سياسة لبنانيةلبنانيات

اللجان لم تقر قانون الكابيتال كونترول والمماطلة مستمرة الى ما بعد الانتخابات

غيرة نيابية مفاجئة على حقوق المودعين وحماية اموالهم والهدف صندوق الاقتراع

على الرغم من ان الحكومة تعتقد انها حققت انجازاً كبيراً في الاتفاق المبدئي المشروط مع صندوق النقد الدولي، لا بد من تذكيرها ان ما تم ليس اتفاقاً، بل دفتر للشروط يجب تنفيذها بالكامل قبل الوصول الى الاتفاق النهائي وعندها يوقعه المسؤولون عن الصندوق. اما ما جرى اليوم فهو عرض بين الخبراء للوصول الى الهدف في حال حققت الحكومة ما هو مطلوب منها وفي طليعتها اقرار الموازنة العامة، والكابيتال كونترول وهيكلة المصارف، وتحديد سعر الصرف وكذلك تحديد الخسائر والمسؤولين عنها.
ففي ما يتعلق باقرار الموازنة، لا يجرؤ المجلس النيابي على اقرارها قبل الانتخابات، لانها ترتب اعباء باهظة على المواطنين، في وقت هم في احوج ما يكونون الى الدعم والمساعدة، بعدما اوصلتهم المنظومة الى حالة من الاهتراء لا يمكن وصفها. يقول المسؤولون ان الموازنة لا تتضمن فرض ضرائب جديدة في عملية غش وتعمية. ربما تكون الموازنة المقدمة الى المجلس النيابي خالية من الضرائب المباشرة. ولكن ماذا يعني احتساب الرسوم الجديدة على اساس سعر الصيرفة. فالمياه مثلاً ارتفعت رسومها ثلاثة اضعاف، والكهرباء رسومها الباهظة جاهزة ولكن الحكومة لا تجرؤ على المجاهرة بها اليوم لانها لا تؤمن التيار للناس وقد اغرقتهم المنظومة في العتمة بسبب سياسات خاطئة ومشبوهة، دون ان يواجه المسؤولون عنها اي محاسبة.
لذلك فان الموازنة بات شبه مؤكد انها لن تقر الا بعد الانتخابات عندما يتحرر النواب من محاسبة الشعب لهم، فيخضعون للاملاءات التي يتلقونها من كتلهم وهي اصلاً ممثلة بالحكومة ولا يمكنها ان تعارض نفسها.
اما الكابيتال كونترول فقد حط امس على طاولة اللجان النيابية. ولان الزمن هو زمن الانتخابات، انبرى النواب في شعبوية لافتة يعلون الصوت وبدوا وكأن قلوبهم على المودعين، فطلبوا تعديل المادة الاولى من المشروع التي تتعلق بحقوق المودعين وحماية ودائعهم. كما ناقشوا قضية تخصيص الف دولار شهرياً وغير ذلك من النقاط وارجأوا الجلسة الى يوم الاربعاء المقبل. وهذا يعني ان النواب غير مستعجلين ويتقصدون التباطؤ في انجاز المناقشة، لكي لا يقر المشروع قبل الانتخابات. وهنا مصدر الخوف لدى المودعين، لانه عندما ينجز الاستحقاق الدستوري لا يعود النواب مبالين بالناس وحقوقهم وعندها يمكن ان تمر بنود، على حساب المواطنين وودائعهم. كما هي الحال بالنسبة الى الموازنة.
لقد كان على الحكومة ان تبدأ الاصلاحات المطلوبة منها، بالشروط الاولى، اذ ان الكابيتال كونترول والموازنة يأتيان في اخر اللائحة، ولكن المعنيين اختاروا الطريق الاسهل والاقرب اليهم. فهناك اعادة هيكلة المصارف، وهناك تعديل قانون السرية المصرفية وهناك الكهرباء واللائحة طويلة، فهل تتصرف المنظومة بالجدية اللازمة للوصول الى الهدف المنشود. لقد اصبح ثابتاً ان لا اموال تدفع لا من صندوق النقد الدولي ولا من المساعدات الخليجية والدولية، ولا من البنك الدولي قبل انجاز الاصلاحات. والا فان الاتفاق الذي وقع بين الصندوق والحكومة اللبنانية هو على مستوى الخبراء وهو عبارة عن لائحة شروط سيبقى حبراً على ورق بلا نتيجة. اما الاتفاق النهائي فمتعلق بمدى جدية الحكومة في تنفيذ كل ما هو مطلوب منها.
وفيما كانت اللجان النيابية المشتركة تناقش الكابيتال كونترول تظاهرت جمعية المودعين امام مقر الاجتماع ووجهت ما يشبه التهديد في حال المس بحقوق الناس. وقالت «لا يمكن ان نقبل بان تسرق اموالنا ثم يسن قانون لحماية السارق» وحذرت الجمعية في بيان: «كل من تسول له نفسه المس باموال المودعين بانه سيكون هدفاً مشروعاً لكل مودع. فالمواجهة الفعلية لم تبدأ بعد وهي ستكون مفتوحة وقاسية ودامية انطلاقاً من حقوق الناس المقدسة في ارزاقهم وجنى عمرهم…».
المهم ان الكابيتال كونترول الذي كان يجب ان يقر منذ سنتين ونصف السنة، وضع على الطاولة اليوم، ولو اقر في حينه واقرت الاصلاحات المطلوبة معه لكنا اليوم في وضع افضل بكثير، ولكنا وضعنا البلد على السكة الصحيحة. ولكن ما العمل وهذه هي طريقة عمل المنظومة التي بادارة ظهرها للناس وللمصلحة الوطنية اوصلتنا الى الجحيم، الذي نحن فيه اليوم. ففي كل يوم وحتى في كل ساعة تطل علينا ازمة الى ان وصلت الى الرغيف التي لم يبق للسواد الاعظم من اللبنانيين الا هذه السلعة يسدون بها جوعهم وجوع عيالهم.
اخيراً نأمل بعد كل هذه المآسي والانهيارات ان تتبدل طريقة العمل، وتحل المصلحة الوطنية فوق كل المصالح الشخصية والانانيات وان يتطلع المسؤولون الى الشعب. الذي جرد من كل حقوقه الغذائية والصحية والاستشفائية واصبح متروكاً لا سند له ولا معين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق