سياسة لبنانيةلبنانيات

تحركت الحكومة للعمل فنشطت مافيا الدولار لتضرب الاصلاح

تنصرف الحكومة الى العمل الجدي مع بداية هذا الاسبوع، بعد نيلها ثقة المجلس النيابي باكثرية وازنة، وبعد زيارتين قام بهما الرئيس نجيب ميقاتي الى فرنسا وبريطانيا، حصل خلالهما على دعم معنوي وتحفيز لمباشرة ما وعد به في البيان الوزاري من اصلاحات، باتت الشرط الاساسي لكل القوى الدولية والعربية للمساعدة. لقد خالفت المنظومة السياسية كل القواعد والاعراف والوعود التي كانت تقطعها، ثم لا تلبث ان تعود عنها، حتى فقدت ثقة العالم. لذلك فان احداً غير مستعد لمد يد العون، الا نتيجة افعال على الارض. فالاقوال والتعهدات لم تعد تجدي نفعاً.
قد تكون الارادة الصادقة للعمل موجودة لدى هذه الحكومة، وهي تعلم انها الفرصة الاخيرة امام لبنان للنهوض من الاتون الذي زجوه فيه. ولكن الارادة وحدها لا تكفي، بل يجب ان تترافق مع العزم والتصميم والشجاعة لمواجهة الازمات، وما اكثرها، التي تثقل كاهل اللبنانيين. فهناك مافيات وفئات معرقلة ومحتكرون ومهربون وغيرهم، ساءهم ان يكون في لبنان حكومة تعمل وتقضي على الفوضى، وها هم يستعدون لوضع العراقيل بوجهها، لان نجاحها يضع حداً للفوضى التي ينشرونها في كل مكان. والسؤال المطروح لماذا عاد الدولار يرتفع مثلاً، رغم الترحيب الداخلي والدولي بتشكيل الحكومة مما ينشر جواً من الارتياح؟ اليس هذا دليلاً على ان بعض المافيات تحركت وتحاول التصدي لاي نجاح يمكن ان تحققه الحكومة، في مواجهة التلاعب بسعر العملة الاجنبية، بحيث ترتفع كل اسعار السلع الاستهلاكية، فترهق المواطن وتزرع اليأس في النفوس؟ الدولار كان مفروضاً ان ينخفض فلماذا عاد الى الارتفاع رغم الاجواء الايجابية التي خلفها تشكيل الحكومة؟ قد تكون الحكومة اخطأت في رفع الدعم عن المحروقات قبل البطاقة التمويلية، ولكن ذلك لا يبرر عودة الدولار الى الارتفاع. فالمتلاعبون بسعر العملة الخضراء باتوا معروفين، وباتت اهدافهم مكشوفة وهم يعلمون والحكومة تعلم ان خفض سعر العملة الاجنبية اساس النجاح في عمل السلطة، فهل ان الحكومة قادرة على مواجهتهم؟ ثم هل ان الخروج على القوانين واتخاذ القرارات دون التفاهم مع السلطة يعتبر عملاً مساعداً لانجاح الحكومة؟ فتقيد جميع فئات الشعب بقوانين الدولة ودستورها واجب وحتمي واي مخالفة تعتبر موجهة ضد الدولة. فهل تتصدى الحكومة لكل المخالفات وهل هي قادرة على ذلك؟
ان الحكومة مدعوة اليوم لكسب ثقة المواطنين التي ضيعتها المنظومة على مر السنين. ويكون ذلك بالاسراع في تأمين التيار الكهربائي وخفض اسعار المواد الغذائية والمعيشية وتأمين الدواء، على ان يترافق ذلك مع تكثيف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، واعادة هيكلة الدين العام، دون ان تنسى ان باب النجاح يكمن في استعادة العلاقات العربية، وخصوصاً الخليجية، التي ضيعتها المنظومة بسياساتها الخاطئة. فان نجحت في ذلك، تكون قد حققت الهدف الذي جاءت من اجله، فتضع البلاد على طريق النهوض، لتستعيد دورها الذي كان موضع احترام وتقدير العالم كله.
الرئيس ميقاتي مدرك لصعوبة المهمة التي اخذها على عاتقه يوم قبل بتكليفه تشكيل الحكومة، وهو يعرف الجهات المعرقلة بالتحديد والاسماء، ويعرف ايضاً مدى قوتها وقدرتها على التعطيل، فهل هو قادر على مواجهة العراقيل التي ستوضع في وجهه، ام ان المواجهة ستتحول الى صراع ينسف كل محاولات الاصلاح؟ من هنا تريث الدول الداعمة في مد يد المساعدة بانتظار ان تظهر النتائج على الارض، فاما ان تنجح الحكومة او تبقى الفوضى التي تديرها المنظومة والتي ستوصل الى الهلاك المحتم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق