سياسة لبنانية

قوى 8 اذار تشترط منحها الثلث المعطل ومعادلة “الشعب والجيش والمقاومة”

يتمسك الرئيس المكلف تمام سلام بالصلاحيات التي منحه اياها الدستور في عملية التأليف، ويرفض اية مشاركة في حقوق كفلها الدستور الى الرئيس المكلف. لم يقيد الدستور الرئيس المكلف بمهلة زمنية للتأليف ولم يضع قيوداً عليه حتى ان الاستشارات النيابية التي يجريها هي غير ملزمة، خلافاً لتلك التي يجريها رئيس الجمهورية التي هي ملزمة، غير ان الرئيس المكلف يستأنس بآراء الكتل بعد ان يستمع الى مطالب القوى السياسية ويعمل على تأليف الحكومة بعد ان يستوحي من مواقف الكتل التصور والرؤية لما قد تكون عليه الحكومة.

سارع الرئيس تمام سلام فور تكليفه الى تسمية الحكومة العتيدة، بـ «حكومة المصلحة الوطنية»، والى تحديد طبيعة عملها وهو الاشراف على الانتخابات، مشدداً على ضرورة التزام هذا الاستحقاق.
وحرص سلام بعد ان انتهى من استشاراته النيابية على اطفاء محركاته والانصراف الى مشاورات بعيدة عن الاضواء لانضاج الطبخة الحكومية، رافضاً الدخول في بازار الاسماء والحقائب، مفضلاً استعجال خطوة التشكيل، مستفيداً من اجماع 124 نائباً ايدوا تكليفه لاستثماره وتوظيفه في التأليف، رافعاً شعار من يريد اجراء الانتخابات خلال هذا العام فليمنح الحكومة الثقة، في محاولة لكشف النوايا وفضح الخبايا، بعدما كثرت التساؤلات حول العوامل التي ادت الى هذا الاجماع، رغم ان الانقسام لا يزال قائماً بين القوى السياسية، والاصطفاف لا يزال حاداً بين 14 و8 آذار.
وخلال لقاء الرئيس سلام مع وفد من 8 آذار بناء على طلب الاخير وعلى رغبة بعض المواقع السياسية والمقارالمسؤولة، رحب المراقبون بالشكل وتبين لهم ان الاتفاق على المضمون كان غائباً وان الطرفين لم يتوصلا الى اتفاق والى قواسم مشتركة، فطالب اعضاء الوفد سلام بحكومة سياسية رافضين  حكومة حيادية غير جزئية، اعضاؤها غير مرشحين، وطالبوا بأن تنحصر تسمية المستوزرين برؤساء الكتل لا أن تعرض عليهم الاسماء او تسقط عليهم بالمظلة. وان يتم التمثيل في الحكومة وفق الاحجام، وان تختار الكتل الحقائب التي تريد لا ان تفرض عليها هذه الحقيبة او تلك، والمطالبة بالثلث المعطل وبحقائب خدماتية منها الطاقة والاتصالات لوزراء عونيين. واعلن اعضاء الوفد انهم يرفضون حكومة تكنوقراط في هذه المرحلة. وطالبوا بالاتفاق على قانون الانتخاب قبل تشكيل الحكومة خشية ان تشكل الحكومة ولا تجرى الانتخابات.

رد سلام
رد سلام على المطالب بالقول انه حريص على التزام ما ينص عليه الكتاب (الدستور) ويتقيد بمضمونه وبروحيته. فالمشترع كان واضحاً في التحدث عن دور وصلاحيات الرئيس المكلف، فالاستشارات النيابية التي يجريها الرئيس المكلف غير ملزمة كما هي على رئيس الجمهورية، فلو ارادها ملزمة لحدد ذلك، كما انه لم يحدد فترة للتشكيل. ويقول الرئيس المكلف: انني حددت لنفسي عشرة ايام، لاعلن عن التشكيلة الوزارية. ولم يقيد المشترع الرئيس المكلف،ولم يضع ضوابط له لانه هو من يختار اعضاء الحكومة ويوزع الحقائب بما يتناسب مع سياسته ومع العوامل التي توفر له الاجواء الايجابية لنيل الثقة. ويحاول سلام ضرب الحديد وهو حام اي انه يفضل استعجال خطوات التأليف.
وفي الوقت الذي كان الرئيس سلام يسعى لتذليل العقبات التي تعترض عملية التأليف، شن الوزير جبران باسيل هجوماً على الوسطية مستخدماً ابشع النعوت قائلاً انها تحمله على «التقيؤ» بعدما تبين ان مساحة الوسطية تتسع يوماً عن يوم. ويشدد على توزير من لهم طعم ولون ونكهة، اي السياسيين، خصوصاً ان القرار السياسي بات في مجلس الوزراء، وليس خارجه. ويرد نواب شاركوا في اجتماعات الطائف، على القول بأن القرار السياسي بات في مجلس الوزراء، وهو يأتي من ضمن نزع صلاحيات رئيس الجمهورية. فالقرار السياسي قبل الطائف كان عند رئيس الجمهورية وبعد الطائف بات في مجلس الوزراء، اي ان الوزراء مجتمعين يتخذون القرار وليس شخصاً او فرداً مهما علا شأنه، وهذا لا يعني ان على مجلس الوزراء ان يتألف من سياسيين وفق ما يحاول ان يفسر البعض.
ويعطي نواب شاركوا في الطائف امثلة كثيرة على فشل الحكومات السياسية وحكومات الوحدة الوطنية التي باتت حكومة شلل وطني، كما يطلق عليها التسمية احد نواب قوى 14 اذار، بعدما باتت هذه الحكومات تختصر الحياة السياسية، فتعطل مجلس النواب اذ تحولت حكومات الوحدة الوطنية الى «مجلس مصغر»، يضم كل مكونات المجلس من موالين ومعارضين، وغابت المراقبة والمحاسبة والمساءلة، لهذه الحكومات التي لم تحقق شيئاً ولم تتجاوب مع تطلعات المواطنين لانها تحولت الى حكومة المصالح والخدمات الخاصة، وتبين ان الانتاجية على صعيد الوزارة كانت في الحكومات غير السياسية التي كان اعضاؤها يقدمون الخدمات للمواطنين انطلاقاً من انهم قرروا ان يعطوا لا ان يأخذوا مكاسب من موقعهم الوزاري.
وتعتبر اوساط في قوى 14 آذار ان الاكثرية السابقة لم تع حقيقة التغيير الحاصل في المنطقة. وان ما جرى ليس الا انقلاباً على انقلاب 2011 الذي قادته ايران وسوريا عبر ادوات لبنانية. غير ان التطورات الحاصلة في المنطقة دفعت باتجاه التغيير وقلب موازين القوى. وينقل سياسي عن مصادر ديبلوماسية غربية قوله ان رسالة ايران الى حزب الله بعد استقالة حكومة نجيب ميقاتي واضحة. فهي تقوم على عدم عرقلة مهمة الرئيس المكلف تمام سلام لا بل على تسهيلها. وعدم افتعال اية مشكلة سياسية او امنية على الساحة، وانطوت الرسالة على نصح الحزب بعدم المشاركة في الحكومة. وان الخيار الافضل ان يبقى خارج السلطة في هذه المرحلة. ويقول نائب في قوى 14 اذار ان الاجماع النيابي على تسمية تمام سلام يؤكد اجواء التغيير، وان الموقف الايراني المؤيد لتسمية سلام، على رغم وقوف السعودية وراء اختيارسلام وترحيبها بتسميته، يعكس المناخ التغييري في المنطقة.
وايدت قوى 8 آذار لا سيما حزب الله تكليف تمام سلام، غير ان مقاطعة العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية الاستشارات وعدم تسميتهما سلام يعودان الى رغبة سورية كما قال احد نواب المستقبل لأن الرجلين يتحركان من منطلقات سورية، من دون الاخذ بعين الاعتبار المتغيرات في المنطقة، خصوصاً ان الموقف الايراني برز بعد تضعضع مشروع الممانعة الذي تقوده ايران وسوريا.
ويحاول الرئيس نبيه بري لعب دور الوسيط بين قوى 8 آذار والرئيس تمام سلام، مؤكداً لحلفائه ان سلام يسعى الى حكومة غير مرشحين، انطلاقاً من ان حكومته ستشرف على الانتخابات، وعلى الاطراف استعجال الخطوات لانضاج قانون جديد تجري الانتخابات على اساسه خلال هذا العام، وبعد تمديد تقني للمجلس لمدة ثلاثة اشهر، بحيث تحصل الانتخابات في شهر ايلول (سبتمبر) المقبل، وعلى رغم اصرار التيار الوطني الحر على الاشتراك في الحكومة والاحتفاظ بحقيبتي الاتصالات والطاقة تؤكد اوساط الرئيس المكلف ان تشكيلة الحكومة ستفاجىء الرأي العام وستضعف حجة المعترضين والمعارضين بعد ان يختار الحزب والتيار عدم المشاركة في حكومة الانتخابات، والانصراف في خط المعارضة تحضيراً للمعركة الانتخابية.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق