اخبار النجوم

«إلك يا بعلبك»… فينوس دعت للعيد باخوس ملأ الكؤوس وكبار مرّوا من هناك حضروا

على مرمى سنة من عيدها الستين كانت مهرجانات بعلبك الدولية كصبية مسحورة تتدارى خلف أضواء معبد جوبيتر وتغازل معبد باخوس وتنثر رشقات من الموسيقى في فضاء مدينة جاورت الرصاص وتستعير من ماضي المهرجان زيتاً لسراج الاعمدة.

«إلك يا بعلبك» مغامرة موسيقية شاعرية تلعب عند تخوم الخطر وتقارع زمن الحرب على الجانب الآخر وقد اختصرها الشاعر السوري علي أحمد سعيد إسبر المعروف باسمه المستعار أدونيس عندما سأل السماء من بعلبك «أما شبعت من ذبح البشر بإسمك؟».
السماء كانت حاضرة يقظة وقد جهزت قمرها لأمسية من نار الشعر وشهب الموسيقى شارك فيها حاضرون وغائبون من كبار الشعراء الذين تمجدوا بإسم بعلبك.
كان الجميع مدعوا إلى المقاعد الأمامية من الشاعر والكاتب والرسام اللبناني جبران خليل جبران (1883-1931) إلى الشاعر اللبناني البعلبكي طلال حيدر والفنان اللبناني مرسيل خليفة والكاتب اللبناني-الفرنسي صلاح ستيتية في امتزاج بديع بين حياة وموت، حضور وغياب.
ولأن مملكة الرحابنة وفيروز مرت من هنا وغرست في بعلبك معابد الصوت والموسيقى فإن ملوكها يظهرون على الناس كحلم قريب من خلال صور ومقاطع موسيقية تحفظها الأمكنة عن ظهر قلب في شريط من الأمس بدا صالحا لكل زمن وهو ما عبر عنه أدونيس بقوله «لي في بعلبك ماضٍ لا أجد فيه الا المستقبل».

كان عمل «إلك يا بعلبك» مزيجاً من كل لكن الدعوة اليه سطرها الشاعر طلال حيدر على طريقته عندما اعتبر أن فينوس (الهة الجمال) «هي من دعت  للعيد وباخوس هو من ملأ الكؤوس نبيذاً».
وبين قراءات شعرية وغناء ودبكة اكتملت عناصر التظاهرة الفنية الساحرة التي أخذت الجمهور إلى  سهر متنوع الجمال تناوب على ترصيعه بالجودة إبن بعلبك طلال حيدر والحكواتي إبن الجنوب الممثل رفيق علي احمد والفنانة فاديا طنب.
واكتمالا لمشهد المجد لعب الفنان مرسيل خليفة دورين على المسرح فقدم مقطوعة سيمفونية موسيقية لبعلبك وغنى مع الفرقة «يا نسيم الريح» للحلاج وسط تفاعل مع جمهور لا يعرف سوى الحب لتاريخ مرسيل الآتي من زمن الحرب والصمود.
وقد لونت فرقة «دبكة المجد البعلبكية» ليل المدينة برقصات مزجت بين الدبكة الشعبية والتمايل التعبيري لتسرق الحضور من أجواء الشعر والموسيقى وتحول المسرح الجامد الى جسد متحرك.
وعلى المسرح قادت الفرقة الموسيقية الفرلهارمونية اللبنانية معزوفات حية عبر خمسة وسبعين عازفا بقيادة هاروت فازليان إبن المخرج برج فازليان الذي له بصمات فنية عديدة على أعمال الرحابنة.
وتعتبر لجنة المهرجان هذا العمل الذي أعده وأخرجه اللبناني نبيل الاظن بمثابة تحية للمدينة التي فتحت ذراعيها للمهرجانات قبل نحو ستة عقود.

وأعادت لجنة مهرجانات بعلبك بهذا العمل الموسيقي المسرحي الثقة بالاستقرار الأمني في المنطقة حيث تحلق سفراء أوروبيون إلى جانب وزراء وشخصيات لبنانية سياسية وفنية وإعلامية لحضور المهرجان الأعرق في لبنان والمنطقة وسط إجراءات أمنية مشددة.
ومن بين الحضور إبنة مدينة الشمس الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة المواظبة على المهرجان كتحد دائم لكل ما يحوط بلبنان من مخاطر. قالت الوزيرة لرويترز إن «بعلبك لها أياد بيض علينا وان هذا الحضور الكثيف يعني ان روح التحدي موجودة عند اللبنانيين مهما يسمعوا ومهما يصير.. نحنا موجودين وبنعرف نعيش».
وقال الاعلامي اللبناني جورج صليبي لرويترز «للقلعة سحرها الخاص وربما يكون هذا المكان الأكثر تأثيراً وإيحاء في العالم (وهو ما يراه) كثيرون من كبار الفنانين الذين قدموا أعمالهم بين هياكل بعلبك».
وأضاف «خلال تقديم المقطوعة الموسيقية الأولى كانت صور الماضي تعرض على حائط معبد باخوس فشاهدنا فيروز في إطلالاتها السابقة واسترجعنا صور الكبار كصباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين وأم كلثوم وكل الفرق العالمية التي زارت بعلبك».
وقال صليبي «مهرجان بعلبك هذه السنة هو رسالة تحد وارادة حياة رغم كل ظروف لبنان والمنطقة».

نايلة دي فريج: هذا التكريم لا يقام إلا في بعلبك

وقالت رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك نايلة دي فريج «في السنة الماضية اضطررنا إلى نقل بعض الحفلات بعد معركة عرسال فالظروف هي التي دفعتنا إلى ذلك وإنما نحن دائماً مصرون على أن تكون العروض في بعلبك».
أضافت «قررنا هذه السنة إقامة التكريم لبعلبك في هذا العمل «إلك يا بعلبك» وهذا التكريم لا يقام إلا في بعلبك».
ويستمر المهرجان الذي بدأ ليل الجمعة حتى آخر الشهر ويستقبل في التاسع من آب (أغسطس) المغنية والممثلة الفرنسية المغربية هندي زهرة في حفل موسيقي يندرج في إطار موسيقى «وورلد». كما يستضيف المهرجان حفلاً للجاز مع الفنان المولود في الكاميرون ريتشارد بونا بالاضافة الى حفل أميركي يمزج بين الأنغام الكلاسيكية والديسكو والسول وفرقة رباعية تعزف على الآلات الوترية.
وللمرة الاولى تشارك المطربة السورية ميادة الحناوي في مهرجانات بعلبك الدولية حيث ستقدم أعمالا من تأليف أحمد رامي ورياض السنباطي وبليغ حمدي.
وانطلقت مهرجانات الصيف الفنية اللبنانية هذا العام وسط مخاوف أمنية وقلق سياسي. وتعتبر المهرجانات واحدة من أبرز معالم صناعة السياحة في لبنان حيث يتنقل اللبنانيون وخصوصاً المغتربين منهم والسياح العرب والأجانب بين أطلال بعلبك الرومانية الأثرية وقصر بيت الدين الشهابي وقلعة بيبلوس الفينيقية.
ومع أن كل المهرجانات الصيفية في لبنان لها أهميتها السياحية فإن مدينة الشمس لها رمزية تاريخية كونها الأقدم والأكثر شهرة ولمهابة المكان التاريخي الذي تقام فيه داخل القلعة الرومانية الشامخة.

رويترز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق