أخبار متفرقة

أي اتجاه سياسي سيسلكه الحريري وأي خيار رئاسي؟

قد يكون الرئيس سعد الحريري أكثر المحرجين والمتضررين من الوضع المستجد من جراء المواجهة التي فتحت على مصراعيها بين السعودية وحزب الله وما لحق بالعلاقات اللبنانية – السعودية بسبب ذلك من تصدع هو الأول من نوعه، وما أسفر عنه هذا التطور غير المحسوب من إعادة خلط للأوراق والأولويات. فالرئيس الحريري عاد الى لبنان على أساس خطة سياسية معينة وفي ظل وضع مساعد ليفاجأ بنشوء وضع جديد يكاد أن ينسف خطته ويضطره الى مراجعة حساباته…
الحريري عاد من أجل مهمة محددة هي الدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية كممر إلزامي لعودته الى رئاسة الحكومة.
في الواقع، يجد الحريري نفسه في ما خص موضوع رئاسة الجمهورية أمام ثلاثة خيارات واحتمالات:
الأول هو الاستمرار في ترشيح سليمان فرنجية وتوفير ظروف وصوله الى قصر بعبدا وتحيّن الفرص، بعدما قطع نصف الطريق بحصوله على أكثرية نيابية موصوفة «أكثر من النصف زائد واحد وأقل من الثلثين»…
الثاني هو الانتقال الى الضفة الثانية والى المرشح الأول لحزب الله والموافقة على انتخاب عون رئيساً للجمهورية بعدما ثبت بالتجربة تعذر انتخاب فرنجية في ظل المعطيات الحالية طالما عون مرشح وحزب الله ملتزم به وفرنجية ملتزم بموقف حزب الله والتنسيق معه، ولأن الواقع السياسي يفيد أن طريق الحريري الى السراي الحكومي تمر من بعبدا وأن طريق بعبدا تمر أولاً في حارة حريك… فإذا كان الحريري يريد رئاسة الحكومة ليس أمامه إلا فتح حوار من نوع آخر مع حزب الله، حوار مباشر بينه وبين السيد حسن نصرالله برعاية بري…
الخيار الثالث، وهو الذي بدأ الحريري يعمل عليه بالتنسيق مع بري وجنبلاط، وهو التوجه الى الخيار الثالث الرئاسي، أي الرئيس التوافقي من خارج اصطفاف 8 و14 آذار، ومن خارج ترشيحي عون وفرنجية، ومن خارج نادي الأقطاب الأربعة الموارنة.
هذا التوجه يجد التحالف الثلاثي له تفسيراً ومبرراً من نقطتين:
1- الجولة الثانية من المعركة الرئاسية بين فرنجية وعون انتهت الى نتيجة سلبية والى وضع  مقفل… بعدما كانت الجولة الأولى بين جعجع وعون انتهت الى نتيجة مماثلة… فميزان القوى السياسي الدقيق في الداخل، مضافاً إليه الصراع الإيراني – السعودي المحتدم، يمنعان وصول أي من المرشحين المعلنين حتى الآن، ويحولان دون أن يتمكن أي فريق سياسي من فرض مرشحه ودون الوصول الى «غالب ومغلوب»…
2- التدهور الدراماتيكي في الأوضاع الداخلية على كل المستويات، مع ما يشكله من قلق وخطورة ازاء احتمال حدوث انهيارات حكومية وسياسية واقتصادية وأمنية، هذا الوضع يفرض تحريك الملف الرئاسي وتسريع الخطى في اتجاه الاتفاق على رئيس للجمهورية من ضمن تسوية سياسية مرحلية، ومن منطلق أن الوضع تحكمه معادلة «توازن الرعب» وأن مصلحة الجميع تكمن عن قناعة أو على مضض في إخراج الوضع من المأزق ووقف انحداره نحو الهاوية. وانتخاب الرئيس الجديد هو المفتاح وهو الخطوة الأولى في إعادة بناء الوضع، خصوصاً وأن حكومة سلام لم تعد قادرة على إدارة الأزمة وتصنف حكومة فاشلة حتى في إدارة أصغر الملفات، ملف النفايات الذي سيكون حجة لتطيير الحكومة أو تعليقها. وهذا الانهيار الحكومي سيكون حجة لتعويم الاستحقاق الرئاسي وتسريعه، خصوصاً في ظل تقاطع مصلحي بين حزب الله والحريري: الحزب الذي يهمه حماية الحريري لأنه المرتكز السني الأول وقوة الاعتدال التي يحتاجها في هذه المرحلة… والرئيس سعد الحريري الذي تهمه رئاسة الحكومة وهو يعرف أنه أمام طريقين: إما أن يعود الى السرايا الحكومي، أو أن يعود الى الخارج…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق