سياسة لبنانية

أزمة اللاجئين السوريين: أفكار وتوجهات دولية

عادت قضية اللاجئين السوريين الى دائرة الضوء مجدداً، بعد الحديث عن مشروع توطينهم في أماكن لجوئهم، على ما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أخيرا، وأثار سخطاً لبنانياً عارماً. وقد حضر ملف النزوح السوري في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعته في السراي الحكومي أمس برئاسة الرئيس سلام، وكذلك في جولة رئيسة مجلس النواب الإيطالي لاورا بولدريني على المسؤولين.
وتقول معلومات إن 19 تموز (يوليو) يعتبر حتى الآن موعداً أولياً وغير محسوم لعقد اجتماع مجموعة الدعم الدولية وهناك إمكانية كبيرة لتأجيله في اللحظة الأخيرة الى خريف 2017، تماماً كما أرجئت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت الى بيروت بعدما كانت مقررة في بدايات حزيران (يونيو) الجاري حتى 10 تموز (يوليو). فالأجندات الدولية منشغلة هذه الفترة بهموم ساخنة ليس لبنان في أولويتها.
وتسود في أروقة نقاشات التحضير للاجتماع، أفكار بديلة عن موعد عقده، أبرزها ترحيله الى خريف العام المقبل، حيث يمكن حينها للمجموعة ان تلتئم كعادتها في كل عام، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأبرز الأسباب التي تقف وراء الرغبة الدولية في التأجيل، تتمثل في ترجيح العديد من دول المجموعة بأن الاجتماع لن يؤدي الى نتائج عملية، لا على المستوى السياسي ولا الاقتصادي الخاص بإنشاء صندوق المساعدات للبنان.
والفكرة الأخرى المتداولة لملء فراغ ترحيل عقد الاجتماع الى خريف 2017، تنصح الدولة اللبنانية بتنشيط التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، وأن يشرّع مجلس النواب اللبناني القوانين التي تتيح للبرلمان الاوروبي تقديم المساعدات التي قررها للبنان في مؤتمر لندن (شباط الماضي)، علماً أن هناك مساعدات فرنسية مستحقة للبنان، لا يزال يعوق صرفها عدم سنّ البرلمان اللبناني قوانين بشأنها.
أما الفكرة الثالثة فتتحدث عن تسريع تنفيذ اقتراح تعيين مبعوث خاص (هوبير فيدرين وزير خارجية فرنسا الأسبق مرشح لهذا المنصب) من مجموعة الدعم الدولية للبنان، تكون مهمته القيام بجولات مكوكية على عواصم الدول المؤثرة في أزمته السياسية من ناحية، وفي مجال تقديم الدعم المالي إليه من ناحية ثانية.
ويرى المتحمسون لهذا الاقتراح أن تنفيذه سيعبّر عن استمرار اهتمام المجتمع الدولي بأزمة لبنان السياسية والاقتصادية على الرغم من عدم توافر ظروف موضوعية في هذه اللحظة تسمح لمجموعة الدعم بتقديم مساعدات جماعية إلى لبنان عبر إنشاء صندوق دولي لهذه الغاية.
وتعتبر أزمة اللاجئين «أم الأزمات» نظراً الى حجمها وتأثيراتها الديموغرافية ومشاريع تطبخ في الخارج لإعادة توطينهم مؤقتاً في لبنان والدول التي تستضيفهم حتى التوصل الى حل سياسي.  ويصر المسؤولون اللبنانيون على أن لبنان «ليس بلد لجوء» متسلحين بعدم توقيع الحكومة اللبنانية اتفاقية جنيف العام 1951 الخاصة باللاجئين، علماً أن لبنان يصنف اليوم البلد الأول للجوء في العالم نسبة الى عدد السكان.
وتشير مصادر الى أنه في مقابل عدد سكان لبنان المتعارف عليه كمقيمين بأربعة ملايين نسمة (حيث لا إحصاء رسميا منذ 1932) هناك أكثر من مليوني لاجىء من مختلف الجنسيات، غالبيتهم الساحقة طبعاً من السوريين. فمنذ اندلاع الحرب في سوريا توافد إلى لبنان نحو مليوني سوري يتوزعون على نحو ألف ومئة منطقة لبنانية، قبل انخفاض عديد المسجلين من بينهم مع المفوضية السامية للاجئين والتابعة للأمم المتحدة، نحو 300 ألف لاجىء سوري غادروا البلاد في عامي 2014 و2015. وعليه استقر رقم السوريين المسجلين كلاجئين في المفوضية على مليون و48 الفاً و275 لاجئاً، في وقت يقدر فيه عدد غير المسجلين مع المفوضية لاعتبارات شتى بنحو 500 الف سوري ما بين مقيم على حسابه الخاص من الميسورين، ومن لم يتقدم للحصول على صفة لاجئ لأسباب سياسية، والذين وفدوا بعد طلب لبنان من المفوضية التوقف عن تسجيل المزيد من السوريين منذ 31 أيار (مايو) من العام 2015. (كان هناك مئة الف فلسطيني سوري جاءوا الى لبنان وهاجر نصفهم تقريباً في قوارب البحر. وتضاف أرقام السوريين إلى نحو 40 ألف لاجىء عراقي وألفي لاجىد سوداني ومئات من الصوماليين والإثيوبيين، عدا اللاجئين الفلسطنيين من العام 1948 و1967، بالإضافة إلى آلاف الفلسطينيين من فاقدي الأوراق الثبوتية وهم غير معترف بهم في لبنان، ليلامس مجموع اللاجئين في لبنان عتبة المليونين و500 ألف لاجىء من مختلف الجنسيات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق