سياسة لبنانية

مدير جديد لـ «مخابرات الجيش»: قرار «عسكري» في «غفلة سياسية»

تم تعيين العميد كميل ضاهر مديراً للمخابرات في الجيش اللبناني خلفاً للعميد إدمون فاضل… وزير الدفاع سمير مقبل وقّع على قرار التعيين موافقا على توصية المجلس العسكري بناء على اقتراح قائد الجيش. ومعلوم أن تعيين مدير المخابرات يحتاج الى هذه الآلية ولا يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء. ولكن نظراً لدقة وحساسية ومهام هذا المنصب، فإن الأمر كان خاضعاً في السابق لحد أدنى من توافق سياسي، ولكن على وجه الخصوص لرأي رئيس الجمهورية الذي يتبع له هذا المركز «سياسياً ومعنوياً»، مع أنه تابع «إدارياً ووظيفياً» لقائد الجيش.
لم يمر قرار تعيين مدير جديد للمخابرات بهدوء ومن دون تعليقات وتساؤلات، خصوصاً وأنه شكل مفاجأة وبدا الأمر وكأنه تمرير لقرار عسكري في غفلة سياسية ومن السياسيين المربكين والموجودين في حالة من انعدام الوزن… فقد كانت كل التوقعات تشير الى تمديد جديد للعميد إدمون فاضل للأسباب الاتية:
– عدم جواز تعيين مدير جديد للمخابرات قبل أن يسبقه تعيين قائد جديد للجيش، وقبل هذا وذاك انتخاب رئيس للجمهورية نظراً الى ارتباط منصبي القائد والمدير بالرئيس الجديد في مطلع عهد جديد، وعدم إحراجه بمن عُيّن قبل انتخابه.
– لن يكون من السهل الوصول الى اتفاق حول هوية المدير الجديد للمخابرات، خصوصاً إذا ما استمرت التجاذبات السياسية على حالها وتقدم الخيار السياسي على ما عداه من خيارات تأخذ في الاعتبار عادة الخبرة والكفاءة والقدرة على إدارة ملفات حساسة مثل تلك التي تتولاها مديرية المخابرات. وفي الواقع لم يكن هناك من اتفاق بسبب التباين في الآراء بين الجهات المعنية بالتعيين. فوزير الدفاع سمير مقبل كان يسوّق اسم رئيس الفرقة العسكرية العميد عدنان سعيد، والرئيس السابق ميشال سليمان طرح اسم قائد الحرس الجمهوري العميد وديع غفري، والعماد قهوجي سبق أن رشح مدير مكتبه العميد كميل ضاهر لهذا المنصب. أما العماد ميشال عون الذي أصر على ضرورة تعيين مدير جديد للمخابرات لا سيما بعد تعيين الأعضاء الثلاثة في المجلس العسكري قبل أسبوعين في مجلس الوزراء، فكان يسعى الى تزكية عميد من آل حايك لهذه المهمة.
– المدير الجديد يحتاج الى وقت للاطلاع من سلفه على الملفات والمعطيات والمعلومات الموجودة في حوزة المديرية خصوصاً في المواضيع المتعلقة بالإرهاب، كما أنه يحتاج الى مدة زمنية قد تمتد الى ستة أشهر لتشكيل فريق عمله واجراء  تشكيلات في المناطق والتعرف على الأشخاص والاطلاع على الملفات السرية ما يمكن أن يؤدي الى تضاؤل عمل مديرية المخابرات خلال هذه الفترة وهو أمر غير مرغوب به في ظل الاضطراب الأمني المستمر وتحرك التنظيمات الارهابية القادرة على التلاعب بالوضع الأمني المستقر حالياً في البلاد.
– العميد فاضل أقام شبكة واسعة من العلاقات مع الأجهزة المخابراتية العربية والدولية العاملة على مكافحة الإرهاب. والمعلوم ان مسؤولين في أجهزة استخبارات عالمية كانوا تمنوا استمرار التواصل مع العميد فاضل لا سيما وأن العلاقات الشخصية تلعب دورها في حالات مماثلة. وثمة أجهزة استخبارات مؤثرة تعاونت المديرية معها في السنوات الأخيرة، إبان ولاية فاضل، أثمرت كمّاً هائلاً من المعلومات المتبادلة المرتبطة بملفات الإرهاب والتطرف وتنقل الأشخاص المشبوهين وتفكيك خلايا وتنقلها، منهم الفرنسيون والألمان والروس والبريطانيون والأوستراليون والكنديون والقبارصة اعتادوا أسلوب تعاملهم معه.
لكل هذه الأسباب كان التمديد للعميد فاضل هو المتوقع خلال هذا الشهر بعدما كان استدعي من الاحتياط الى الخدمة، كي يستمر في منصبه منذ العام 2008 مديراً للمخابرات، في ولاية غير مسبوقة في مدتها. وفي أيلول (سبتمبر) الفائت، بعد استنفاد فاضل سنوات خدمته في الجيش بانقضاء 42 عاماً واحالته من ثم على التقاعد، لجأ وزير الدفاع سمير مقبل الى إجراء – للمرة الاولى منذ اتفاق الطائف على مستوى ضابط كبير – يقضي باستدعائه من الاحتياط للالتحاق بالخدمة مجدداً. ومع انتهاء مدة الاستدعاء من الاحتياط عاد موضوع مدير المخابرات يطرح في ظل مع ما يشاع عن نصائح، أميركية خصوصاً، بإبقاء القديم على قدمه في مرحلة الشغور الرئاسي وانتظار انتخاب رئيس للجمهورية.
وقبل شهرين، مطلع العام الحالي، نقل عن العميد فاضل قوله إنه لم يسعَ يوماً ليكون مديراً للمخابرات ولا تصرف على نحو يضمن التجديد له خلال الأعوام الماضية ولا حتى راجع حتى يُستدعى من الاحتياط قبل ستة أشهر ليستمر في إدارة هذا الجهاز الحساس في التركيبة الأمنية اللبنانية، والذي ازداد أهمية ودقة من خلال الحرب التي أعلنها الجيش اللبناني على التنظيمات الإرهابية. وكان العميد فاضل في موقع المنتظر ما ستؤول إليه الاتصالات التي نشطت على أكثر من صعيد في محاولة لمعرفة من هو رفيق السلاح الذي سيسلمه الكم الكبير من الملفات والمعلومات التي توافرت لدى المديرية منذ سنوات وحتى اليوم، لاسيما ملف الإرهاب.
وتقول مصادر مطلعة إن عاملين ساهما مباشرة في اتخاذ قرار تعيين مدير جديد للمخابرات:
1- اكتمال عقد المجلس العسكري الذي معه انطلقت عملية تعيينات عسكرية يفترض أن تمتد الى قوى الأمن الداخلي لاحقاً…
2- زيارة العماد جان قهوجي الى واشنطن وكانت ناجحة في كل نتائجها، ومنها عاد قهوجي بدعم عملي للجيش ودعم معنوي لدوره وقراراته…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق