افتتاحية

ولادة صعبة… والآتي اصعب

واخيراً وبعد مخاض طويل وعسير فاق كل المهل وضرب رقماً قياسياً، ولدت الحكومة، وكانت العقد تطوق هذه الولادة حتى اللحظة الاخيرة، الى ان توصل المعنيون الى اتفاق على توزيع الحصص والمغانم على المحظوظين، متجاوزين مبدأ المداورة ولو بنسبة قليلة ومسقطين صيغة 8-8-8. فالمهم ان الجميع وصلوا الى نيل حصتهم كاملة وانتفت الشكوى. لقد نادوا بصيغة 9-9-6 وتمسكوا بها وعارضها الفريق الآخر وبقي كل طرف على موقفه الى ان ازيلت المطبات، وفجأة وبقدرة قادر حلت العقد وعادوا الى صيغة ثلاث ثمانيات. غير ان هذه العودة لم تؤد الى حل واستمر التجاذب والنزاع الى ان وصل الفرج.
انها مهزلة ليس بعدها مهزلة. ولكنها ليست بعيدة عن سياسيينا الذين خبرناهم وعرفنا من اي طينة هم. فما يكون مرفوضاً اليوم يصبح مقبولاً غداً والعكس بالعكس، المهم ان تتأمن المصالح الشخصية والمصالح الاقليمية دون الالتفات الى مصلحة الوطن الذي يضم الجميع، والذين يؤمن لهم هذه الساحة الفسيحة، يصولون فوقها ويجولون. فهو كريم معطاء وهم يغرفون منه ما لذ وطاب دون اي خجل، ودون ان يقدموا له شيئاً.
والمضحك المبكي ان الامر وصل بهم الى قبول شخص في وزارة ما، ورفضه في وزارة اخرى. فكأن الوزارة هي ملك لهذا الشخص ولا يدركون ان الوزارات كلها مسخّرة لخدمة المواطنين والوطن بالنسب عينها. أفلا يعني ذلك ان الهدف هو الكيدية وعرقلة مسيرة الدولة لغايات باتت معروفة من الجميع؟ هل ان هذا الوزير يكون سيئاً في هذه الوزارة وصالحاً في اخرى؟ ان كان سيئاً فلا يجوز ان يقبلوا بدخوله الى الوزارة، وان كان صالحاً ووطنياً فمن العار ان يضعوا العراقيل في وجهه، استجابة لحقد دفين وانتقاماً من مواقف اتخذها هذا الشخص ولم ترق لهم.
اما كيف  استقبل الرأي العام هذه الحكومة فيمكن القول ان الحذر كان سيد الموقف. فالمواطنون يعلمون ان مطبات كثيرة ستواجه الحكومة الجديدة قبل الوصول الى الحكم، فان استطاعت تجاوزها حكمت، والا فالامور باقية على حالها رغم معرفتهم بأنها حتى ولو حكمت لن تستطيع ان تفعل المعجزات، نظراً للظروف الصعبة التي يجتازها لبنان والمنطقة كلها.
فالخوف  اليوم من الا تتمكن الحكومة من صياغة البيان الوزاري. وقد دلت التصريحات التي اعقبت التشكيل وعلى لسان بعض الوزراء ان قوى 14 اذار متمسكة بتضمين البيان الوزاري، «اعلان بعبدا» والتخلي عن ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، فيما يعلم الجميع ان قوى 8 اذار سبق  لها ان نعت «اعلان بعبدا» رغم توقيعها عليه، وانها متمسكة بالثلاثية الشهيرة «جيش وشعب و مقاومة»، فكيف سيتم التوفيق بين هذين الموقفين المتناقضين؟
ومن هي الجهة القادرة على تدوير الزوايا والخروج بصيغة ترضي الطرفين؟
لقد سبق لقوى 14 اذار ان قدمت الكثير من التنازلات وهي تقول انها فعلت ذلك من اجل الوطن ولقطع الطريق على الذين يعملون على التعطيل بهدف الوصول الى الفراغ ان في السلطة التنفيذية او في رئاسة الجمهورية، وقد اصبحت الانتخابات على الابواب. فهل ستعمل هذه المرة ايضاً على تقديم تنازلات تسهل نيل الحكومة الثقة؟ وان فعلت الا تخشى من ان تشهد انقسامات في داخلها، خصوصاً وان «القوات اللبنانية» عارضت دخول حكومة يشارك فيها حزب الله، قبل ان يسحب مقاتليه من سوريا ويلتزم القوانين اللبنانية ويعود الى كنف  الدولة، وبقيت خارج الحكومة؟
ان الوضع صعب ومعقد والايام المقبلة سترسم الطريق التي ستسلكها الحكومة ومعها البلد كله. فليت النتائج تكون ايجابية.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق