سياسة لبنانية

مؤتمر مركز البحوث للجيش: زعيتر: لبنان سيبقى بلد الاعتدال

قهوجي: الإرهاب الخطر الأول على المنطقة وسنواصل محاربته

افتتح مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني، مساء أمس، المؤتمر الإقليمي السادس بعنوان «الشرق الأوسط في ظل النظام العالمي الجديد، وتداعيات الصراع العالمي على المنطقة»، في فندق المونرو في بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ممثلاً بوزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر. ويستمر لغاية 15 الحالي.

القى كلمة راعي الاحتفال الوزير زعيتر، فقال: «ان انعقاد المؤتمر يأتي استكمالاً للمؤتمرات السابقة والهادفة الى تسليط الضوء على المشاكل البنيوية العميقة التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط والتي أفرزت منذ العام 2011 واقعاً جديداً شديد الصعوبة والتعقيد، مليء بالحروب والتهجير والظلم والإرهاب الذي لم يشهد التاريخ مثيلاً له من قبل، وسيثابر عبر مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية لديه في الإنفتاح على كل الطاقات المتاحة كسبيل وحيد لتبادل الأفكار والرؤى حول الأزمات الوجودية التي تتخبط بها المنطقة برمتها».
أضاف: «ان الأعباء الأمنية والدفاعية الكبيرة الملقاة على عاتق الجيش لم ولن تثنيه في يوم من الأيام عن القيام بواجبه الإنمائي، ونشاطاته الثقافية والفكرية، فالجندي اللبناني يعتبر الوطن بيته الكبير والمواطنين أهله وإخوته، وهذا ما يجعله أكثر استبسالاً في الدفاع عن وطن شارك في نهوضه وإنمائه وتطويره».
وتابع: «يمر الشرق الأوسط حالياً ومنذ سنوات خلت بمرحلة تغيرات دراماتيكية، تاريخية، تشهد تبدلات بنيوية، إقتصادية، سياسية، اجتماعية لا مثيل لها وأحياناً لا يمكن فهم أو تدارك هذه التغيرات، حيث تعتبر المنطقة الأكثر غموضاً ومفاجآت خلال العقود الأخيرة».
ولفت الى «إننا في لبنان في هذه المنطقة الواقعة حالياً على صفيح ساخن في هذا البلد المميز، الفريد الذي يمتلك دستوراً ديموقراطياً يدافع عن الحريات فهو الذي يؤمن ان الإعتدال هو ما سينتصر في بلادنا وهذا الدستور الذي حورب خلال عقود وعقود أثبت انه وبتطبيقه واحترامه والمحافظة عليه سيبقى بلد الإعتدال والمحبة والتسامح واللقاء وملتقى الحضارات، والمفتاح بين الشرق والغرب، والبوابة المستقبلية للمشاريع الإنمائية والإقتصادية التي ستنطلق بعد استتباب الأوضاع في المنطقة».
ورأى ان «ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط باختصار تفرض علينا كلبنانيين لعب دور المنقذ في خلاص هذه المنطقة، وعلينا أن نستعيد دورنا كعنصر خلاصي وإنقاذ».
وختم زعيتر بالقول: «رغم الأخطار والتحديات التي عصفت بالمنطقة ولا تزال، وطاولت رياحها العبثية وطننا الصغير، إلا اننا لا نزال في التجربة اللبنانية الفريدة الفذة التي ترتكز على مبدأي التنوع في الوحدة والوحدة في التنوع، نافذة أمل وخلاص لجميع شعوب هذه المنطقة، لا بل نعتبرها بمثابة السد المنيع في مواجهة التطرف والإرهاب والفتنة والفوضى، لأن هذه التجربة تحاكي بطبيعتها القيم الإنسانية والحضارية الشاملة وتتماشى مع سكة التطور والتقدم والحداثة».

ابي فراج
ثم ألقى مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش العميد الركن فادي ابي فراج كلمة استهلها مرحباً بالحاضرين، وقال: «يعتبر التردي الإقتصادي وصعود الحركات الأصولية، من أبرز العوامل التي ساهمت وتساهم في التغيرات الجارية في العالم العربي ومحيطه، ولم يعد استقرار المجتمعات مقتصرا على أمن الحدود أو الأمن الداخلي فحسب، بل تعدى ذلك الى الأمن الإجتماعي والإقتصادي والسياسي، والحفاظ على الخصوصيات الثقافية والدينية والإثنية. ان رؤى دول منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً العربية منها، للمخاطر والتهديدات التي تمس أمنها، هي رؤى متفاوية الى حد كبير، تشير الى عدم اتفاق على استراتيجية للمواجهة، ونقص في توفير المتطلبات والأدوات اللازمة لتحقيق هذا الأمن، وبالتالي هي بحاجة الى حوارات ونقاشات، تشكل قاعدة الانطلاق لوضع استراتيجية موحده في مواجهة جميع المخاطر».
اضاف: «لقد اعتاد مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني على أخذ المبادرة في كل عام، بتنظيم مؤتمر إقليمي، يضم نخباً فكرية وثقافية على مستوى عال، بغية اطلاق نقاشات وحوارات حرة ومنتجة، وذلك لقناعتنا وإيماننا بأن هذه النقاشات والحوارات ومقارباتها الموضوعية، لمختلف القضايا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والأمنية، هي الحجر الأساس في الإنتقال من موقع المتلقي الى موقع المدرك للحدث، وبالتالي اقتراح المناسب لمواجهة مختلف التحديات والأحداث ومعالجتها».

قهوجي
وختاماً، تحدث العماد قهوجي فقال: «يأتي انعقاد هذا المؤتمر في لبنان وللمرة السادسة على التوالي بتنظيم من الجيش اللبناني، ليعبر مجدداً عن إرادة مؤسستنا العسكرية في التفاعل مع الطاقات العلمية والفكرية، الوطنية منها والخارجية، وتبادل الخبرات والأفكار والطروحات، بما يسلط الضوء على واقعنا العربي والشرق أوسطي عموماً، وذلك إدراكاً منا انه ليس بالبندقية وحدها تحمى الأوطان، بل أيضاً بالمعرفة التي تحدد وجهة تلك البندقية وتنير الطريق الى الحقيقة، كما انه ليس بالقوة وحدها يصان الأمن وتحل المشكلات والمعضلات، بل ايضا بالرؤية الصائبة والتخطيط الجيد القائم على أسس علمية وواقعية».
اضاف: «انه لمن المؤسف حقاً، بعد مرور نحو خمس سنوات، والعالم العربي لا يزال ينزف دماً وخراباً وتهجيراً، في ظل رؤية ضبابية لما يمكن أن تؤول اليه الأحداث والتطورات المتسارعة، فمشهد النزاعات العسكرية، لا يزال غير واضح، وصورة الحلول السياسية المنشودة لم تكتمل بعد، فيما يستمر الإرهاب في ممارسة جرائمه الوحشية داخل المنطقة وخارجيها، على الرغم من الضربات القاسية التي تلقاها خلال الأشهر الأخيرة على يد أكثر من جهة».
وأكد «ان هذا الواقع المأساوي الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط، يدفعنا الى البحث بالعمق عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلفه، ومن بين هذه الأسباب بالتأكيد، ما يرتبط بموضوع مؤتمرنا اليوم، الذي يتناول مسألة الشرق الأوسط في ظل النظام العالمي الجديد، وتداعيات الصراع العالمي على المنطقة».
وقال: «أمام تشابك المصالح الدولية على أرض المنطقة، وصراع الأفكار والإرادات والإيديولوجيات، وتفشي ظواهر العنف والإرهاب على نطاق واسع، معطوفة على وجود مستويات عالية من الفقر والجهل والبطالة، يبقى الأمل معقوداً على جيل الشباب، كما على النخب الفكرية والثقافية والإجتماعية، لإحداث ثورة حقيقية في التطوير، قادرة على إعادة النهوض من جديد، وتحصين المنطقة من الأخطار والتحديات وفقاً للضرورات والأولويات».
اضاف: «لا شك في ان الإرهاب يشكل الخطر الأول على بلدان المنطقة، كونه يسعى بفكره الإلغائي الهدام، الى تفكيك النسيج الإجتماعي للشعوب، وضرب بنية الدول ومؤسساتها، تمهيداً لتقويض استقرارها وإخضاع ارادتها، وبنتيجة انتشاره الواسعة في المنطقة والعالم في عصرنا الحاضر، بات من الضرورة وضع استراتيجية شاملة لمواجهته، تشمل بالإضافة الى الجانب العسكري والأمني الجانب الثقافي والتربوي، وهذه مسؤولية مشتركة بين الدول والمؤسسات التعليمية والإجتماعية والدينية على اختلافها، تقضي في نهاية المطاف الى تنشئة الأجيال تنشئة صحيحة، ترتكز على المبادىء الإنسانية والوطنية، والقيم الدينية التي تدعو الى التسامح وقبول الآخر، والحوار البناء بين مختلف أبناء الديانات السماوية».
وتابع: «لقد كنا في الجيش اللبناني سباقين في إدراك حجم هذا الخطر، فواجهناه بكل ما أوتينا من إمكانات وقدرات، وقدمنا للعالم نماذج حية حول كيفية الإنتصار عليه وإحباط مخططاته، بدءاً من معركة الضنية في مطلع العام 2000، الى معارك الحدود الشرقية اعتبارا من العام 2014، وصولاً الى الأمس القريب، إذ حالت يقظة قوى الجيش وأهالي بلدة القاع، دون تمكين الإنتحاريين من تنفيذ مخططاتهم، وجعلتهم يتساقطون الواحد تلو الآخر داخل البلدة، كما قامت مديرية المخابرات بتفكيك عشرات الشبكات الإرهابية، بعضها على درجة عالية من الخطورة، كان بصدد ضرب مرافق حيوية وتجمعات شعبية في أكثر من منطقة لبنانية».
وأعلن «ان جسامة المهمات الدفاعية والأمنية الملقاة على عاتق الجيش، لم تحل لحظة دون قيامنا بواجباتنا الوطنية الأخرى، ومنها على وجه الخصوص، قيام الجيش مؤخراً بتوفير الشروط الأمنية الصحيحة للانتخابات البلدية والإختيارية، ما أدى الى إنجازها في مناخ من الحرية والديموقراطية، ومن دون تسجيل أي حادث يذكر».
وقال: «أغتنم فرصة لقائنا اليوم، لأؤكد مجدداً ان لدينا كامل القدرة والإرادة على مواصلة الحرب ضد الإرهاب، وان أي عمل إرهابي قد يحصل هنا أو هناك، ومهما كانت طبيعته ونتائجه، لن ينال قيد أنملة من عزيمتنا وإصرارنا على حماية لبنان، والحفاظ على وحدته وسيادته واستقلاله . هذا ما أثبتناه في أصعب الظروف، بتماسك الجيش وكفاءته القتالية، واستعداده اللامحدود للتضحية، وهذا ما نعاهدكم على إثباته مستقبلاً مهماً كلفنا ذلك من جهود وتضحيات».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق