أبرز الأخبارسياسة عربية

عملية استعادة الموصل: الجيش العراقي «يسبق الجدول الزمني» ويتقدم وبريطانيا تطالب بضمان حماية المدنيين

واشنطن تريد كسب معركة الموصل اثر اخفاقها في سوريا

تقول الولايات المتحدة إن القوات العراقية تسبق الجدول الزمني المقرر لعملية استعادة الموصل من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية.

وجاء إعلان وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» عن تقدم القوات العراقية مع دخول العملية العسكرية يومها الثاني.
ويشارك في الجهد العسكري قوات البشمركة الكردية ومقاتلون من الحشد الشعبي ذي الغالبية الشيعية.
غير أن بيتر كوك المتحدث باسم البنتاغون حذر من أن عملية استعادة الموصل «قد تستغرق بعض الوقت» بينما لا يزال يتعين الانتظار لحين التيقن مما إذا كان مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية سوف «يصمدون ويقاتلون».
وكانت القوات العراقية والمقاتلون المتحالفون معها قد بدأت الزحف نحو مدينة الموصل، ثانية كبريات مدن العراق، فجر الاثنين.
وكان مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية قد استولوا على الموصل في شهر حزيران (يونيو) 2014.
وفي هذا الوقت اختار زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الموصل ليعلن منها خلافة إسلامية. ويقول كوك إنه لهذا تتسم استعادة الموصل بـ «الرمزية».
وقال المتحدث الأميركي في مؤتمر صحفي في واشنطن «المؤشرات الأولية تقول إن القوات العراقية حققت أهدافها حتى الآن، وإنها سبقت الجدول الزمني المقرر لليوم الأول».
وأضاف «الأمر يسير وفق الخطة العراقية، ولكن مرة أخرى، لا يزال الوقت مبكراً، وللعدو وجود هنا. سوف نرى ما إذا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام سوف يصمد ويقاتل».
ومضى كوك يقول «نحن على ثقة، مع ذلك، بأنه مهما يكن الحال، فإن القوات العراقية لديها القدرات على إنجاز المهمة، ونحن مستعدون مع بقية التحالف لدعمهم».
وتقول التقديرات إن 30 ألفاً من القوات العراقية والبشمركة ومقاتلي العشائر السنية بدأوا التقدم نحو آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية الرئيسية في العراق بعد شهور من التخطيط.
ويشارك مقاتلون من الحشد الشعبي، وغالبيته من الشيعة، في العملية، ما أثار مخاوف من جانب أطراف مثل السعودية وتركيا من احتمال أن يكون لذلك تأثيرات على العراقيين السنة في الموصل.
ويعتقد بأن للتنظيم ما بين 4 آلاف إلى 8 آلاف مقاتل في الموصل.
وسيطر الأكراد على قرى عدة في الساعات القليلة الأولى من العملية، وأعلنوا مساء الاثنين أنهم حققوا كل أهدافهم الرئيسية، بما فيها استعادة 200 كيلومتر وتسع قرى في أٌقل من 24 ساعة.
وتمكنت القوات الكردية أيضاً من تأمين قطاع كبير من الطريق الواصل بين أربيل، عاصمة إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي شمال العراق، والموصل.
وقال جنرال كردي لمراسلة بي بي سي أورلا غورين «نواجه عدواً قوياً، فهم لا يقاتلون الأكراد أو الشيعة فقط، إنهم يقاتلون العالم كله». وأضاف «نريد دحرهم لمصلحة الجميع».
غير أنه مع اقتراب القتال من مدينة الموصل، أثيرت مخاوف على سلامة المدنيين الذين ما زالوا محاصرين في المنطقة.
وقالت بريتي باتيل، وزيرة التنمية الدولية البريطانية إنه يتعين أن تكون حماية المدنيين «شغلاً شاغلاً».
وأضافت «استعادة الموصل ستكون خطوة مهمة نحو دحر داعش (الإسم الشائع لتنظيم الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط) في العراق وإنهاء طغيانه بحق السكان المدنيين في المدينة».
وقالت «لكن مع وجود حوالي مليون ونصف مليون شخص في المدينة، من الواضح أنه يجب أن تكون حمايتهم وأحوالهم شغلاً شاغلاً».
وتعد الموصل أحد أكثر المدن العراقية تنوعاً إذ يعيش فيها عرب سنة وأكراد وآشوريون وتركمان وطيف من الأقليات الدينية.
وبينما فر عدد من أبناء هذه الأقليات من القتل على يد تنظيم الدولة الإسلامية، رحب الكثير من العرب السنة المحليين بالمقاتلين، بدافع من غضبهم من السياسات الطائفية التي اتهمت الحكومة المركزية السابقة التي سيطر عليها العرب الشيعة.
غير أنه بعد عامين من حكم تنظيم الدولة الإسلامية الوحشي، تحدثت تقارير عن تصاعد المعارضة داخل الموصل للتنظيم المتطرف.
وأحد مباعث القلق الرئيسية بالنسبة الى هؤلاء الذين ما زالوا في الموصل هو مشاركة مقاتلين شيعة في عملية استعادة المدينة بعد أن اُتهم هؤلاء بارتكاب انتهاكات طائفية في مدن أخرى تمكنوا من استعادتها.
وسعى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لطمأنة سكان الموصل قائلاً إنه لن يسمح إلا لقوات الأمن العراقية بدخول الموصل.
وحتى في حالة طرد تنظيم الدولة من الموصل، فإنه لا يزال التنظيم يسيطر على مناطق شمال وشرق العراق.
وتأمل الولايات المتحدة من خلال معركة الموصل، ان تحقق انتصاراً عسكرياً يخفف من وطأة اخفاقاتها الاستراتيجية في سوريا.
وغداة نهاية اسبوع صعبة للدبلوماسية الدولية التي اجتمعت في اوروبا بهدف محاولة وقف الحرب في سوريا، قال وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر ان معركة الموصل تمثل «لحظة حاسمة في الحملة الهادفة لتكبيد تنظيم الدولة الاسلامية هزيمة دائمة».
ويعتبر خبراء في الاستراتيجية العسكرية الاميركيون ان العراق وسيطرة الجهاديين على مناطق شاسعة تبدو بمثابة تعويض عن مكافحة الجهاديين في سوريا.
وفي الوقع، تعكس معطيات وزارة الدفاع ذلك مع توجيه واشنطن والدول الـ 66 الاخرى المتحالفة معها خلال اكثر من عامين 15634 ضربة جوية في العراق وسوريا، لكن ثلث هذا العدد (10129 غارة) كان في العراق.
ويشكل العراق اولوية بالنسبة الى بريت ماكغورك مبعوث الرئيس باراك اوباما الى التحالف. وقال هذا الاخير الاثنين في تغريدة «حظاً سعيداً للقوات العراقية البطلة والبشمركة الكردية (…) نحن فخورون بان نكون الى جانبكم في هذه العملية التاريخية».

«خلافة زائفة»
وقبل ايام من انطلاقة المعركة، قال المبعوث امام صحافيين معتمدين لدى وزارة الخارجية ان «الموصل هي المكان الذي اطلق داعش على الساحة الدولية، هي المكان الذي اعلن فيه (زعيمها ابوبكر البغدادي) خلافته الزائفة» صيف 2014 على مناطق من سوريا والعراق.
واضاف «لدينا الان كل ما يلزم في المكان لطرد داعش من الموصل».
وسيكون بامكان نحو 30 الف جندي عراقي التعويل على التحالف الدولي الذي يضم آلاف الجنود بينهم 4600 جندي اميركي معظمهم من المدربين. كما يؤمن التحالف معظم الدعم الجوي للقوات البرية.
واكد المسؤول الاميركي «العمل الضخم» في مجال التنسيق بين بغداد والقوات الكردية العراقية وقوات التحالف حتى «يكون الجميع متفقاً» للقضاء على ثلاثة آلاف الى 4500 مسلح جهادي في الموصل.
واعتبر والي نصر وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية في ادارة اوباما في صحيفة نيويورك تايمز «ان استعادة الموصل سيمثل هزيمة تاريخية ورمزية لتنظيم الدولة الاسلامية» وسيتيح لواشنطن «اعلان ان مهمتها قد انجزت».

«نجاح كارثي»
لكن اذا تمت استعادة الموصل بعد اشهر عدة «وهي تجربة للاسف باتت معتادة للولايات المتحدة في المنطقة ويمكن ان تتكرر (فسنكون ازاء) نجاح كارثي»، بحسب ما كتب قبل ايام الباحثان في معهد بروكينغز ايان ميريت وكنيث بولاك مشيرين بالخصوص الى التهديد بحدوث «ازمات انسانية وسياسية».
واقر مسؤولون عسكريون اميركيون رداً على اسئلة نيويورك تايمز ان استعادة الموصل لن تعني «نهاية الخلافة»، مشيرين الى ان «عاصمتهم» ما تزال في الرقة بسوريا.
واصبحت سوريا تشكل رمزاً للتردد الاستراتيجي لاوباما الذي سيغادر منصبه بعد ثلاثة اشهر.
واوباما المشكك كثيراً في جدوى التدخل العسكري الذي كان انتخب لاخراج واشنطن من حروب الشرق الاوسط والحائز على جائزة نوبل للسلام، يقاوم دائماً اي تدخل عسكري واسع النطاق للولايات المتحدة في سوريا.
وكان احد ابرز قراراته المفاجئة ذلك الذي اتخذه صيف 2013 بالامتناع عن ضرب نظام الرئيس السوري بشار الاسد وسط استياء حلفاء واشنطن الاوروبيين والعرب.
واليوم حتى وزير الخارجية الاميركي جون كيري المعروف بميوله تجاه الحرب، استبعد مجدداً اي تدخل عسكري اميركي بري في سوريا وذلك اثناء اللقاءات الدبلوماسية نهاية الاسبوع بلوزان ولندن مع حلفائه الاوروبيين والعرب.
وبعد ان ندد بـ «استراتيجية» روسيا التي تشن غارات على حلب، لم يقترح كيري الا افكاراً جديدة دون كشفها من اجل محاولة فرض اتفاق وقف اطلاق نار جديد.

بي بي سي/ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق