ليفيز عن باقي منتجات منافسيها في السوق والذين كانوا يستخدمون دينم أسود ودرزات مقوسة».

انتشرت بناطيل الجينز الزرقاء كالنار في الهشيم بين الشباب في الخمسينيات تأثراً بأدوار جيمس دين
ومع إثارة أفلام الغرب الأميركي الاهتمام بحياة رعاة البقر، بدأت سراويل الجينز الزرقاء بالظهور في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم انتشرت كالنار في الهشيم بين الشباب في الخمسينيات تأثراً بأدوار المتمردين في هوليود الذين ارتدوا الجينز، مثل جيمس دين.
يقال إن المراهقين بدأوا باستخدام كلمة «جين» في العقد عينه، قبل أن يستبدلها ليفي شتراوس في الستينيات بكلمة «جينز» في الدعاية والترويج لتجارته في بيع بناطيل الجينز.
وأذيع أول إعلان تلفزيوني لشركة ليفايز عام 1966، قبل أن يظهر إعلان آخر عام 1981 لنساء يرتدين سروال جينز موديل 501 باستخدام عبارة (يتقلص ليناسب).

بات الجينز معلماً مميزاً في سبعينيات القرن الماضي
ساعدت الألياف المرنة المطاطية في انطلاقة هذه الصناعة في مجال الأزياء، وبلغت أوجها في العقد الأول من الألفية الحالية.
وزاد ظهور ألياف الليكرا بالفعل من فرص توسع هذه الصناعة، كما تؤكد نيكولاس من شركة كون، التي تشترك مع شركات غزل ونسيج أخرى، مثل انفيستا في مثل هذه الابتكارات، ولعل أبرز مثال على ذلك هو التعاون الجديد مع شركة «يونيف»، حيث تستخدم تقنية «ربريف» الخاصة بشركة يونيف، والتي تسمح بإنتاج أنسجة من عبوات المياه المعاد تدويرها.
تقول نيكولاس: «إنهم يستخدمون تقنية غزل خاصة تحاكي ملمس وشكل خيط القطن ولكنها تتمتع بقوة وفوائد الألياف الصناعية».
تتخذ شركة جينولوجيا من مدينة فالنسيا الإسبانية مقراً لها وتعمل في صناعة آلات الليزر، وهي أحد رواد التقنيات الحديثة الصديقة للبيئة والمستخدمة في عملية غسيل الدينم، التي تعد أحد أكثر الأنشطة المستخدمة في صناعة الملابس تلويثاً. يتمحور أسلوب بيع الشركة حول الدينم الأصلي الذي يستغرق تصنيعه بضع ساعات.

لكل إنسان طريقته الخاصة في ارتداء الجينز
يقول أنريك سيلا، المدير التنفيذي في شركة جينولوجيا: «لكل إنسان طريقته الخاصة في ارتداء الجينز ويرجع هذا لفكرة إن الجينز له روح حيث يصبح جزءاً منك. عندما تذهب إلى محل الدينم فإنك تفتش عن الجينز الذي يشبه الجينز القديم الذي تمتلكه».
ويرى سيلا أن طريقة استخدام الماء والكيماويات في صناعة النسيج تعتبر «سابقة تاريخية»، مشيراً إلى أن هذا التقدم له دور في تطوير صناعة الدينم وأن حوالي 20 بالمئة من أصحاب مصانع الدينم يعملون الآن مع شركات التكنولوجيا، حسب تقديره.
يقدر الإنتاج السنوي لسراويل الجينز بخمسة مليارات سروال في السنة، في حين يصل معدل استهلاك الدينم لنحو 1،5 سروال للفرد في أوروبا، مقابل 4 للفرد في أميركا. ويتوقع سيلا أن ترتفع النسبة قريباً إلى «سروال جينز لكل فرد في الكوكب». وفي نظرة مستقبلية مستوحاة من الماضي، «تستمر صناعة الدينم بالنظر إلى الجينز الأصلي الأزرق كمصدر إلهام في التصميم والمتانة».

بي بي سي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق