تقريردوليات

تقرير لجنة شيلكوت البريطاني عن الحرب في العراق: الاسس القانونية ليست مرضية

خلص تحقيق طال انتظاره في شأن التدخل العسكري البريطاني في العراق ونشرت نتائجه يوم الأربعاء إلى أن الأسس القانونية لقرار بريطانيا المشاركة في غزو العراق عام 2003 «ليست مرضية» وإن رئيس الوزراء الأسبق توني بلير بالغ في الحجج التي ساقها للتحرك العسكري.
وقال رئيس لجنة التحقيق جون تشيلكوت إن المعلومات بشأن أسلحة دمار شامل مزعومة في العراق والتي استخدمها بلير ليبرر الانضمام إلى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والذي أدى إلى اطاحة صدام حسين ومقتل 179 جندياً بريطانياً كانت مغلوطة لكنها قُبلت دون تفنيد
وتحدث السير جون تشيلكوت عن تحذيرات تلقاها توني بلير تضمنت ان تهديد تنظيم القاعدة للملكة المتحدة ومصالحها سيزداد. وجرى تحذير بلير ايضاً من امكانية ان تنتقل الاسلحة العراقية الى ايدي ارهابيين في حال شنت الحرب. واضاف بالرغم من التحذيرات المباشرة فانه جرى التقليل من اهمية النتائج الممكنة للغزو. كانت الخطط والتحضيرات لعراق ما بعد صدام غير كافية. وتابع يقول ان الحكم على مدى خطورة التهديد الذي تشكله اسلحة الدمار الشامل في العراق اتسم بثقة غير مبررة.
وقال ايضاً كان على لجنة الاستخبارات المشتركة ان توضح لبلير ان تقويمات المعلومات الاستخباراتية لم تكن غير قابلة للشك ولا ان العراق واصل انتاج الاسلحة الكيماوية والبايولوجية او واصل جهود تطوير الاسلحة النووية.
واضاف: الشعب العراقي عانى بشدة من الغزو. لقد خلصنا الى ان الظروف التي قرر فيها ان ثمة اساساً قانونياً للعمل العسكري البريطاني لم تكن مقنعة الى حد بعيد. واضاف ان بلير ابلغ بوش انه معه اينما ذهب وبلير كان يعتقد ان لدى صدام النية لتطوير اسلحة دمار شامل. ان الحكومة فشلت في انجاز اهدافها.
ما هي الاطراف والشخصيات المعنية بهذا التقرير وعلى من سيؤثر بشكل رئيسي؟

توني بلير
شاركت بريطانيا في الحرب على العراق في عهد حكومة توني بلير العمالية. هذا القرار لم يكن شعبياً ورئيس الوزراء الأسبق متهم بخداع الشعب بتأكيده وجود أسلحة للدمار الشامل، لم يثبت يوماً.
وغذت العلاقات الوثيقة بين بلير والرئيس الاميركي حينذاك جورج بوش الاتهامات التي تفيد بأن رئيس الوزراء وعد سراً بدعم الحرب قبل أن يحصل على موافقة البرلمان.
وخلال النزاع، تم تقديم طلب إلى المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم حرب محتملة ضد مدنيين من قبل بلير ووزرائه.
وأكدت هذه المحكمة خلال الأسبوع الجاري أنها ستدرس تقرير شيلكوت لكنها قالت إنها لا تستطيع النظر في شرعية الحرب ولا يمكنها التحرك إلا إذا رفض القضاء البريطاني القيام بذلك بعد التقرير.
وتدرس مجموعة من أعضاء البرلمان أيضاً إمكانية إطلاق ملاحقات ودراسة إمكانية إقالة بلير بصورة رجعية.
وفي 2015 أكد بلير لشبكة «سي إن إن» اعتذاره لأن «المعلومات التي قدمتها كانت خاطئة»، لكنه قال إنه «من الصعب الاعتذار على إسقاط صدام حسين».

عائلات الجنود الذين قتلوا
يطالب أقرباء وعائلات الجنود البريطانيين الـ 179 الذين قتلوا في العراق، بنشر هذا التقرير منذ سنوات وسط انتقادات لتنظيم وإدارة وتجهيز القوات.
ويريد محامو هؤلاء التدقيق في الوثيقة للعثور على أي نقطة تسمح بإطلاق تحرك قضائي ضد توني بلير أو أي مسؤول آخر في تلك الفترة، استناداً على الأرجح إلى تقصير في الواجب أو خطأ.
لكن أقرباء الجنود قالوا إنهم سيقاطعون عرض التقرير لأنه يهدف إلى تبرئة المسؤولين المعنيين على حد قولهم.

الجيش والاستخبارات
يفترض أن يركز التقرير على الأخطاء التي ارتكبت خلال العملية العسكرية من إعدادها إلى احتلال العراق، الفترة التي غرق فيها هذا البلد في أعمال عنف مذهبية لم يشف منها بعد.
وقال مالكولم تشالمرز من المركز الفكري «رويال يونايتد سيرفيسز اينستيتوت» إنه «من المعترف به بشكل عام اليوم أن أخطاء مرتبطة بالنظام وقعت خلال العملية».
وأضاف الخبير أن البريطانيين أساءوا تقدير القوى المحلية وتصميم القوى الإقليمية وخصوصا إيران على تقويض الجهود البريطانية والأميركية.
وانتقدت تقارير سابقة إخفاق أجهزة الاستخبارات بشأن وجود أسلحة للدمار الشامل، لكن لجنة شيلكوت يمكن أن تضيف مزيداً من الانتقادات.

حزب العمال والبرلمان
يمكن أن يحاول زعيم حزب العمال جيريمي كوربن المستهدف من قبل تمرد لبرلمانيين عماليين منذ فوز مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، استخدام شيلكوت ليؤكد سلطته من جديد.
وكان كوربن الذي يدعو إلى السلام عارض الحرب على العراق بينما هناك بين البرلمانيين الذين يطالبون باستقالته ، عدد من الذين أيدوا هذه الحرب.
وقال النائب بول فلين القريب من كوربن إن البرلمان بحد ذاته «هو الذي يخضع للمحاكمة».
وأضاف «لم يكن رجلاً واحداً بل مئات البرلمانيين، ثلاث لجان خاصة في هذا المجلس، الجيش والصحافة المؤيدة للحرب من أجل العثور على أسلحة للدمار الشامل لا وجود لها».

العلاقات بين لندن وواشنطن
يمكن أن يتضمن التقرير 29 رسالة شطبت منها أجزاء، أرسلها توني بلير إلى جورج بوش مع اقتراب غزو العراق، ومعلومات عن محادثات بين الرجلين، وكذلك بين غوردون براون وباراك أوباما اللذين شغلا منصبي رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الأميركي خلفاً لهما.
وكانت الخلافات الدبلوماسية حول ما يمكن ولا يمكن نشره للجمهور أحد اسباب التأخير في صدور التقرير.

تقرير طال انتظاره
وأفضى عمل «لجنة شيلكوت» التي تحمل اسم رئيسها جون شيلكوت إلى تقرير طويل من 2،6 مليون كلمة ركز على الظروف المثيرة للجدل التي أحاطت بدخول بريطانيا الحرب في العراق بقرار من توني بلير عام 2003.
واستمعت اللجنة في إطار تحقيقها إلى 120 شاهداً بينهم العمالي توني بلير وغوردون براون الذي تولى رئاسة الحكومة خلفاً له.
وهذا التقرير الذي طلب في 2009 وكان يفترض أن تنشر نتائجه خلال عام، تحول بحد ذاته إلى قضية مثيرة للجدل بعد إرجائه مرات عدة، مما دفع عائلات الجنود الذين قتلوا في العراق إلى توجيه انذار للسلطات تحت طائلة ملاحقات قضائية.
وقالت جانيس بروكتر التي قتل ابنها مايكل ترينش في العراق في 2007 وهو في الثامنة عشرة من عمره، لوكالة الأنباء البريطانية إن التقرير «لن يقدم لي أي نتائج أو تعزية». وأضافت أن توني بلير «أرسل 179 فتى إلى المجزرة. ليست هناك أي عدالة».
وبلير الذي ترأس الحكومة بين عامي 1997 و2007 متهم بتضليل الشعب البريطاني بتأكيده وجود أسلحة للدمار الشامل في العراق، وهو ما لم يتم التثبت منه أبداً.
وقتل عشرات الآلاف من العراقيين في الحرب والعنف الطائفي الذي أعقب ذلك. وشارك نحو 45 ألف جندي بريطاني في الحرب بين عامي 2003 و2009، لقي 179 منهم حتفهم.

أساس ممكن للجوء إلى القضاء
وأكد جون شيلكوت مساء الثلاثاء «إذا وجدنا قرارات أو تصرفات تستحق الانتقاد فلن نتردد في ذلك»، وإن كان هدف هذه الأعمال ليس تحديد ما إذا كان التدخل في العراق شرعياً.
وأكد تقرير رسمي أول نشر في 2004 أن توني بلير بالغ عندما تحدث أمام البرلمان عن الخطر الذي يشكله الرئيس العراقي صدام حسين، لكن معد التقرير روبن باتلر أوضح الإثنين أن رئيس الوزراء السابق كان «يصدق فعلاً» ما كان يقوله حينذاك.
ويعتزم عدد من النواب، بدءاً بأليكس سالموند من الحزب الوطني الاسكتلندي اغتنام الفرصة من أجل إطلاق إجراءات «إقالة» قد تكون نتيجتها المحتملة تجريد بلير من لقب رئيس الوزراء السابق.
وإجراءات «الإقالة» التي تستند إلى قانون استخدم للمرة الاخيرة في 1806 ويعتبر قديماً، ترتدي طابعاً رمزياً.
وقد تشكل المعدات غير الكافية لدى القوات البريطانية، نقطة ثانية يمكن ان يعتمد عليها معارضو بلير لمهاجمته. ويتعلق الأمر خصوصا باستخدام آليات «لاند روفر» مصفحة بشكل خفيف بما لا يسمح لها بمقاومة العبوات الناسفة، ويصفها الجنود بأنها «نعوش على عجلات».
وقال محامو عائلات 29 جندياً قتلوا في العراق إنهم سيدققون في تقرير شيلكوت. وقال مكتب ماك كيو وشركائه لوكالة فرانس برس إن التقرير «يمكن أن يشكل أساساً من أجل اتخاذ إجراءات قانونية ضد بلير ووزرائه أو الحكومة بشكل عام».
والتأخير في نشر هذا التقرير يعود أساساً إلى الحق بالإجابة الذي منح إلى جميع الأشخاص الذين تم انتقادهم أو كانوا موضع شك.
وتعثر نشر التقرير أيضاً بسبب وثائق سرية رفعت عنها السرية، بما فيها محادثات بين بلير والرئيس الاميركي جورج دبليو بوش والتي سينشر بعض منها.
ولا تزال مسألة التدخل في العراق تؤثر على السياسة البريطانية حتى اليوم. وهذا ما يفسر الامتناع القوي للمملكة المتحدة عن المشاركة عسكرياً في أي حرب منذ ذلك الحين، وهذه المسألة تؤرق بانتظام حزب العمل بقيادة جيريمي كوربن.

فرانس24/ أ ف ب

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق