أبرز الأخبار

استجابة سنية واسعة لـ «مشروع العبادي»، واعلان وشيك بـ «الحرب الشاملة» ضد داعش

المدقق في تفاصيل المشهد العراقي يتوقف عند حالة من الانفراج التي لم تشهدها البلاد منذ سنوات عديدة. ابرز عناصر تلك الحالة، الارتياح العام لابتعاد نوري المالكي عن مقدمة المشهد السياسي، وتنحيه عن المطالبة بتشكيل الحكومة.

العنصر الثاني، يتمثل بالاستجابة الواسعة – ولكن المشروطة – من قبل التيار السني بالانخراط في المشهد بنسخته الجديدة، وحالة التفاؤل التي يعيشها التيار السني بانتهاء حالات الاقصاء والتهميش التي كانت سائدة على مدى السنوات الطويلة التي مضت من حكم المالكي.
اما العنصر الثالث، فيتمثل بذلك الاحساس العام بان «داعش» امر طارىء في حياة العراق، وان مشروعاً وشيك التنفيذ هدفه طرد داعش. فالاحساس العام يترافق – كما يبدو – مع قرار عام بذلك المضمون، واجراءات وترتيبات هدفها اقصاء داعش عن الساحة، والحفاظ على وحدة التراب العراقي.
ومع ان البعض يرى ان طرد داعش لا يعني – بالضرورة – وحدة العراق، الا ان المشروع العام يضع مسألة الحرب ضد الارهاب في مقدمة كل الامور. ويتكىء على مشروع اممي عنوانه ضرورة التخلص من الارهاب الذي تجاوز حدود الاطلاله، وتحول الى مجال التجذر.

زعماء العشائر
فقد أبدى عدد من زعماء العشائر السنية ورجال الدين في معقل السنة بالعراق الذين تمردوا ضد رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي استعدادهم للانضمام الى الحكومة الجديدة إذا تمت تلبية شروط معينة.
وقال زعيم إحدى أقوى العشائر السنية في العراق إنه مستعد للعمل مع رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي بشرط حماية حقوق السنة التي همشها سل
فه المالكي.
وفي كلمة نقلها التلفزيون قال علي الحاتم سليمان زعيم عشيرة الدليم التي تهيمن على محافظة الانبار معقل السنة في العراق ان قرار قتال تنظيم الدولة الإسلامية الذي يمثل خطرا كبيرا على أمن العراق سيتخذ في وقت لاحق.
ويواجه رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي مهمة صعبة لتبديد مخاوف السنة في محافظة الانبار حيث دفع الإحباط والسياسات الطائفية بعض السنة الى الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية.
وقال
طه محمد الحمدون الناطق الرسمي باسم جماعة الحراك الشعبي في المحافظات السنية ان ممثلين للسنة في الانبار ومحافظات أخرى أعدوا قائمة بالمطالب التي ستقدم الى رئيس الوزراء المكلف وهو شيعي معتدل. ودعا الحكومة وقوات الميليشيات الشيعية الى وقف الاعمال القتالية لإتاحة الفرصة أمام اجراء محادثات.
وقال الحمدون في تصريحات صحفية، انه لا يمكن اجراء أي مفاوضات تحت القصف بالبراميل المتفجرة والقصف العشوائي. ودعا الى وقف القصف وسحب الميليشيات الشيعية حتى يتمكن الحكماء في تلك المناطق من التوصل الى حل.

مقاتلة الدولة الاسلامية
الى ذلك، انضمت اكثر من 25 عشيرة سنية نافذة في مدينة الرمادي الى القوات الأمنية العراقية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية والمجالس العسكرية المتحالفة معها، وتمكنوا من تحرير عدد من المدن والقرى، بحسب مصادر أمنية وعشائرية.
ويأتي هذا التحرك بعد يوم واحد من اعلان رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بالتخلي عن الترشيح لولاية ثالثة، معلناً تأييده لرئيس الورزاء المكلف حيدر العبادي.
وبدأت العشائر التي حصلت على دعم القوات الأمنية في الرمادي باقتحام عدد من معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة زنكورة والقرية العصرية والبو عساف، وتقع جميع المناطق شمال غرب المدينة.
واستهدفت العملية التي شاركت فيها عشائر نافذة وأبرزها عشائر البو جليب والبو ذياب، والبو علوان، والبو عساف، عناصر الدولة الإسلامية والمجالس العسكرية التي تتحالف معها، تحت مسمى ثوار العشائر.
بدوره، قال قائد شرطة الانبار اللواء احمد صداك «بدأت ساعة الصفر في الساعة السادسة صباحا حيث هاجمنا اوكار ومخابئ الإرهاب والذين رفعوا السلاح ضد أبنائنا من الأجهزة الأمنية».
وأكد أن «المعارك مستمرة وتمكن المنتفضون من قتل 12 من المسلحين واعتقال 25 مشتبهاً به وحرق 7 عجلات تحمل الأسلحة الرشاشة الثقيلة ونحن عازمون على قتل أي شخص يحمل على القوات الأمنية او العشائر التي تقف معنا السلاح ولن نتوقف الا بتحرير الانبار».
من جانب آخر، تشكلت في مدينة القائم الواقعة على الحدود العراقية السورية كتائب الحمزة لقتال جهاديي «الدولة الإسلامية».
وتشكلت هذه الكتائب أول مرة في العام 2006 لمقاتلة تنظيم القاعدة، ضمن مشروع الصحوات الذي دعمه الجيش الاميركي.
وقال العقيد احمد شوفير قائد فوج طوارىء حديثة «نحن بصدد تشكيل واعادة هذه الكتائب التي مبدؤها مقاتلة داعش ومركزها الآن في مدينة حديثة وسوف تبدأ عملياتها العسكرية عن قريب في المناطق الغربية التي تستولي عليها داعش».

العبادي يستوعب الكل
من جهته، أكد رئيس الوزراء العراقي المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة حيدر العبادي التزامه بإستيعاب جميع اطياف الشعب العراقي وتوحيد مكوناته وقيادتها نحو بر الامان، وشدد على تصميمه محاربة الفساد وانهاء السلبيات.
واكد العبادي انه ملتزم تماماً بالنصائح التي اسداها له المرجع الاعلى آية الله السيستاني، باعتبارها ضمان وحدة العراق والعراقيين. وأكد في بيان صحافي التزامه بمحاربة الفساد والقضاء على السلبيات وقيادة العراق إلى بر الامان.
وأضاف العبادي قائلاً: «اؤكد التزامي بتوجيهات المرجعية الدينية العليا، والتي هي ضمان وحدة العراق والعراقيين والالتزام بمحاربة الفساد واستئصاله وهو ما أكدنا عليه في برنامجنا الحكومي بالإضافة إلى القضاء على السلبيات وقيادة البلد إلى بر الامان». وأشار إلى أنّه سيعمل على استيعاب اطياف الشعب العراقي وتوحيد العراقيين للقضاء على الارهاب وبناء وطنهم.
وثمن دعوة المرجعية للكتل السياسية بالتعاون معه لتشكيل الحكومة. وأكد أنها «ستمثل دافعاً كبيراً لتشكيل الحكومة على اساس الكفاءة والنزاهة وتخليص البلاد من الاشكالات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يشهدها العراق».
وأشار العبادي إلى «ان هناك اوضاعاً يشهدها البلد تختلف عن الاوضاع السابقة، وهذا يتطلب منا استراتيجية جديدة وبرنامجاً حكومياً يتناغم مع هذه الاوضاع». وقال إن هناك «ملفات عديدة تحتل اهمية قصوى في برنامجنا الحكومي ومنها القضاء على الفساد الاداري والمالي في مؤسسات الدولة، والتي تعد من ركائز عملنا خلال الفترة المقبلة بالإضافة إلى الملف الأمني والسياسي والاقتصادي وملف العلاقات الخارجية والملفات الاخرى.
وأضاف قائلاً «لن اقدم لكم وعوداً غير واقعية ولكنني اعدكم بأني سأبذل قصارى جهدي لخدمة شعبنا ووطننا وأن ابذل حياتي دفاعاً عنه وسأبقى وفياً للقيم التي ضحينا من اجلها وأقف مع المظلوم ضد الظالم وأكون عوناً للضعيف والملهوف».

دعوة السيستاني
وفي وقت سابق دعا معتمد السيستاني الكتل السياسية إلى التعاون مع العبادي لتشكيل حكومة قوية تعالج اخطاء حكومة المالكي، وشدد على ضرورة التصدي للفساد ومنح جميع المذاهب حقوقها. وشدد أحمد الصافي على الحاجة إلى تغيير المواقع بالشكل الذي يمكن البلاد من مواجهة الازمات التي تواجهها، برؤية تختلف عمّا جرى سابقاً لانقاذ العراق من الارهاب والحرب الطائفية والتقسيم.
ودعا الكتل السياسية في مجلس النواب لان تكون على مستوى المسؤولية التاريخية في هذا الوقت العصيب وتتعاون مع المكلف العبادي من اجل تشكيل حكومة قوية كفوءة تضع برنامجاً واضحاً لمعالجة اخطاء الحكومة السابقة واحقاق حقوق جميع المكونات العراقية بأديانها ومذاهبها. وشدد الصافي على ضرورة تصدي الحكومة المقبلة للفساد المالي والاداري، وقال إن مكافحة الحجم الهائل لهذا الفساد يجب أن تكون من اولويات الحكومة لأنه مستشرٍ في مؤسسات الدولة بالشكل الذي يعوق معالجة الازمات الأمنية والخدمية والاقتصادية.
وكان العبادي دعا الاربعاء الماضي الكتل السياسية إلى تعيين ممثلين لها لغرض التفاوض والاتفاق على الحقائب الوزارية، وأن يكون المرشحون من الكفاءات الوطنية القادرة على النهوض بالعراق إلى المستوى اللائق به، كما وركز على اهمية تمثيل المرأة في الحكومة المقبلة بشكل مناسب.
وأكد أنه «سيبذل قصارى جهده من اجل عرض التشكيلة الوزارية بأسرع وقت ممكن من اجل التوجه لمرحلة اعادة الأمن والقضاء على عصابات داعش والتنظيمات الارهابية الاخرى والتي تتطلب جهداً كبيراً واستراتيجية أمنية جديدة تتناسب مع الاوضاع الأمنية الحالية». وطالب القوى السياسية إلى الجلوس معاً ليس لتشكيل الحكومة فقط، وانما لوضع رؤية وطنية مشتركة لحل مشكلات العراق الدستورية والسياسية والاقتصادية.
وأمام العبادي حتى التاسع من الشهر المقبل كحد اقصى لتشكيل حكومته، وتقديمها إلى مجلس النواب مع برنامجها الحكومي لنيل الثقة، وبعكسه فإن على الرئيس فؤاد معصوم ان يكلف أي شخصية أخرى للقيام بالمهمة نفسها.

دعم اوروبي للاكراد
في الاثناء، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماع طارىء في بروكسل على دعم تسليح المقاتلين الأكراد في العراق ودعوا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بسرعة في البلاد. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير «توصلنا إلى موقف مشترك يفيد في مضمونه أن الاتحاد الأوروبي يرحب بتلبية بعض الدول طلب قوات الأمن الكردية». وأضاف «من غير الواضح بعد أي معدات ستستخدم أو ستلزم».
وأفادت خلاصات الاجتماع أن الوزراء اتفقوا على الترحيب بقرار دول أعضاء تلبية النداء الذي أطلقته السلطات المحلية الكردية لتزويدها بالمعدات العسكرية بشكل عاجل. وفيما يعود قرار تسليم الأسلحة إلى كل من الدول الأعضاء، برزت إشكالية التوصل إلى موقف يعلن فيه مجلس أوروبا الذي يمثل الدول الأعضاء الـ 28 من حيث دوره تأييد هذه الجهود وإبداء دعمه للأكراد ولحكومة بغداد، على ما أعلن مسؤول أوروبي رفيع قبل الاجتماع.
وقال دبلوماسي أوروبي لاحقاً إن هذه خطوة قوية وتبعث بالرسالة السياسية المطلوبة وعلى الأخص من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا.
وأكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تسليم معدات عسكرية قريباً، تلبية لطلب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني. وذكر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن فرنسا كانت على هذا الصعيد «إحدى أولى الدول التي تتحرك» وتسلم الأسلحة إلى المقاتلين الأكراد الذين يحاولون صد تقدم مسلحي تنظيم داعش المتطرف في العراق. أما لندن فتبحث «من منظار إيجابي» إمكانية تسليح القوات الكردية في حال تلقت طلباً بذلك. كما رحب الوزراء بتعيين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بعد قرار سلفه نوري المالكي مغادرة الحكم.
وأكدوا في الخلاصات أن الاتحاد الأوروبي واثق من أن رئيس الوزراء سيشكل حكومة جديدة بشكل عاجل، ويشدد على أهمية أن تشمل الجميع وتكون قادرة على تلبية الحاجات والتطلعات المشروعة للعراقيين من أجل «تمهيد الطريق إلى حل سياسي للأزمة. كما أدان الوزراء «الفظائع» التي واكبت هجوم داعش. وأضافوا أن بعض هذه الأعمال المرتكبة في العراق وسوريا قد تشمل جرائم ضد الإنسانية وينبغي التحقيق فيها.
ومن المحتمل أن تبدأ التشيك في توريد أسلحة خفيفة أو ذخائر إلى الأكراد في شمال العراق نهاية آب (اغسطس) الحالي لمقاومة ميليشيات تنظيم داعش. وقال متحدث باسم الخارجية التشيكية في براغ إن هناك خيارين، أحدهما أن الحكومة التشيكية من الممكن أن توافق على صفقات سلاح تجارية مع الأكراد، والآخر أن تعطي أوامر بتوريد ذخائر من فوائض الجيش. وأوضح المتحدث أن هذا الأمر يتطلب في كل الأحوال قرارا من مجلس وزراء حكومة يسار الوسط بقيادة رئيس الوزراء بوهوسلاف سوبوتكا، التي بدأت عطلة صيفية لمدة أسبوعين.

توسيع جبهات القتال
من جهة ثانية ذكر مسؤول كردي في محافظة ديالى أن تنظيم «داعش» بدأ في توسيع جبهاته القتالية مع البشمركة في مناطق المحافظة، باتجاه إقليم كردستان.
وأكد المسؤول أن التنظيم المتشدد بدأ حشد قواته قرب ناحية قرتبة جنوب قضاء كفري، في حين بيّن مصدر في قوات البشمركة سيطرة قواته على سد الموصل.
في الاثناء، قالت القيادة الأميركية الوسطى إن طائرات أميركية شنت، يوم السبت بتوقيت العراق، تسع غارات جوية على مقاتلي «الدولة الإسلامية» قرب مدينة أربيل عاصمة إقليم شمال العراق وسد الموصل في محافظة نينوي، شمالي العراق.
وأوضحت القيادة في بيان نشره موقع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الغارات نفذتها طائرات أميركية مقاتلة وأخرى بدون طيار، وحققت أهدافها بنجاح. حيث دمرت أو ألحقت أضراراً بأربع حاملات أفراد مدرعة وثمانية مركبات مصفحة، ومركبتي من طراز همفي.
ولفت البيان إلى أن «كل الطائرات غادرت المناطق التي جرى قصفها بأمان.
وإثر استيلاء «الدولة الإسلامية» على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوي (شمالي العراق) في  حزيران  (يونيو) الماضي، أثار تقدمها السريع إلى حدود إقليم شمال العراق قلق بغداد والمجتمع الدولي.
وعلى خلفية ذلك، بدأت طائرات أميركية منذ الـ 8 من شهر آب (اغسطس) الجاري شن غارات على أهداف تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، بعدما أصدر الرئيس الأميركي «باراك أوباما»، توجيهات بهذا  الخصوص، معللة ذلك بتهديد مقاتلي هذا التنظيم «المصالح الأميركية وإقليم شمال العراق المستقر»، وكذلك «استهدافهم للأقليات».
وسقط سد الموصل، وهو أكبر سدود العراق، في يد مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» في وقت سابق من الشهر الجاري، واستطاعت قوات من البشمركة (جيش إقليم شمال العراق) استعادة السيطرة عليه بغطاء جوي أميركي.
ويذكر ان السيطرة على هذا السد، الذي يقع على نهر دجلة، تمنح مقاتلي «الدولة الإسلامية» القدرة على إغراق المدن وقطع إمدادات المياه والكهرباء الحيوية.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق