الاقتصادمفكرة الأسبوع

سعي رسمي ومصرفي حثيث لتجنيب لبنان القائمة السوداء لدول الملاذات الضريبية

ينشغل القطاع الاقتصادي والمالي حالياً بما يتردد عن خطر وضع لبنان نهاية الشهر الحالي على القائمة السوداء للدول التي تعتبر من الملاذات الضريبية في العالم، بناء على توصية وزراء المال في مجموعة العشرين، على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في الولايات المتحدة، الى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (ocde)، على أن يضاف الى هذه اللائحة كل من بناما وفانواتو (أرخبيل جزر يقع في جنوب المحيط الهادىء).
وعلى الرغم من إقرار لبنان سلسلة تشريعات في الأعوام الماضية، وآخرها ما يتعلق بالتصاريح عن الأموال المنقولة عبر الحدود والقوانين المتعلقة بمكافحة التهرب الضريبي، لا يزال الخطر داهماً، ولا سيما بعدما تعذر انعقاد مجلس النواب للتشريع طوال أكثر من عقد، في ظل الشغور الرئاسي.
وتبذل الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان وجمعية المصارف مساعي حثيثة للحؤول دون وضع لبنان على اللائحة السوداء.
وفي هذا الإطار، قررت الحكومة المشاركة في اجتماعات المنتدى الدولي حول الشفافية وتبادل المعلومات لغايات ضريبية، والتابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنموي في باريس بين 26 و30 ايلول، عبر لجنة مؤلفة من وزارات المال والعدل والاقتصاد ومصرف لبنان، لشرح وجهة نظر لبنان والإجراءات التي قام بها حيال مشاريع القوانين التي أعدها في محاولة للانتقال من المرحلة الاولى الى المرحلة الثانية من التقويم، في ظل الظروف السياسية الحالية في لبنان التي تعيق اقرار مشاريع القوانين المعدة والتي طالب بها المنتدى الدولي.
وكانت المنظمة أصدرت قرارها نظراً الى عدم التزام عدد من الدول، ومن ضمنها لبنان، المعايير التي وضعتها لتحديد مدى التزام الدول في ما يتعلق بالتعاون الضريبي على الصعيد العالمي، وعدم وجود ثغر قد يستغلها بعض الافراد وتستفيد منها الشركات للتهرب من دفع الضرائب.
ومن أبرز المعايير التي تتأكد من وجودها المنظمة، معاهدة دولية تقضي بتبادل المعلومات الخاصة بالأفراد أو المؤسسات والشركات التي تتم ملاحقتهم دولياً بتهم التهرب الضريبي، على أن تلاحظ الدولة المعنية من خلال هذه المعاهدة ضمان تزويد الجهات الدولية المعلومات الصحيحة الخاصة ببعض المكلفين الذين يتم استجوابهم في قضايا تتعلق بالتهرب الضريبي. كذلك تدرس المنظمة معيارا آخر يجب على الدول أن تتمتع به لمكافحة هذه «الجريمة»، كالتزامها الانتقال الى التبادل التلقائي لتبادل المعلومات بحلول سنة 2018، وهو المشروع الدولي الذي أعادت المنظمة تعزيزه منذ عام 2011 للحد من التهرب الضريبي بطلب من مجموعة العشرين. وتلزم المنظمة الدول اعتماد نظام متطور لتبادل المعلومات عن المكلفين خارج الحدود.
ويسعى لبنان عبر الخطوات التي اتخذها على الصعيد التشريعي والتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان وغيرها من الإجراءات، الى إقناع مجموعة العشرين والمنظمة الدولية بامتلاكه كل الأسلحة المناسبة لجبه التهرب الضريبي.

كنعان
وفي اتصال مع «الوكالة الوطنية للاعلام»، لفت رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان الى «ان لجنة المال والموازنة اقرت مشاريع قوانين عدة احيلت اليها من الحكومة والمتعلقة بالتبادل الضريبي ونقل الاموال عبر الحدود وتبييض الاموال وتمويل الارهاب، وقد اقر المجلس النيابي بهيئته العامة هذه القوانين، في ظل الفراغ الرئاسي وتحت عنوان تشريع الضرورة».
اما بالنسبة الى «أي مشاريع أخرى فإن هذه المشاريع لم تتم احالتها الى اللجنة، وفي انتظار ذلك نحن مستعدون لمناقشة اي مشروع قانون عند احالته».

طربيه: لبنان ملتزم
وفي هذا السياق، أوضح رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس جمعية المصارف في لبنان الدكتور جوزف طربيه خلال مؤتمر الحوار المصرفي العربي – الأوروبي في دورته الثالثة في باريس أمس «أن لبنان ملتزم رسمياً اعتباراً من 11 أيار (مايو) 2016 تنفيذ تبادل المعلومات وفقا لمتطلبات منظمة التعاون والتنمية، ويثبت على هذا النحو تعاونه على الرغم من التحديات الرئيسية التي تواجهها البلاد في تنفيذ مثل هذا التعهد، مع ضرورة إصدار قوانين جديدة».
ولفت الى أن «هناك عقبات أمام تنفيذ تبادل المعلومات التلقائي»، وقال: «إن العوائق الرئيسية هي شلل المؤسسات الدستورية والحياة السياسية في البلاد، وعدم انتخاب رئيس على مدى العامين الماضيين، وإغلاق البرلمان وشلل الحكومة».
وحذر طربيه من أن «السياسة في لبنان أصبحت رهينة حرب على حدود البلاد»، مشدداً على «التزام لبنان والمصارف الشفافية المالية». وقال: «التزام الشفافية المالية ضروري، ونحن نعتمد على تفهم أصدقائنا في المجتمع الدولي مثل منظمة التعاون والتنمية لتنفيذ التزاماتنا تدريجاً».
وشدد على أن «النظام المصرفي القوي في لبنان الذي يشرف عليه مصرف لبنان، والذي بقي في منأى عن التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية، برهن مراراً التزامه التشريعات الدولية كتلك الصادرة عن «لجنة بازل» وقانون «فاتكا» الاميركي وغيرهما»، مشيراً إلى «الثبات في التزام طريق الشفافية الضريبية، والاعتماد على تفهم أصدقائنا في المجتمع الدولي كمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لحاجتنا إلى الوقت لإصدار القوانين الضرورية». وشدد على أن «مكافحة الجريمة على أنواعها، أصبحت من نسيج عمل المصارف التي تساهم في نشر الشمول المالي وبطريقة ما، تشارك في صنع السلام».
ولفت الى أن «لبنان الذي يعاني تداعيات الحرب السورية على حدوده، ويرزح تحت حمل دفق النازحين السوريين على أراضيه والذين بلغ عددهم 1.5 مليون نازح، أصبحوا يشكلون 40% من السكان في بلد مثقل بالدين العام ويفتقر الى الموارد الطبيعية، ويتحمل مليارات الدولارات لتسديد حاجات النازحين في خدمات حياتية كثيرة كالصحة والتعليم وغيرهما».
واخيراً، يبقى السؤال هل ستنجح الحكومة اللبنانية في منع وضع لبنان على اللائحة السوداء في نهاية ايلول (سبتمبر) الحالي؟

الوكالة الوطنية للاعلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق