سياسة لبنانية

الحريري: سنبقى متمسكين باتفاق الطائف ولا شيء يعكر علاقاتنا بالسعودية

اقام الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط غروب امس مأدبة افطار على شرف الهيئات الدينية حضرها رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، الرئيس فؤاد السنيورة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، ممثل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وممثلون عن رؤساء الاديان المسيحية والاسلامية وعدد من الوزراء والدبلوماسيين.

الحريري
بعد الافطار القى الرئيس الحريري الكلمة الاتية:
نجتمع في هذه الأمسية المباركة من الشهر المبارك وقد أردنا لأول إفطار رمضاني في بيت الوسط هذا العام أن يكون مناسبة لنتشرف فيها بتقاسم الخبز والملح والكلمة الطيبة والتأمل بمعاني هذا الشهر الفضيل مع رجال الدين من كل المذاهب والطوائف والديانات التي يجعل عيشها الواحد ووحدتها الوطنية من وطننا الصغير واحة أمل ونموذج رجاء لمنطقة تضربها الحروب المجنونة ولعالم ينخره التطرف والإرهاب والإقصاء.
نعم أردت لأول إفطارات بيت الوسط لهذا العام أن يكون هكذا لأنني مقتنع بأن الإعتدال والعيش المشترك والحوار والتفاهم والتآخي ليست مجرد كلمات نرددها حسب الحاجة، بل فعل وممارسة يومية انسانية واجتماعية وسياسية تعبر عن أهم الركائز التي أعتمدها في المسيرة الصعبة التي وقعت مسؤوليتها علي منذ 14 شباط (فبراير) 2005.
وقال: أعلم أن كثيراً من التوقعات بنيت على ما سأقوله في أول إطلالة لي بعد اسابيع من البلبلة السياسية والإعلامية التي رافقت الانتخابات البلدية. وهي انتخابات تشكل بالنسبة الي واى كل إنسان معني بصمود ونجاح تيار المستقبل فرصة لمراجعة نقدية داخلية وتقديم كشف حساب سياسي ووطني وتنظيمي أمام اللبنانيين عموماً وأمام أهلي وأحبتي ورفاقي وكل الأوفياء لخط الحريرية السياسية.
وبالفعل، فإنني خلال هذا الشهر المبارك سأفتح العديد من الدفاتر وأتحدث بما يمليه علي ضميري وبما أتحمل من مسؤوليات تجاه جمهور تيار المستقبل وتجاه اللبنانيين وتجاه الحلفاء والخصوم.
لكنني في هذه الأمسية المباركة سأكتفي بالتذكير بثلاث حقائق أعتبرها مركزية على أن تكون الإفطارات المقبلة مناسبة لتناول كل الجوانب الأخرى التي ذكرتها.
أولاً: حاولت السياسة في لبنان أن تقدم لي دروسا في الكذب والمناورة والتجييش والتلاعب على غرائز الناس. لكن تربيتي علمتني الصدق والصراحة والوفاء حتى لو كان الأمر على حسابي.
وأمامكم أقول: إنني لن ألقي المسؤولية في أي اتجاه ولن أعفي نفسي ومن معي من المسؤولية لألقيها على غيري. فأنا المسؤول عن استخلاص نتائج الإنتخابات وأنا في رأس الهرم السياسي لتيار المستقبل سأتحمل النتائج مهما كانت قاسية.
ثانياً: نحن من مدرسة رفيق الحريري، مدرسة الإعتدال والعيش المشترك والوحدة الوطنية، مدرسة الإنفتاح وقبول الآخر، مدرسة تضع لبنان فوق مصلحة أي شخص أو أي حزب. مدرسة المناصفة التامة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان.
وسنبقى كذلك، ولن تغير نتائج بلدية من هنا أو حملة إعلامية من هناك في قناعاتنا هذه. هذه هي معركتنا الحقيقية واليومية وهذه كانت بوصلتنا العميقة في الانتخابات البلدية، بغض النظر عن الأماكن التي فيها أصبنا الخيار، وأخطأنا، أو المعارك الانتخابية التي فيها انخرطنا، أو أحجمنا.
في بيروت مثلاً، تنافسنا مع لائحة سبق وقلت عنها إنها تشبه أحلامنا وطموحاتنا. معركتنا الحقيقية لم تكن مع هذه اللائحة، التي اوجه التحية لها وللذين صوتوا لها، معركتنا الحقيقية كانت المناصفة في المجلس البلدي.
من هنا كنا نردد عبارة «زي ما هيي»، وبالمناسبة فهذا الشعار يعود الى  أول انتخابات بلدية حصلت في بيروت بعد الحرب، عندما قرر الرئيس الشهيد رفيق الحريري تثبيت المناصفة في المجلس البلدي بغض النظر عن الأرقام.
الهدف الحقيقي من «زي ما هيي» هو منع التشطيب، لمنع كسر المناصفة لان المناصفة في العاصمة هي عاصمة المناصفة في كل لبنان.
وسأبوح لكم بسر، كان قراري لو انه لا سمح الله انكسرت المناصفة في بيروت، إن أطلب من المجلس البلدي ان يستقيل، ولكن الحمد لله، جاءت النتيجة كما نعلم، وبقيت المناصفة وهي القاعدة الذهبية في عاصمتنا لتبقى قاعدة ذهبية في كل لبنان بإذن الله. هذه هي الحريرية السياسية قولاً وفعلاً.
واضاف: هناك محاولة لتشويه صورة ديننا الحنيف، وتقديمه على أنه دين إرهاب وتطرف.هذه المحاولة مبنية على أعمال حفنة ضئيلة تكاد لا تمثل صفر فاصل واحد في الألف من المسلمين في العالم، كان المغفور له الملك عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله أول من أسماها «فئة ضالة».
وأول من وصفها بالخونة الذين «يحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه على أنه دين التطرف والكراهية والإرهاب».
ونحن في تيار المستقبل، سنبقى نمارس فعل الإعتدال وسنبقى نتصدى لهذه المحاولة وهذه الفتنة بكل ما أوتينا من قوة، لكننا لن نسكت بالمقابل على أخطاء ترتكبها بعض الأجهزة، وحملات التجني التي تشنها بعض الجهات السياسية والإعلامية على الشباب المسلم بذريعة مكافحة التطرف والإرهاب.
وهذه مناسبة لأدعو رجال الدين المسلمين منكم إلى مواصلة الوقوف في وجه هذه الفتنة، ورجال الدين المسيحيين منكم إلى شهادة الحق بأن ما ترونه وتلمسونه وتخبرونه كل يوم وفي كل مكان من لبنان لا يمت إلى هذه الفتنة وهذه الضلالة بصلة.
أما الحقيقة الثالثة التي أردت أن أعلنها أمامكم اليوم، فهي أننا في تيار المستقبل سنبقى متمسكين باتفاق الطائف، بما هو مشروع بناء الدولة، السيدة على كل أراضيها، الممتلكة وحدها حصرية السلاح، والحامية بالقانون والتساوي لكل المواطنين. ومتمسكون أيضاً باتفاق الطائف،بما هو تحديد نهائي لهوية لبنان العربية.
واتفاق الطائف، كما يعلم الجميع، واحد من مفاصل استراتيجية عدة، وقفت فيها المملكة العربية السعودية مع لبنان، لا لأجل مشروع لها ولا لأجل مصلحة لها، ولا لأجل فئة من اللبنانيين دون أخرى.
المملكة العربية السعودية وقفت وتقف وستبقى تقف في كل المراحل مع لبنان، لأجل مشروع الدولة في لبنان، ولأجل مصلحة اللبنانيين، كل اللبنانيين من دون تمييز.
وهذه مناسبة لأشكر المملكة العربية السعودية عل كل دعمها غير المشروط للبنان، وعلى كل مساعيها السياسية في كل المراحل التي مررنا بها، وكل مساعداتها الإنمائية والإجتماعية.كما هي مناسبة لأقول لكل من يعتقد أن بإمكانه الإصطياد في ماء يريده عكراً. ان ما من شيء يمكنه أن يعكر العلاقة بيننا وبين المملكة العربية السعودية.
نحن من عائلة ليس لديها الا الصدق والوفاء، وتيار المستقبل من مدرسة الوفاء، والمملكة مملكة الوفاء، ومن باله مشغول بهذا الامر فليطمئن، ومن لديه سوء نية لا يسعنا خلال شهر رمضان الا ان نقول: سامحه الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق