دولياترئيسي

تيريزا ماي سيدة بريطانيا الجديدة

تولت تيريزا ماي رسمياً امس الاربعاء منصب رئيسة وزراء بريطانيا ووعدت بان تقوم بلادها بدور «جريء وجديد وايجابي»، وذلك بعد اقل من ثلاثة اسابيع من اختيار البريطانيين الصادم الخروج من الاتحاد الاوروبي.

وتخلف وزيرة الداخلية السابقة في هذا المنصب ديفيد كاميرون، لتصبح ثاني امرأة تتولى هذا المنصب بعد مارغريت تاتشر.
وبعد ان دعتها الملكة اليزابيث الثانية في اجتماع في قصر بكنغهام، الى تشكيل حكومة جديدة، وصلت ماي الى مقر الحكومة «10 داوننغ ستريت» واعدة بان تقود حكومة تواجه «انعدام العدالة» في البلاد.
وصرحت للصحافيين والى جانبها زوجها فيليب «نحن نواجه بعد الاستفتاء تغييراً هائلاً على مستوى البلاد، وانا اعلم انه لاننا بريطانيا العظمى فاننا سنتمكن من مواجهة هذا التحدي».
واضافت «ونحن نغادر الاتحاد الاوروبي سنحدد لانفسنا دوراً جديداً ايجابياً في العالم (…) وسنجعل بريطانيا تعمل ليس لمصلحة القلة المحظية ولكن لمصلحة الجميع».
وآخذة بعين الاعتبار تصويت معظم الاسكتلنديين لصالح البقاء في الاتحاد الاوروبي فيما صوتت انكلترا وويلز لصالح الخروج، قالت ماي ان المحافظة على المملكة «العزيزة» موحدة هو من اولوياتها.
ويصر قادة الاتحاد الاوروبي على ضرورة البدء الفوري في اجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد بعد استفتاء 23 حزيران (يونيو) الذي صدم العالم وادخل بريطانيا في حالة من الغموض.
وكان رئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر من بين اول من تقدموا بالتهنئة لماي، واعرب عن امله في ان يلتقي بها «قريباً».
وقال ان «نتيجة الاستفتاء البريطاني خلقت وضعاً جديداً يتعين على بريطانيا والاتحاد الاوروبي معالجته قريباً».
وكانت ماي قد ايدت بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي قبل الاستفتاء، الا انها اكدت انها ستحترم تصويت الشعب، واكدت مراراً «قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي اتخذ». الا انها رفضت طرح جدول زمني لذلك.

«كنت انا المستقبل»
في وقت سابق ادلى رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون كلمته الاخيرة في مقر الحكومة والى جانبه زوجته سامانثا واطفاله الثلاثة، حيث تمنى لبريطانيا «استمرار النجاح».
وقال كاميرون عن سنواته الست في الحكم «لم تكن رحلة سهلة، وبالطبع لم تكن جميع قراراتنا صحيحة، ولكنني اعتقد اليوم ان بلادنا اقوى بكثير».
وبعد ذلك زار قصر باكنغهام حيث قدم استقالته للملكة التي قبلتها.
وقدم كاميرون نصيحة لخليفته ماي التي عملت وزيرة للداخلية في حكومته.
وقال للوزيرة السابقة التي كانت تجلس الى جانبه «نصيحتي الى خليفتي، التي هي مفاوضة لامعة، ان علينا ان نحاول البقاء قريبين قدر الامكان من الاتحاد الاوروبي لمصلحة التجارة والتعاون والامن».

«علاقة عمل مثمرة»
تعهدت ماي في حملتها لتولي رئاسة الوزراء بان تكون اليد الامينة التي ستساعد على تجاوز حزب المحافظين لانقساماته، واستعادة ثقة المستثمرين في مواجهة احتمالات تباطؤ الاقتصاد.
وخلال توليها وزارة الداخلية على مدى السنوات الست السابقة، حصلت ماي على تأييد كبير من زملائها في الحزب ومن الصحف البريطانية التي عادة ما تكون متشككة. وتلقى شعبية كبيرة في معقلها في ميدنهيد (غرب لندن) التي يسكنها افراد الطبقة الوسطى ذوو المستوى الاجتماعي الجيد. وتمثل ماي هذه المنطقة منذ 1997.
ورغم ان ماي ليست معروفة على المستوى العالمي، الا ان رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك قال انه يتطلع الى «علاقة عمل مثمرة» معها.
وقال زعماء الاتحاد الاوروبي انهم يتوقعون من ماي التحرك بسرعة، واعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي انهم سيعقدون قمة في اب (اغسطس) لبحث نتائج الاستفتاء البريطاني.
وسيراقب المستثمرون الايام الاولى من تولي ماي منصبها ولكن بتفاؤل اكبر بعد تحسن سعر الجنيه الاسترليني الذي خسر ما يصل الى 15% من قيمته مقابل الدولار في الايام التي تلت التصويت على البريكست.
اما مهمتها الكبيرة الاخرى فتتمثل في منع اسكتلندا المؤيدة للبقاء في الاتحاد الاوروبي، من السعي للاستقلال عن البلاد من اجل البقاء في الاتحاد، اضافة الى عقد تحالفات تجارية ودبلوماسية جديدة خارج نطاق الاتحاد الاوروبي.
وقال البنك المركزي البريطاني انه سيكشف الخميس عما اذا كان سيخفض اسعار الفائدة لاول مرة منذ اكثر من سبع سنوات لتقليل تاثيرات البريكست على الاقتصاد.

نشأت في أسرة من الطبقة الوسطى
ولدت تيريزا ماي في الأول من تشرين الأول (اكتوبر) 1956 بمدينة إيستبورن في مقاطعة سوساكس جنوب العاصمة البريطانية لندن وكانت تنتمي إلى الطبقة الوسطى حيث كان والدها كاهناً، وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية فقد كان حلم الحياة السياسية يراودها منذ سن الثانية عشرة، والتحقت بمدرسة سانت هيغ كالاج في أكسفورد الخاصة بالفتيات حينذاك، حيث درست مادة الجغرافيا.
ووجدت ماي التي لم يكن لديها أشقاء نفسها دون عائلة في سن الخامسة عشرة، حيث فقدت والدها في حادث سير، وتوفيت  والدتها بعد أشهر قليلة من ذلك إثر إصابتها بمرض عضال. ليصبح زوجها فيليب ماي، الذي تعرفت عليه في سن الرابعة والعشرين خلال حفل راقص، كل عائلتها.
طيلة مسيرتها السياسية، ظلت الحياة الشخصية لماي بعيدة عن وسائل الإعلام وعدسات المصورين، فما يعرف عنها أنها امرأة متحفظة وتكره الأضواء حتى أنها لا تحبذ كثيراً الظهور الإعلامي، ونقلت صحيفة «يو أس آي توداي» الأميركية  عنها في حزيران (يونيو) الماضي «لست سياسية استعراضية، ولا أجوب بلاتوهات القنوات التلفزيونية ولا أتحدث عن الآخرين خلال مأدبات الغداء…».
غير أنها قامت بتصريح مفاجىء لصحيفة الدايلي مايل أوائل الشهر الجاري، عن جانب من حياتها الخاصة حيث أعربت عن «أسفها لعدم تكوينها أسرة مع زوجها ولا إنجابهما أبناء وقالت إن ذلك أثر فيهما بالطبع إلا أن الزوجين يقبلان ما وهبتهما الحياة».

مسيرة سياسية متنوعة وحازمة في مواضيع الهجرة
بدأت ماي مسيرتها المهنية في الاقتصاد حيث التحقت ببنك إنكلترا في 1986 ثم انتخبت كمستشارة في إقليم لندن ميرتون قبل أن تتخلى عن المنصب في 1994 وانتخبت في 1997 نائبة محافظة في دائرة مليدنهاد جنوب إنكلترا. وفي 2002 أصبحت النائبة العامة لحزب المحافظين.
وشغلت مناصب متعددة في صلب حزب المحافظين بين 1999 و2010 حيث كلفت بملفات البيئة والأسرة والثقافة وحقوق المرأة والعمل. كما كانت سنداً قوياً لديفيد كاميرون وعندما أصبح الأخير رئيساً للوزراء في 2010 منحها وزارة الداخلية وحافظت على هذا المنصب الحساس حتى بعد إعادة انتخاب كاميرون رئيساً للوزراء في 2015، وانتهجت سياسة حازمة بخصوص الهجرة والأئمة الإسلاميين المتطرفين ومشاكل الانحراف وحذفت قاعدة لم الشمل العائلي بالنسبة الى الأسر الفقيرة من المهاجرين، كما عارضت مشروع استقبال حصص من المهاجرين التي اقترحها الاتحاد الأوروبي.
وبخصوص البريكسيت ظلت تيريزا ماي وفية لديفيد كاميرون الذي دعا إلى بقاء بريطانيا في منظومة الاتحاد الأوروبي إلا أن البعض أخذ عليها عدم مشاركتها بنشاط في الحملة المؤيدة للبقاء.
واستنادا إلى تقارير إعلامية فمن المرجح أن تختار تيريزا ماي نساء في مناصب وزارية ضمن الحكومة الجديدة التي ستقترحها.

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق