سياسة لبنانية

مؤتمر في معراب عن القضاء العسكري

نظم حزب «القوات اللبنانية» في معراب، مؤتمراً بعنوان «القضاء العسكري: أي حقوق؟ أي عدالة؟»، في حضور ممثلة الرئيس ميشال سليمان الوزيرة أليس شبطيني، ممثلة نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل الدكتورة هيام ملاط، وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي، وزير السياحة ميشال فرعون، ممثل الوزير رشيد درباس المحامي انطوان زخيا، ممثل النائب العماد ميشال عون النائب نعمة الله أبي نصر، النواب: روبير غانم، باسم الشاب، فادي كرم، جوزف المعلوف، إيلي كيروز، طوني بو خاطر وشانت جنجنيان، الوزيرين السابقين: منى عفيش وجو سركيس، منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد.
كما حضر ممثل نقيب المحامين انطونيو الهاشم المحامي جميل قمبريس، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص العميد فادي هاشم، ممثل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم العقيد روجيه صوما، ممثل المدير العام لامن الدولة اللواء جورج قرعة العميد ساسين مرعب، رئيس حركة «الاستقلال» ميشال معوض، رئيس حزب الهانشاك ساكو نازاريان، رئيس «جبهة الحرية» غسان ابو جودة، مستشار الرئيس سعد الحريري الدكتور داود الصايغ، رئيس قسم المباحث الجنائية العامة العميد فؤاد حميد الخوري، قائد سرية جونية العقيد جوني داغر، فاعليات سياسية وديبلوماسية ودينية وعسكرية وامنية وقضائية وحقوقية ورؤساء بلديات ومخاتير.

جعجع: لا علاقة للمحكمة العسكرية بالجيش
بعد كلمة افتتاحية لمنظمة المؤتمر والمساعدة في الشؤون السياسية في معراب مايا سكر كورسون، ألقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع كلمة رأى فيها انه «يجب التمييز بين المحكمة العسكرية والجيش اللبناني، اذ لا علاقة للمحكمة العسكرية بالجيش اللبناني بل هي كالفطريات تنمو على طرف الزهرة».
وأكد ان «هناك فرقاء سياسيين يلجأون الى المحكمة العسكرية لأنهم لا يستطيعون الاستفادة من القضاء بالطريقة الشرعية»، وقال: «إننا من اكثر الفرقاء الذين تعرفوا على المحكمة العسكرية، فهناك آلاف الاعتقالات ومئات القرارات الجائرة التي لم ننته منها حتى اليوم، فكنا كلما اعلنت مجموعة سياسية لنا في الخارج موقفاً سياسياً يتم تركيب الملفات لها بتهمة تعريض السلم الأهلي وإطلاق نار خلال أيام الحرب وسلطة الوصاية، ولا يزال بعض الرفاق لنا يخضعون لمحاكمات بعد ان استوت نسبيا الأوضاع».
أضاف: «لقد كانت البرقية المنقولة كالحبل حول عنق الانسان تمنعه من التحرك او السفر او التصرف كسيف مصلت».
وتابع: «من استفاد من اعمال المحكمة العسكرية هو عهد الوصاية وليس الجيش اللبناني، لقد كان يتم استدعاء الناشطين بشكل دوري لتحذيرهم وإرغامهم على الإمضاء بالتخلي عن العمل السياسي، ان المحكمة العسكرية اليوم كأنها أنشئت في نورنبرغ بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فهل ذلك يجوز؟».
وتطرق الى قضية ميشال سماحة قائلاً: «لقد تم ضبط ميشال سماحة بالدليل القاطع اذ تأكد بالصوت والصورة قبل وبعد إلقاء القبض عليه انه كان على علاقة مع ميلاد كفوري واعطاه قرابة الـ 100 كلغ من المتفجرات. فهل ضبط شخص مع مثل هذه الكمية من العبوات للقيام بأعمال تخريبية في لبنان بالجرم المشهود يصدر الحكم بحقه 4 سنوات ونصف فقط؟ الا يشكل هذا تهديداً للسلامة العامة والسلم الأهلي؟ انطلاقاً من هنا تشكل المحكمة العسكرية بشكلها الحالي خطراً على السلامة العامة».
وأعلن جعجع أنه «بعد المؤتمر سيقوم النائب إيلي كيروز بلقاء الكتل النيابية كافة لتأمين أكثرية لاقتراح قانون تعديل صلاحيات المحكمة العسكرية».

ريفي: استقلت كي لا أكون شاهد زور على نحر العدالة
في المحور الأول وعنوانه «حلول المحاكم العسكرية»، والذي أداره رئيس مصلحة المهن القانونية في «القوات» المحامي فادي مسلم، تحدث ريفي عن «إشكالية القضاء العسكري وحقوق الإنسان»، فقال: «ليست المرة الأولى التي تبادر فيها القوات اللبنانية الى إطلاق النقاشات البناءة في مواضيع رئيسية ومفصلية باتت تشكل عنواناً للبحث على مستوى المنطقة والعالم، فبعد دراسة تداعيات الإتفاق النووي الإيراني على منطقة الشرق الأوسط وإستقدام ودعوة خبراء عرب وأجانب للادلاء بما لديهم في هذا الخصوص، بادرت القوات اللبنانية الى جمع أصحاب الإختصاص والخبرة للبحث في موضوع الارهاب وكيفية مواجهته، ويسجل للقوات اللبنانية في هذا الإطار أنها قاربت هذه القضية بخلفية وطنية وعربية، وبحرص على ان تكون المسؤولية في هذه المواجهة مسؤولية مشتركة، بعيداً عن التسييس والديماغوجية وإثارة العصبيات».
أضاف: «أما اليوم فإن لقاءنا معكم لنقاش موضوع القضاء الاستثنائي وعلى وجه التحديد المحكمة العسكرية، يختلف عما عداه، لأن موضوع البحث لم يعد مطروحاً على أجندة الدول المتقدمة منذ زمن بعيد، ولن نجد من خبراء هذه الدول من يحدثنا عن إشكالية القضاء العسكري وحقوق الإنسان، باعتبار ان تركيبة هذا القضاء والصلاحيات الممنوحة له في هذه الدول تقتصر على محاكمة العسكريين في قضايا ذات طابع عسكري محض ومسلكي فقط».
وتابع: «ولم نعد نسمع في بلاد الحريات عن ممارسات المحاكم العسكرية بحق المدنيين لأن مثولهم امام القضاء العسكري بات من المحرمات، فصفحة الحقبات الإستثنائية طويت، وأرسيت دولة المؤسسات على قاعدة توزيع المسؤوليات حسب الإختصاص، وحفظت كرامة الناس وحقوقهم الفردية والجماعية، وهذا ينبع من الإيمان لدى الجماعة بأن المؤسسات وجدت لخدمة الصالح العام، وأن القضاء الذي يدير دفة الميزان هو الضمانة للجميع وأن القضاة وحدهم دون غيرهم المؤهلون للعب هذا الدور إنطلاقاً من أنهم أصحاب الإختصاص في العالمين الحقوقي والقانوني، وأنه جرى إعدادهم وتدريبهم ليكونوا منزهين وقادرين على الفصل بين المتقاضين دون تمييز أو تفرقة مع إحترام قواعد المحاكمة العادلة وحق الدفاع، تماماً كما يعتبر الضباط وحدهم القادرين والمؤهلين لوضع الإستراتيجيات العسكرية ورسم السياسات اللازمة، لحفظ الأمن ومكافحة الجريمة والدفاع عن تراب الوطن عند كل إعتداء».
وأشار الى أن «هذه القواعد إنتهجتها كل دول العالم دون إستثناء، ومن خرج عنها لمدة مؤقتة ولظرف إستثنائي ما لبث أن عاد إليها كخطوة أولى نحو إعادة الأمور الى نصابها الطبيعي لوضع حجر الأساس لبناء دولة العدالة وإحقاق الحق».
وقال: «دخل لبنان في العام 1958 في ظاهرة الإستثناء، حين علق العمل بصورة مؤقتة ببعض مواد قانون العقوبات وإستعيض عنها بمواد أخرى انزلت عقوبة الإعدام بكل من يتورط في أعمال إرهابية على ان لا تقل العقوبات في أقل تقدير عن الأشغال الشاقة المؤبدة، وقد منح التعديل المذكور المحكمة العسكرية صلاحية النظر في كل هذه الجرائم. وجاء قانون القضاء العسكري في العام 1968 ليصب في الإتجاه عينه ودائماً تحت عنوان ضرورة تنظيم هيكلية عمل هذه المحاكم التي يجب أن تمارس دورها الموسع بصورة مؤقتة ولمدة زمنية محدودة. وحتى يومنا هذا لم تفلح كل محاولات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان وصرخات المستغيثين من ظلم هذه المنظومة الإستثنائية ومن ممارستها القائمة على الكيل بمكيالين، ومن مخالفة النصوص المنظمة لها لأبسط قواعد العدالة الدولية وحقوق الإنسان، لم تفلح في تقليص صلاحياتها ومن وضع حد لهذا الاستثناء الذي وجد ليكون ظرفياً ومؤقتاً فإذا بالمؤقت يصبح دائماً وبالإستثناء يتحول الى مبدأ».
أضاف: «أمام هذا الواقع، ومنذ ان توليت مهامي في وزارة العدل وضعت نصب عيني ضرورة وضع مشروع قانون لإنشاء محاكم متخصصة في قضايا الإرهاب كما هو الحال في أكثر الدول المتقدمة في مجالي العدالة الجنائية وحقوق الإنسان وأكثرها فعالية في مكافحة الجريمة المنظمة بشكل عام والإرهابية على وجه الخصوص، فالدول لم تكتف بوضع حد لظاهرة المحاكم الإستثنائية من خلال إيلاء القضاء العادي صلاحية الحكم بين الناس في كل القضايا دون إستثناء، بل راحت قدماً بإتجاه التخصص القضائي تحت شعار أن التطور السريع الذي يشهده عالم الإجرام في ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات وإنتشار وسائل التواصل التي ألغت المسافات ووضعت بيد المجرمين أدوات تسهل لهم التخطيط والتنفيذ وتضع عقبات أمام إمكانية كشف الجريمة وملاحقة مرتكبيها».
وتابع: «إن هذا التطور غير المسبوق يتطلب جهوزية لا يمكن أن تتحقق إلا بالتخصص ومواكبة الحداثة التي شهدها عالم الجريمة، فضلاً عن أن ظهور انواع جديدة من الجرائم المركبة والمعقدة التي تتخطى في تداعياتها حدود الأوطان كالإتجار بالبشر والجرائم السيبرانية إضافة الى بعض الظواهر الناجمة عن إنتشار الإرهاب مثل ظاهرة المقاتلين الأجانب التي باتت محور إهتمام وهاجس دول العالم أجمع، جاء ليجعل من التخصص القضائي ضرورة وحاجة ملحة لتأمين الإستقرار داخل المجتمعات أكثر منه ترفاً حقوقياً او قانونياً، كل هذه العوامل وغيرها فرضت نفسها على طاولة المعنيين في مجالي العدالة الجنائية ومنع الجريمة فكان التوجه نحو التخصص في مجال مكافحة الجرائم الكبرى، ولهذا تم إنشاء محاكم متخصصة في قضايا الإرهاب والجرائم الكبرى مؤلفة من قضاة تم إعدادهم وتدريبهم ومدهم بأحدث المعلومات والدراسات الخاصة بهذه الجرائم لناحية نموها والأليات والسبل الأنجع لمكافحتها».
وأردف: «كما تعودنا، ومع كل مرة تنطلق فيها المطالبات بإحترام سيادة القانون وتطبيق معايير العدالة الدولية بما يحفظ كرامة الناس ويحقق عدالة موضوعية بعيدة عن الضغط والقمع والترهيب تسارع أبواق المستفيدين من هذه الظاهرة غير الصحية، وعنيت بذلك ظاهرة المحاكم الإستثائية لتدعي الحرص على إستمرار المحكمة العسكرية في ممارسة مهامها وسطوتها على الجميع. وتنهال الحجج التي لم تعد تقنع أحداً بمن فيهم قائلوها، ولأنهم لم ولن يجدوا حجة قانونية واحدة ولو ضعيفة تعزز موقعهم في ظل توافق تام قضائي وفقهي وقانوني على مستوى العالم بأن ممارسة المحاكم العسكرية لصلاحيات واسعة وعلى المدنيين يشكل مساساً فاضحاً بمعايير العدالة الدولية ولحقوق الإنسان لا تبرره إلا ظروف جد إستثنائية كحالات الحرب والفوضى العارمة، ولا يمكن في كل حال القبول باستمراره لمدة زمنية غير مؤقتة وغير محدودة، لجأوا الى معزوفتهم المملة التي لم يعد ملحنوها يقبلون بسماعها، وتبقى أسوأ وأتفه نغماتها تلك التي تلعب على وتر حماية الجيش وصون كرامته والحفاظ على تماسكه ودوره الوطني».
وقال ريفي: «في هذا الشق بالتحديد، نقول إن تعزيز دور الجيش لا يكون بمصادرة دوره من خلال خلق ميليشيات حزبية مسلحة تدعي وتزعم الدفاع عن الوطن، وتطعن كل يوم بقدرات الجيش في مواجهة العدو، وحماية البلد من المخاطر، ونحن المؤمنين بالدولة وبمؤسساتها أول من أطلق صرخة عالية لنقول لا سلاح ولا شرعية إلا للجيش اللبناني الذي سيبقى عنوان الشرف والتضحية والوفاء للوطن وللمواطنين».
أضاف: «إزاء إفلاس المدافعين عن اداء المحكمة العسكرية واستمرارها في مصادرة صلاحية القضاء العدلي في الحكم في قضايا الإرهاب والجرائم الكبرى، وخلو أوراقهم من أي حجة او سند قانوني يعزز موقفهم، يبقى من الضروري الوقوف على اداء هذه المحكمة الذي سنستعرض بعض محطاتها لتكتمل الصورة أمام الرأي العام الذي لم يعد يرضى بتغييب رأيه ومداعبة مشاعره بعناوين براقة فقدت لمعانها منذ زمن بعيد وصارت مادة مستهلكة غير مطابقة للمواصفات. في هذا الإطار سأكتفى بالإشارة لبعض مما أجمع عليه المراقبون لعمل هذه المحكمة:
1- ان أداء قضاء النيابة العامة والتحقيق في المحكمة يسجل مطالعات وقرارات غالباً ما تتضمن بياناً واضحاً لوقائع القضية وإسهاباً في شرح دور كل من المدعى عليهم إذا ثبت، وإلا الأسباب التي اوصلت قناعة القاضي الى البراءة أو منع المحاكمة طبعاً مع تفصيل إدلاءات المدعى عليهم والرد على كل منها، في حين أن اداء قضاء الحكم في المحكمة العسكرية يدل على النقيض تماماً حيث تصدر الأحكام دون أي تعليل وبشكل نماذج معدة مسبقاً يتم ملء الفراغ فيها والتوقيع عليها بحيث يكاد المرء يظن أن أرواح الناس وممتلكاتهم أصبحت رهينة الفراغ القائم في قضاء الحكم في المحكمة العسكرية والقلم الذي يملؤه بثوان معدودة، وتفسير كل ذلك بديهي لمن يعلم الهيكلية التنظيمية للمحكمة العسكرية، فقضاء النيابة والتحقيق مؤلف من قضاة عدليين حصراً في حين أن قضاء الحكم مؤلف في غالبيته العظمى من ضباط لا يحملون في غالب الأحيان إجازة في الحقوق.
2- إن مثول المدنيين أمام القضاء العسكري يشكل بإجماع اهل القانون والناشطين في مجال حقوق الإنسان وعلى مستوى العالم، وبنظر المتقاضين أيضاً مسماراً في نعش العدالة وإنتهاكاً فاضحاً لحقوق الإنسان، وليأتوا لنا برأي ولو يتيم، بخلاف ذلك.
3- إن أداء المحكمة العسكرية في قضايا مفصلية ومهمة تعني كرامة الجيش اللبناني بالتحديد كان أكثر من مخيب، فمن ينسى الحكم اللطيف بحق العميد العميل المكرم فايز كرم، ومن ينسى قاتل الضابط الشهيد سامر حنا والحماية التي يؤمنها له المدافعون عن المحكمة العسكرية، وأي تاريخ سيذكر المحكمة العسكرية في قضية سماحة – المملوك، وغير ذلك من أمثلة لم تعد الذاكرة تقدر على حفظها من كثرتها ولا على نسيانها من شدة شناعتها.
4- إن تغييب المدعي عن ملف القضية في المحكمة العسكرية يشكل إنتهاكاً فاضحاً لحقوقه بصفته متضرراً من الجريمة وصاحب الحق في التعويض عما لحق به من ضرر، علماً أن أي حكم يصدر عن المحكمة العسكرية سيؤثر حكماً على حقوقه التي ينوي المطالبة بها أمام القضاء المدني.
5- لا دور للمتضرر من الجريمة في تحريك دعوى الحق العام على الإطلاق أمام القضاء العسكري بحيث يكون للسلطة ان تقرر إنهاء القضية على طريقتها وغب الطلب دون أن يكون للمتضرر من الجريمة أي دور في هذا الشأن».
أضاف: «إن هذه النقاط لا تشكل سوى غيض من فيض ممارسات هذه المحكمة، التي باتت تطرح علامات إستفهام حول نوايا المتمسكين ببقاء هذه المحكمة بالصلاحيات الممنوحة لها خلافاً لمعايير العدالة الدولية وللواقع القضائي في لبنان الذي يوجب إعادة صلاحية الحكم في قضايا الإرهاب والقضايا الكبرى للقضاة وحدهم وفق ما هو الحال عليه في معظم دول العالم».
وتابع: «لا يخفى عليكم ان ملف محاكمة ميشال سماحة كان احد أسباب استقالتي من الحكومة. لقد شعرت انه يراد لي كوزير للعدل أن احمل وزراً لا يرضاه ضميري، ولا يقبل به اي مخلص لوطنه. هذه المحكمة العسكرية ارتكبت جريمة، تفوق جريمة ميشال سماحة وعلي المملوك وبشار الاسد، فالمجرم سيحاكم على جريمته ولو بعد حين. اما العار الكبير، فسيبقى على جبين الجالس على قوس العدالة، اذا تخاذل او جبن أو خضع للترهيب او الترغيب. نعم لقد رفضت أن أغطي هذه الفضيحة، ليس فقط وفاء لدم الشهيد اللواء وسام الحسن، بل حفظاً لدماء أهلنا واولادنا، التي كانوا يريدون لها ان تراق في الافطارت، وفي الكنائس، والتي يجب ان نكون امناء لها بمعاقبة المجرم الصغير، وافهام المجرم الكبير أننا جاهزون لمواجهته، وان إجرامه قد يقتل بعضاً منا لكنه، لا يقتل فينا ارادة الحياة».
وأردف: «لقد رفضت في كل مسيرتي اي مساومة على المبادىء. تمسكت دائماً بالدولة والمؤسسات، واليوم أؤكد على هذا النهج، في مواجهة الدويلة وابواقها، التي تريد أن تستهدف المؤسسات وتشوه صورتها، والأبرز منها مؤسسة قوى الامن الداخلي، التي كان لي شرف قيادتها في مرحلة مفصلية من تاريخ لبنان الحديث. إن ما انجزناه في هذه المؤسسة هو مدعاة للفخر والاعتزاز. هذه المؤسسة الكبيرة تشهد اليوم محاسبة لبعض التجاوزات والمتجاوزين، وهو أمر صحي ومطلوب وضروري، لكن نذكر ارباب الدويلة، كما نذكر الجميع، بأن هذه المرحلة من مسيرة قوى الامن محفورة في تاريخ لبنان، ولا يمكن لاحد أن يشوهها، فهي كالشمس الساطعة، التي يعري نورها طيور الظلام».
وقال ريفي: «اسمحوا لي ونحن نقترب من ذكرى اعتقال الدكتور سمير جعجع في العام 1994، أن أتوجه بالتحية له وللقوات اللبنانية. لقد اراد النظام السوري ذلك التاريخ، بداية للانقضاض على ما تبقى من حرية وسيادة واستقلال، ففجر الكنيسة بواسطة عملائه، ولا يزال احدهم وهو الاكثر وقاحة واجراماً يتمادى في غيه. كان تفجير الكنيسة حلقة أولى من مسلسل تفجير لبنان والسيطرة عليه، وفي السياق نفسه أتي اغتيال شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري، وشهداء ثورة الارز الابرار، وفي هذا السياق ايضاً أتى مخطط الاسد – مملوك – سماحة، الذي أراد منه النظام السوري احداث فتنة طائفية كبرى، والمسلسل مستمر. نعم، استقلت كي لا أكون شاهد زور على نحر العدالة، استقلت كي لا أكون شاهد زور على محاكمات صورية للذين يفجرون الكنائس والمساجد».
أضاف: «أمام خطر استمرار مفاعيل الوصاية، وتهديد مقومات الوطن، لا يمكن لنا بحكم مسؤوليتنا الوطنية والاخلاقية، الا ان نكون جميعاً على قدر ما وضعه اللبنانيون فينا من آمال. الدويلة تفتت سيادة الدولة وهيبتها، وتضرب المؤسسات، ورائحة الفساد تزكم الانوف، وقصر بعبدا رمز البلاد فارغ بالقوة القاهرة التي فرضتها الدويلة، واللبنانيون يكادون يفقدون الامل في وطنهم. لهذا نحن مدعوون اليوم جميعاً الى وقفة شجاعة والى نقد ذاتي، والى اعادة اطلاق مسيرة الاستقلال التي صنعها اللبنانيون مسلمين ومسيحيين في 14 شباط و14 آذار 2005، فلنعد الى الجذور، فلنعد الى ثوابت تلك الانتفاضة السلمية المجيدة. حينها ننتصر وينتصر لبنان».
وختم: «تحية تقدير وإمتنان للقوات اللبنانية ولرئيسها الدكتور سمير جعجع على هذا اللقاء الحيوي والمثمر، وعلى أمل أن نلتقي وإياكم قريباً على مشهد مغاير لواقعنا الحالي، مشهد الدولة العادلة والقوية، سنظل نعمل لكي تكتمل معالمها حتى ينعم أولادنا يوماً ما بالإستقرار ونعيد للمواطنة في لبنان صورتها الحسنة التي تنسجم مع صورة لبنان السيادة والإستقلال».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق