سياسة لبنانية

«داعش» بعد تضييق الخناق عليها في سوريا: أي ردة فعل باتجاه لبنان جروداً وشمالاً؟!

تتضاعف المخاوف في لبنان من توجه العشرات من عناصر «داعش» خلال الأيام المقبلة من الداخل السوري الى الحدود اللبنانية الشرقية حيث دارت اشتباكات عنيفة بين «داعش» و«النصرة» منذ أيام، وسط معلومات عن إمكانية وصول ما بين 100 إلى 200 عنصر جديد إلى المنطقة على خلفية هربهم من مدينة تدمر. وفي حين يحذر بعض قادة الأجهزة الأمنية من خلايا نائمة لـ «داعش» في لبنان (مع الإشارة الى تدقيق شبه يومي لمنتمين أو متعاونين مع هذا التنظيم الإرهابي)، تشير مصادر الى أن «داعش» يعزز مواقعه قبالة البلدات البقاعية، وخصوصاً في جرود رأس بعلبك. وكانت العملية الاستباقية الأخيرة للجيش في الجرود مؤشراً الى عدم تراجع «داعش» عن إصراره على مهاجمة بلدات بقاعية، وقد حاول مراراً التسلل إليها لكنه اصطدم بتصدي الجيش وحزب الله وشبان تلك البلدات.
ويؤكد مسؤولون ميدانيون أن الأوضاع في الجرود قد لا تبقى على ما هي، وبات الحديث عن معركة الجرود الثالثة جدياً لأن «داعش» يحضر لعمل ما، خصوصاً بعدما نجح الجيش السوري في استعادة تدمر وإقفال الطريق الى البادية قاطعاً خط الإمداد بين جرود عرسال ومهين وتدمر. ومنذ استعادة النظام لـ «تدمر»، شهدت الجرود الشمالية للبنان استنفاراً واسعاً توّج منذ أيام بمعارك بين «جبهة النصرة» و«داعش». وبحسب مصادر سورية قريبة من المنطقة، فإن المعركة المتقطعة بين الطرفين تحولت الى حرب مصيرية لن تنتهي إلا بسيطرة أحد الطرفين على الجرود، مشيرة الى أن المعركة قد تطول ويمكن أن تنتهي بقضاء أحدهما على الآخر، لكن الأكيد أنه لم يكن ممكناً أن يحكم طرفان هذه البقعة الجغرافية المحاصرة.
وتصب ثلاثة سيناريوهات يتم تداولها لما سيجري لمصلحة احتمال انسحاب «النصرة» من الجرد العرسالي، من دون أن يعني ذلك تأكيد سيطرة «داعش» عليه إلا في حال انتصاره على «النصرة»:
– السيناريو الأول يفيد بانسحاب «النصرة» نحو قريتي فليطا والمعرة السوريتين من ضمن اتفاق حول سلة من ضمنها تسليم أهالي عرسال الجرود الواقعة تحت سيطرتها على أن تكون تحت سيطرة الجيش اللبناني بالنيران والتحكم بحركتها، خصوصاً أن معظم الأراضي الزراعية والبساتين المثمرة العرسالية تقع في نطاق سيطرة «النصرة» لا «داعش».
– السيناريو الثاني يقول بحل «النصرة» نفسها في الجرد العرسالي صورياً والتحول إلى تنظيم لا يثير اسمه هذه الحساسية الموجودة تجاهها، ومن ثم الانسحاب إلى مناطق يسيطر عليها «جيش الإسلام».
– السيناريو الثالث يفيد بتفوق «داعش» عددياً وتسليحاً على «النصرة» في جردي عرسال والقلمون السوري، حيث يبلغ عديد الأول نحو 1300 عنصر فيما لا يتجاوز عدد «النصرة»800 مسلح، ما قد يؤدي إلى غلبة «داعش» وإرغام خصمها على الانسحاب بعد سيطرتها على مناطق نفوذه.
المعارك بين «داعش» و«النصرة» في الجرود أعادت الأنظار اللبنانية إليها خصوصاً لناحية انعكاس أي تطور عسكري على مدينة عرسال. وفي حين تقول مصادر إن قوة «داعش» في لبنان تضاعفت في الشهرين الماضيين ثلاث مرات وبات هناك خوف جدي من تكرار محاولة احتلال عرسال في ظل تزايد حاجتهم لرئة يتنفسون منها، تؤكد مصادر متابعة أن لا خوف على عرسال إذا تطورت المعركة أكثر لأنها محصنة من الجيش اللبناني.
وحسب مصادر قريبة من حزب الله، فإن الحزب قطع بشكل كامل خطوط «داعش» التي امتدت من دير الزور والرقة وتدمر ومهين والقريتين الى جرود عرسال، وقطع اي تواصل بين الداخل السوري وتحديداً بين مسلحي «داعش» ومسلحي جرود عرسال. حتى أن حزب الله وخلال المعارك الحالية في القريتين قام مع الجيش السوري بإقفال كل المسارب التي تؤدي الى جرود عرسال ومنع المسلحين من الانتقال إليها، وتركوا للمسلحين المسرب الشرقي ليغادروا باتجاه دير الزور حيث وباستطاعة الطيران الروسي ملاحقتهم على هذا الطريق. عندما استعاد الجيش السوري وحزب الله بلدة «مهين» منذ شهرين، هذا التطور جعل الاطمئنان نسبياً لوضع الجرود، أما الآن فإن الاطمئنان بات شاملاً بعد تحرير تدمر وقريباً القريتين ودير الزور.
الجيش السوري وحزب الله قد يتجهان قبل دير الزورالى السخنة ومنها الى معبر التنف على الحدود العراقية – الأردنية، وبالتالي التواصل مع معبر «الركبة» العراقي الذي يصل الى جنوب العراق ومنها الى طهران، وبالتالي فتح طريق طهران بغداد دمشق بيروت البري.
الحرب السورية تشهد تطورات ميدانية استثنائية وأمن لبنان تعزز بشكل شبه كامل بعد وهن المسلحين من الزبداني الى مضايا الى دمشق وريف حمص الشرقي وصولاً الى قلعة الحصن في الشمال، وبالتالي فإن المسلحين في المناطق السورية المحاذية للبنان باتوا أعجز من القيام بأي تحرك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق