سياسة لبنانية

تفاهم معراب: تحالف في الانتخابات… شراكة في الحكم

التفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يتسع أكثر فأكثر وصار واضحاً أن تأييد جعجع لعون لرئاسة الجمهورية لا يقف عند هذا الحد، فثمة رغبة مشتركة في توسيع إطار التفاهم ليصير أكثر قابلية لدى الجانبين تمهيداً لإحالة التفاهم الى مختبر الانتخابات الجدي (البلدية أولا والنيابية ثانيا). فالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية قررا التحالف في الانتخابات البلدية التي من المقرر أن تبدأ في الثامن من أيار (مايو) المقبل. والطرفان يدرسان تشكيل لوائح مشتركة في معظم القرى ذات الأغلبية المسيحية، رغم ترجيحهما أن الانتخابات لن تحصل. ولكن، إذا لم يطرأ شيء، واستناداً إلى استطلاعات «الدولية للمعلومات»، سيفوز «التحالف» في كل المناطق التي سيترشح فيها، باستثناء قضاء زغرتا.
وتقول مصادر إنه حين قرر جعجع وضع يده بيد عون رئاسياً، اتفق الرجلان على تعميم التفاهم الرئاسي عمودياً وأفقياً، طالما هناك الكثير من الأمور المشتركة.
كان لا بد من كسر الجليد القائم بين الحزبين بفعل خصومة الماضي القاسية، لتتناغم القواعد ويصبح التقاؤها أمراً لا يتطلب مجهوداً استثنائياً. وهذا ما يعني، بحسب هذه المصادر، تكثيف المناسبات المشتركة والبحث في عمق القضايا التي تهم الطرفين.
وتشير المصادر الى تغيّر طريقة تعامل الطرفين مع بعضهما البعض، حيث غابت الانتقادات والمواقف الحادة وأصبحت العلاقة أمتن وأقوى بينهما، مما يدل على أن الاتفاق ليس ظرفيا كما يحلو للبعض اعتباره، بل هو متماسك أكثر من أي وقت مضى، والتنسيق شبه يومي بينهما في كل القضايا (مشيرة في هذا الإطار الى عدم تحميل جعجع باسيل مسؤولية وقف الهبة السعودية والإجراءات الخليجية في حق لبنان، محمّلاً المسؤولية للحكومة مجتمعة).
وتقول المصادر إن اتفاق الزعيمين المسيحيين يتجاوز الرئاسة ويؤسس لدولة وفق منطق الشراكة، مشيرة الى أن الجهد المشترك العوني – القواتي سينصب على ترجمة شعار «الشراكة في النظام» الذي رفعه لقاء معراب من خلال الأفعال وليس الأقوال، بعيداً من الطائفية وعلى أساس تعزيز الميثاقية التي تكون في مفهوم عون وجعجع من خلال جعل «الشراكة الكاملة» حقيقة قائمة مهما كانت ردود الفعل عليها، وتلخصها عبارة «المسيحيون ليسوا أتباعاً بل هم شركاء كاملون في السلطة» التي سوف تكون عنوان الحملة الإعلامية السياسية التي يُنتظر أن تنطلق قريباً.
وفي المعلومات أن التحرك المقبل سيركز على التداخل القائم بين الميثاق والصيغة والعيش المشترك في ثلاثية ذهبية تؤول، حسب مفهوم الرابية ومعراب، الى بناء الدولة من جديد، وتثبيت الرئيس القوي. ويتوقع أن يشهد اللقاء المشترك المقبل بين جعجع وعون انطلاقة سلسلة لقاءات فرعية تمهد لعمل كبير يكرّس اتفاق التيار والقوات على استراتيجية واحدة ترسم خيارات المسيحيين في لبنان والمنطقة تحت سقف «الميثاق الوطني» والنسخة المنقحة منه أي اتفاق الطائف.
ويقول عاملون على خط وضع هذه الاستراتيجية قيد التنفيذ في صفوف القوات والتيار، إن الشريك الآخر كان يعيب على المسيحيين عدم اتفاقهم على قواسم مشتركة ورؤية واحدة حيال المواضيع الأساسية في البلاد، وعندما تحقق هذا الاتفاق، أخذ المعيبون أنفسهم «يحرتقون» على هذا الاتفاق، متجاهلين أن حالة مسيحية جديدة نشأت تحرص على تكوّن «وطنية لا لبس فيها» وهي كفيلة بجعل القوى الإقليمية والدولية تنظر الى الواقع الجديد على أنه مبادرة لبنانية صرفة لا عدائية فيها حيال الشركاء في الوطن الذين عليهم تلقف هذا التطور والتأسيس عليه في المرحلة المقبلة، لا سيما في مواجهة ملفات عدة أبرزها إقرار قانون انتخابات نيابية حقيقي وليس مفصلاً على قياس قيادات سياسية معينة، وإقرار قانون اللامركزية الإدارية الموسعة وتطبيقها لاحقاً تطبيقاً كاملاً، وإقرار النظام الداخلي لمجلس الوزراء لجعله مؤسسة دستورية حقيقية تتولى إدارة شؤون البلاد وفق المفهوم الذي أرساه اتفاق الطائف، ومقاربة ملف الإدارة والمجالس والصناديق المالية والدين العام وفق أسس واضحة عمادها الشفافية والإنماء المتوازن في كل المجالات.
ويضيف العاملون على خط الرابية – معراب أن التحالف الجديد بين عون وجعجع مقبل على مرحلة استعادة حقيقية للممارسة السياسية من الداخل، وهذا الأمر قد يكون السبب الرئيسي للمعارضة التي قوبل بها تحالف عون – جعجع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق