تحقيق

«الأميركية» تطلق بحثاً واعداً: الطحالب مصدر للتغذية والوقود

قام فريق بحثي من الجامعة الاميركية في بيروت بتحديد أصناف عدة من الطحالب الدقيقة تملك إمكانات واعدة لأن توّفر مصدراً للتغذية الوافية والوقود.

ويقوم البروفسور  يوسف أبو جودة، من كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت، بدراسة أصناف الطحالب في لبنان منذ سنتين تقريباً، في سياق مشروع يموّله الاتحاد الأوروبي ويُدعى: «إنتاج الوقود الطبيعي من الطحالب الدقيقة في دول أوسطية مختارة».
وكان هذا المشروع قد أُطلق في العام 2012 لتحديد موارد متجددة للطاقة تكون نسبة التكلفة إلى المنفعة فيها جيّدة.
والجامعة الأميركية في بيروت، والجمعية اللبنانية لتوفير الطاقة وللبيئة، عُضوان في مجموعة من 12 مؤسسة من ست دول شرق أوسطية أرست شراكة في هذا المشروع. وهذه الدول هي بالاضافة إلى لبنان، قبرص، واليونان، وإيطاليا، ومالطة، ومصر. ويشرف على المشروع معهد الأبحاث الزراعية في قبرص بالتعاون مع الوكالة القبرصية للطاقة. ويُتوقّع أن يسلك المشروع طريقه إلى النجاح.
وكان البروفسور أبو جودة قد اكتشف خلال أبحاثه عن انتاج الوقود من الطحالب أن بعض الطحالب موضوع الدراسة يمكن أن تشكّل مصدراً ممتازاً للبروتينات ومكمّلات غذائية أُخرى. وأوضح: «حتى الآن حدّدنا 21 صنفاً من الطحالب على طول الشاطىء اللبناني باستعمال أدوات بيولوجية جزيئية، وأجرينا تحاليل معمّقة لأربعة أصناف منها، وجاءت النتائج الأولية مثيرة».

على سواحل جونية وجبيل
وتتميّز الطحالب الدقيقة على ساحل جونية باحتوائها لمستويات عالية من الحمض الدهني أوميغا-3، وهو غذاء أساسي للصحة ومضاد للأكسدة ويوجد عادة في السمك.
كما أن صنفاً من الطحالب الدقيقة المسحوقية في جبيل، يشكّل البروتين عشرين بالمئة من محتوياته، وهذه النسبة تُعتبر مرتفعة.  وقال البروفسور أبو جودة: «اللحم الأحمر يحتوي على النسبة ذاتها من البروتين، أي أن هذا الصنف من الطحالب الدقيقة يمكن استعماله كمصدر غذاء أو طعام للحيوانات، خصوصاً أن نسبة البروتين يمكن مضاعفتها بتعديل ظروف زراعة هذه الطحالب الدقيقة».
ولفت البروفسور أبو جودة إلى أن نسبة الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة مثل الأوميغا-3 في احد الطحالب الدقيقة اللبنانية كانت أعلى من تلك الموجودة في أصناف من الطحالب الدقيقة في دول شرق أوسطية أُخرى تشارك في الدراسة. لكنه قال إنه غير راضٍ عن نسبة الوقود الطبيعي في الطحالب الدقيقة التي يدرسها. إلا أنه أردف: «رغم ذلك عندي توقّعات كبيرة. فإذا حسّنا ظروف النمو من الضوء ومستوى المغذيات في الماء ، لتوصّلنا إلى نتائج رائعة».
ولاختبار ظروف النمو، يقوم البروفسور أبو جودة بزراعة الطحالب في أوعية وأوساط مختلفة تشمل مفاعلات حيوية أسطوانية ومسطّحة وبرك ضحلة.
وخلال التجارب المخبرية، لم تنتج الطحالب وقوداً طبيعياً بقدر ما أنتجته طحالب استعملت للقياس، من جامعة أثينا الوطنية. لكن الطحالب في البرك الضحلة أنتجت من الوقود الطبيعي كمية موازية لما أنتجته طحالب القياس. ويعتقد البروفسور أبو جودة أنه يمكن تحسين نسبة انتاج الوقود الطبيعي من الطحالب الدقيقة عبر تعديل ظروف الاختبارات. وقال: «إنني واثق أنه يمكننا مضاعفة فعالية نظامنا مرات عدة، مما سيحسّن نسبة الانتاج بشكل  مماثل».

مصدر للوقود النظيف
وقال البروفسور أبو جودة إنه على عكس المحاصيل الزراعية المستعملة لانتاج الوقود الطبيعي، فالطحالب الدقيقة لا تنافس الانتاج الزراعي التقليدي. كما أن الطحالب الدقيقة قد تُستخدم كمصدر للوقود الحيوي النظيف. وعلى عكس الوقود التقليدي الأحفوري، فالطحالب الدقيقة ستمتصّ من الجو أي كمية من ثاني أوكسيد الكاربون ستنبعث خلال عملية انتاجها للوقود الطبيعي، وذلك لتستكمل نموّها.
ومن الفوائد الجانبية المحتملة لهذه التجربة توليد منتجات مضادة للفطريات والبكتيريا والسرطان والالتهابات، من الطحالب. ويضيف البروفسور أبو جودة أن الطحالب قد تملك مكوّنات يمكن استعمالها في مستحضرات التجميل، مثل الكلوروفيل والبيتا- كاروتين. كما أن طحالب أُخرى قد تستعمل لمعالجة المياه المبتذلة.
وقال البروفسور أبو جودة: «الأمر الرائع في الجامعة الأميركية في بيروت أننا كلنا على مقربة من بعضنا البعض، وبإمكاننا أن نتعاون في دراسات مختلفة لانتاج أبحاث مفيدة».
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق