سياسة لبنانية

الأردن ولبنان في عين العاصفة

ترى أوساط عربية أن الأردن ولبنان مرشحان للالتحاق بالانهيارات العبثية في العراق وسوريا حكومة وشعباً، نظاماً ومعارضة، طوائف وإتنيات. لكن البلدين يقاومان الرياح الصفراء، كل وفق إمكاناته، فالأردن المستقر سياسياً عبر حكم وحكومة يحظيان بثقة الشعب أو غالبيته، استطاع الصمود أمام عواصف عاتية. ثمة وعي لدى الأردنيين بتلازم وجودهم مع الاستقرار السياسي، خصوصاً أن لبلدهم أطول حدود مع إسرائيل، وهو يتولى التوازن بين علاقته بمجلس التعاون الخليجي وضغوط الجوار الجغرافي العراقي والسوري.
استقرار الحكم هذا يفتقده لبنان الذي تحكمه طبقة سياسية ضيقة الأفق وغارقة في التناقضات، لكون معظمها طالعاً من قيادات الحرب الأهلية ومن تقليد سيء يربط الزعامة السياسية بالتبعية لمراكز قوى إقليمية ودولية، لذلك تعجز هذه الطبقة عن انتخاب رئيس للجمهورية وتبعث الشلل في البرلمان والحكومة، وهي تعرض يومياً بلا خجل فسادها أو حمايتها الفاسدين. وإذا كانت قوى الأمن الأردنية تهتم بكشف الخلايا النائمة، فلدى لبنان ما هو أبعد من خلايا تكشفها أجهزته يوماً بعد يوم. ثمة قواعد للإرهاب في التلال الفاصلة بين جبال لبنان الشرقية والقلمون السوري. يخوض لبنان حرباً مع الإرهاب على رغم سلطته المفككة والمنقسمة بين تأييد النظام السوري ومعارضته.
الأردن ولبنان يقاومان، واللجوء السوري بدوره يقاوم استخدامه لإلحاق الأذى بمضيفيه. الضحية الخائفة يراد لها أن تكون أداة للتخويف في أوروبا كما في البلاد العربية الشقيقة، لأن عودة السوريين إلى ديارهم شبه مستحيلة ومخيماتهم في الأردن ولبنان تشبه أحوال المخيمات الفلسطينية عام 1953: خمس سنوات على تأسيس إسرائيل، ومثلها على خطف الثورة السورية.
ثمة حاجة لمقاربة شجاعة أردنية – لبنانية لفيض اللجوء تحافظ على الإنسان السوري داخل بلده وخارجه، وتعتبر الأمر هدفاً استراتيجياً يعلو على الأهداف السياسية العابرة في منطقة صارت مركز صراع عالمي. هناك حوالي 5 ملايين لاجىء خارج سوريا، يتحمّل الأردن ولبنان حوالي نصفهم، لذلك يحق لهما إعلاء المشكلة على أي مشكلة أخرى تحفل بها عناوين الصراع في المنطقة. والوقت ليس في مصلحة البلدين ولا في مصلحة اللاجئين السوريين.
وفي بيروت ترى أوساط سياسية أن الحديث عن ضمانات إقليمية ودولية لعدم انفجار الوضع الداخلي لا يمكن الركون إليه في الفترة المقبلة، وما يحصل من مقدمات أمنية في الأردن يجب أن يثير الكثير من المخاوف، فالأردن كما لبنان دولة لجوء، والعبث الأمني يؤشر الى تداعيات على نطاق واسع هناك، وهذا ما يشرّع الباب أمام الأسئلة الصعبة لبنانياً: «إذا ما تم رفع المظلة الأمنية» عن الأردن فلماذا تبقى فوق لبنان؟ وإذا سقطت الضمانات المعطاة للحفاظ على وضع أمني ممسوك لكبح جماح الهجرة الجماعية السورية من الأردن الى الغرب، ما الذي يمنع ان تسقط على الساحة اللبنانية؟
أيدي اللبنانيين على قلوبهم لأن الرعايتين الدولية والعربية للبنان تتراجعان وتضعفان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق