صحة

كلاويك بخير؟ أحمهم اليوم كرمال صحتك بكراً…

3500 لبناني بينهم 36 طفلا يخضعون الى غسيل كلى!

كلهم يتحدثون عن النفايات المكومة لكن كلامهم كله يذهب كما الرياح وكأنه ما كان…
وكلهم يتحدثون عن الشغور في رئاسة الجمهورية وعن الشغور في أخلاق الكثيرين وعن داعش والحروب والأزمات واليأس والملل والقنوط من الإنحدار السحيق في ميادين شتى…
لكنهم هم أرادوا أن يتكلموا بأمر آخر، بما يستحق البشر أن يسمعوا عنه، عن صحة البشر في التمتع بكليتين سليمتين طوال العمر.
«كلاويك» بخير؟
في اليوم العالمي للكلى سؤال طرحته وزارة الصحة العامة والجمعية اللبنانية لأمراض الكلى والضغط في لبنان بصوت عال تحت عنوان «أحمِ كلاويك اليوم كرمال صحتك بكرا»…

جميلٌ أن ينغل البلد من أجل هدف إنساني، صحي، طبي، توعوي. جميل أن يتأهب الجميع من أجل نجدة «الكلى». الحدث تم برعاية «سانوفي» وفي حضور الجمعية اللبنانية لطب الأطفال ووزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الاتصالات ووزارة الشؤون الإجتماعية ونقابة الممرضات والممرضين ونقابة المستشفيات.
وفي الموازاة كانت مستشفى «بل فو»، المشاركة دائما في مختلف حملات التوعية، أقامت دورات «زومبا» من أجل صحة الكلى بعنوان «خللي كلاويك يتحركوا» (Keep your kidneys moving)، فلماذا كل هذا الإهتمام بالكلى؟  

هل تعلمون؟
هل تعلمون أن 10 في المئة من سكان لبنان يعانون بدرجة معينة من تلف في الكلى؟
هل تعلمون أن مرض الكلى يصيب أيضاً الأطفال من عمر يوم واحد حتى 18 عاماً بطرق مختلفة؟
هل تعلمون أنه هناك 36 طفلاً في لبنان يعانون من قصور كلوي نهائي؟
هل تعلمون أن 3500 لبناني يخضعون الى جلسات غسيل الكلى؟
الأمر اذاً لا يحتمل المزاح… والسؤال: ما مهمة الكلية وكيف نحميها؟
الكلى هي عبارة عن أجهزة مركبة ومدهشة تقوم بعدد من المهام الأساسية للحفاظ على صحتنا، غير أن مهمتها الرئيسية هي إزالة السموم والمياه الزائد من الدم، كما تساهم في السيطرة على ضغط الدم وإنتاج كريات الدم الحمراء والحفاظ على صحة العظام. ويناهز حجم كل منها حجم قبضة اليد وتقع الكليتان في عمق البطن، تحت القفص الصدري، وهما تتحكمان بنسبة المعادن والجزيئات في مجرى الدم ومنها الصوديوم والبوتاسيوم، وتساهمان في السيطرة على مستوى الحموضة في الدم. وهما تعملان أيضاً على التحكم بدقة بمستويات الملح والمياه في الجسم كي يبقى ضغط الدم مستقراً.
والكلى مسؤولة عن المهام الاتية: تكوين البول، إزالة الفضلات والسوائل الزائدة من الدم، التحكم بالتوازن الكيميائي للجسم، المساهمة في التحكم بضغط الدم، المساهمة في الحفاظ على صحة العظام والمساهمة أيضاً على إفراز كريات الدم الحمراء.
«بتحبوا ولادكم»؟ ذكروهم دائماً بوجوب أن يشربوا المياه وأن يدخلوا الى الحمام للتبول. هذه هي نصيحة أطباء الكلى اليكم.
كيف يتسلل المرض الى الكليتين؟
يحصل مرض الكلى المزمن حين تبدأ وظائفها بالتدهور تدريجيا خلال فترة تمتد بين أشهر وسنوات. يعاني من 8 في المئة الى 10 في المئة من السكان البالغين من الفشل الكلوي في شكل من الأشكال بينما يموت الملايين قبل الأوان سنوياً بسبب المضاعفات الناتجة عن أمراض الكلى المزمنة.
وما هو أخطر من هذا كله، أن نسبة الإصابة بأمراض الكلى زادت نحو 82 في المئة بين العامين 1990 و2012. وتشكل أمراض الكلى في بعض البلدان احد أبرز أسباب الوفيات، ففي المكسيك مثلاً تم تصنيف أمراض الكلى المزمنة في المرتبة الثالثة ضمن لائحة الأسباب الأكثر شيوعاً للوفيات في العالم في 2010. وما هو أسوأ بعد من كل هذا أن أكثر من 600 مليون شخص في العالم يفتقرون الى الرعاية الصحية المناسبة بسبب تعذر الوصول الى العناية المتخصصة للكلى. ونحو 112 دولة في العالم تفتقر الى الموارد والتجهيزات الطبية الخاصة بغسيل الكلى وزرعها.

أمراض الكلى التي قد تفتك بالحياة صامتة غالباً
الرئيس المنتخب للجمعية اللبنانية لأمراض الكلى الدكتور روبير نجم حضر مزوداً بمعلومات وبكثير من الشكر الى كل من يساهم في لبنان في حملات الوقاية وفي نجدة المصابين. اختصاصية الكلى عند الأطفال الدكتورة بولين أبو جودة كانت حاضرة أيضاً بمعلومات يفترض أن يتنبه لها الجميع… وفي كلام الطبيبين ما يؤكد أن أمراض الكلى التي قد تفتك بالحياة صامتة غالباً فكيف والحال هكذا نقي أنفسنا منها؟
هناك ثماني قواعد ذهبية قد تساعدنا في الوقاية وهي: المحافظة على اللياقة البدنية والنشاط الدائم، المحافظة على انتظام مستوى السكر في الدم، مراقبة ضغط الدم، الأكل الصحي، المحافظة على مستوى إستهلاك السوائل في الجسم في شكل صحي، عدم التدخين، عدم التفريط في استهلاك الأدوية من دون وصفة طبية، فحص وظيفة الكلى إذا اجتمع أكثر من عامل ينذر بالخطر الشديد مثل الإصابة بالسكري وارتفاع في ضغط الدم أو إصابة أحد أفراد العائلة أو الأقارب بأحد أمراض الكلى.
صحيح أن حياة مريض الفشل الكلوي كبيرا كان أم صغيرا تتحول الى عبء اجتماعي وانساني واقتصادي واجتماعي، لكن يبقى مشهد الكبير وهو يستلقي على فراش الغسيل وفي صدره ابرة وأمامه جهاز جامد وساعات ملل وتوتر أسهل بكثيرمن مشهد صغير، بالكاد رأى الدنيا، يخضع الى جلسات غسيل!  

نعود إذاً الى أمراض الكلى عند الأطفال لنسأل: أي أطفال معرضون؟
باتت تستدعي أمراض الكلى عند الأطفال اهتماماً أكبر من قبل بعد أن بدأ عدد هؤلاء يزيد، والسؤال: إذا كان الانسان الكبير معرضاً للإصابة نتيجة أمراض مزمنة وضغط دم وبدانة فما هي الأسباب التي تساهم بإحداث فشل كلوي عند الأطفال؟
تختلف طبعاً أسباب الإصابة عند الصغار عنها عند الكبار، ولعل أبرزها وجود حصى كلوية أو عيوب خلقية وتشوهات في الكلى أو في الجهاز البولي تؤدي الى التهابات متكررة ومضاعفات، وفي هذا الإطار، تشيرالأرقام والنسب الى أن نحو عشرين في المئة من أسباب الفشل الكلوي عند الصغار تنتج عن إهمال علاج التهابات البول. ومن أسباب إصابة الصغار أيضاً وجود أمراض وراثية ناجمة عن نقص في الأنزيمات، ما يتسبب بترسب الأملاح في الكلى، وتكثر عادة هذه الأنواع من الإصابات في المناطق التي تزيد فيها نسبة اقتران الأقارب. واكتشاف مثل هذه المشاكل يكون عادة باعتماد الفحوصات عينها التي تستخدم عند تشخيص الحالة عند الكبار وتبدأ بالفحص السريري ثم بتحليل الدم والبول وبفحوصات شعاعية من شأنها تحديد درجة الفشل وسببه.   
ماذا لو كان طفلنا مصاباً؟
لا بدّ أن يكون قد سأل احد منكم نفسه هذاالسؤال! الإصابة تبقى إذا دائماً واردة وإن كانت لها عند البعض أسبابها الأقوى، وما يفيد معرفته هو أنه بات يصار الى تشخيص امكانية وجود هكذامشاكل عند الأطفال وهم أجنة عبر جهاز الموجات الصوتية وفحص السائل الأميوني، ما سهل امكانية العلاج المبكر والإحاطة من التطورات السلبية، لكن في حال بدا محالاً منع الطفل من بلوغ مرحلة الفشل الكلوي في كون الحلّ الأمثل: بإعداده ليكون مستعداً دائماً لزراعة كلية تعيد اليه نموه الطبيعي العقلي والجسدي، وتنجيه من ظلم الغسيل الطويل… وفي هذا الإطار نشير الى أن كثيراً من اطباء الكلى لا ينصحون، في حالات الصغار، بغسيل الدم الذي يُعتمد عند الكبار لأنه يؤدي الى مشاكل في القسطرة بسبب صغر حجم أوردتهم، ويستعيضون عن ذلك بغسيل «بريتوني» في البيت، عبر توصيل جهاز صغير بتجويف بطن الطفل ليلاً، على أن يفصل صباحاً.
مرض وغسيل ونمو غير مستقيم وأدوية وعلاجات وانتظار وملل وآلام وحزن وكآبة… في يوم الكلى العالمي تذكروا أن لكلى أجسادكم أيضاً حقاً عليكم لئلا تصلوا الى حيث سبقكم أكثرمن 3500  لبناني!

نوال نصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق