أخبار متفرقة

«العلاقة بين الطبيب والمريض» مؤتمر في اليسوعيّة

نقاشات وطاولات مستديرة أحاطت بمختلف تشعبات هذه العلاقة

نظّم المعهد العالي للعلوم الدينيّة في جامعة القدّيس يوسف في بيروت بالتعاون مع كليّة الطب، ونقابة الأطبّاء واللجنة الأسقفيّة لراعوية الخدمات الصحيّة في لبنان، وبرعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة  بطرس الراعي، مؤتمراً تحت عنوان «العلاقة بين الطبيب والمريض» يومي 26 و27 شباط 2016 في حرم العلوم الإنسانيّة – طريق الشام.
 

حضر الجلسة الافتتاحيّة ممثل البطريرك المطران مارون العمّار، ورئيس جامعة القدّيس يوسف البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، ونقيب الأطباء البروفسور انطوان بستاني، وعميد كليّة الطبّ البروفسور رولان طنب، وعميد كليّة العلوم الدينية الأب مارك شيشلك اليسوعيّ، ومدير  المعهد العالي للعلوم الدينيّة الخوري إدغار الهيبي، ونواب رئيس الجامعة وعدد من العمداء والأكاديميين والأطباء والكهنة والراهبات والعاملين في القطاع الصحيّ والطلاّب والمهتمين.
ناقش المؤتمر على مدى يومين مسائل ترتبط بحياة الناس بشكل مباشر، وتميّز بالانفتاح على مختلف الأسئلة والمواضيع والطروحات من الأخطاء الطبيّة وصولاً إلى السلوكيّات المستهجنة من قبل الطبيب والمريض على حدّ سواء، وصولاً إلى إرساء قواعد أخلاقيّة من المفترض أن تنظّمها وتضعها في إطارها المهنيّ والإنسانيّ الصحيح.

الجلسة الافتتاحيّة
استهلّت الجلسة الافتتاحيّة بكلمة عميد كليّة العلوم الدينيّة الأب شيشلك واعتبر فيها أن «علاقة الطبيب بالمريض» تشكّل جزءاً من العلاقة الإنسانية الشاملة، فجميعنا في وقت من الأوقات نمرّ فيها. وتضمنت مقاربتين، الأولى مهنيّة تتعلّق بالكفاءات التي يحصّلها الطبيب لممارسة مهنته، والثانية إنسانيّة «تتعلّق بالغنى الإنساني المطلوب في هذه العلاقة وهو ما سيبحثه المؤتمر».
عميد كليّة الطب البروفسور رولان طنب أشار إلى وفرة المعلومات وتشعبها حينما يتعلّق الأمر بعلاقة الطبيب بالمريض لكنه ذكّر أنه من موقعه كعميد لكليّة الطبّ لا بدّ له من الوقوف على عدد من الحقائق أبرزها «أنها علاقة إنسانيّة تعتمد على عناصر شخصيّة واجتماعية-ثقافية عدّة. وهي تتألّف من انتظارات متبادلة بين الطرفين بصورة واعية  ولاواعية» مؤكّداً أنها «“ليست علاقة صداقة، ولا علاقة عائلية وليست علاقة تجارية».    
أما نقيب الأطبّاء في لبنان البروفسور أنطوان بستاني فتوقف على العوامل التي دخلت على هذه العلاقة من من قبل مقرّري السياسات الصحيّة وإدارات المستشفيات والجسم التمريضيّ وتقنيي الصحّة وغيرهم، مشيراً في الوقت نفسه إلى التطورات الكبيرة التي تحققت على صعيد الوقاية  والتشخيص والعلاج والمرافقة في لحظات الحياة الأخيرة. كما دعا الجميع إلى العمل من أجل طبابة ومستشفيات أشدّ إنسانية، مُذكّرًا بما يتضمنه القانون اللبناني والأخلاقيّات الطبيّة مؤكّداً أن الالتزام بهما سيسمح للأطباء بممارسة مهنتهم بكرامة ويؤمّن الاحترام اللازم للمريض.
رئيس جامعة القدّيس يوسف البروفسور سليم دكّاش استعرض من جهته للعلاقة بين الطبيب والمريض لا سيّما في مجتمعنا الشرقيّ، معربًا عن فرحه لرعاية البطريرك الماروني لأعمال هذا المؤتمر، ما يؤكّد أهمية الموضوع، خصوصًا أن هذه العلاقة تطاول حياة الملايين من الناس. واعتبر البروفسور دكّاش أن “برنامج الطاولات المستديرة يؤكّد أن للعلاقة مكانتها في الإطار الأخلاقيّ وهي على صلّة قوية بأدبيّات مهنة الطبّ. وفي حال تمكّن هذا المؤتمر من ترجمة المبادئ الأخلاقيّة والتوجهات الدينتولوجية في سلوكيّات مطمئنة، ستنتقل من كونها علاقة تسلّط وهيمنة إلى علاقة تساعد على الشفاء بالكلمة التي تؤكّد أن ما وراء العلم والتقنيات شخصاً يساعد شخصاً آخر على النهوض».  
ثم تحدّث ممثل البطريرك الراعي، رئيس اللجنة الأسقفية لرعوية الخدمات الصحيّة المطران مارون العمّار، وبعد أن شكر الجامعة على استضافتها للمؤتمر قال: «تدعونا سنة الرحمة لنقيم علاقات أخوّة في ما بيننا عبر القيام بأعمال رحمة جسديّة وروحيّة»، وأضاف إن «المريض هو حقل الله» وتابع: «يحاول مؤتمرنا أن يضع أسساً صادقة للعلاقة بين الطبيب والمريض، والخطوة الأولى في هذه المسيرة الهامة، تكمن في ترسيخ الثقة بينهما».
واستكملت الجلسة الافتتاحيّة بطاولة مستديرة أدارها البروفسور ريمون صايغ والأب فيكتور أسود، وشارك فيها وزير العدل الأسبق البرفسور ابراهيم نجّار الذي تحدّث عن «الإطار التعاقديّ بين الطبيب والمريض» متطرقاً إلى المعضلات القانونيّة. كما تحدّث البروفسور رولان طنب عن «وضع الطبيب عبر التاريخ» منذ نشوء التجمعات البشريّة مروراً بالحضارات القديمة جميعها. أما الطبيب والجراح نبيل عقيص فكانت مداخلته بعنوان «الطبّ وفلسفة الوجود» وقد تضمنت أمثلة عملية من خلال خبرته المهنيّة مؤكّداً أنه في أحيان كثيرة كان يجد سبب الألم بعيداً من جسد المريض أي في تعاطيه مع وجوده ومقاربته لمكانته في الحياة.

اليوم الثاني ثلاث طاولات مستديرة
تنوّعت المداخلات في اليوم الثاني من المؤتمر وتناولت مواضيع توزّعت على الشكل الاتي:
الطاولة الأولى: أدارها الدكتور إيلي اسطفان والدكتورة دانيا شلالا وتحدّث فيها البروفسور وديع نجا (العلاقة بين الطبيب والمريض: من منظور علم النفس)، والدكتورة رولا أبي حبيب خوري (العلاقة بين الطبيب والمريض من خلال علم الاجتماع: المظاهر الاجتماعية–الاقتصادية والسياسيّة)، والبروفسور بيار يارد (العلاقة المؤسساتيّة بين الطبيب والمريض).     
الطاولة الثانية أدارها الدكتورة رندا شويري والأب شربل خشان، والدكتورة ريما ساسين (عميدة معهد العلوم التمريضية في الجامعة اليسوعيّة)، وشملت مداخلات لنائب رئيس جامعة القدّيس يوسف الأب البروفسور ميشال شوير اليسوعيّ (من أجل أخلاقية العلاقة بين الطبيب والمريض من احترام مبادئ الاستقلاليّة والإحسان إلى مغامرة عقد العناية)، والطبيب نبيل نجا (الإيمان أداة شفاء صلبة في المجتمع الإسلامي)، والطبيب جهاد معلوف (الحبّ الآتي من ناحية الصحّة) والخوري إدغار الهيبي (“إنشاء وحدة العناية الروحيّة في المستشفيات في خدمة الصحّة التكامليّة).   
الطاولة الثالثة أدارها البروفسور فادي فران والأب شربل شلالا وتحدّثت فيها السيدة كلير زبليط (الصحّة المجتمعيّة والعلاقة بين الطبيب والمريض)، والدكتورة رولا تلحوق (نظرة أنتروبولوجيّة في الممارسة الطبيّة)، والصحافيّة ندى مرعي (وسائل الإعلام والتواصل الطبيّ).

توصيّات هادفة
اختتم المؤتمر بجلسة ختاميّة أدارتها الدكتورة إليان أيوب، تضمنت توصيات تلاها البروفسور فادي حداد، وشكلت مقاربة تربوية تهدف إلى تغييرات فعليّة في المناهج المُدّرسة في كليّات الطبّ والمراكز المتخصّصة في إعداد العاملين في قطاع الرعاية الصحيّة.
توزعت التوصيات النهائيّة بحسب المقاربات التي تمّت مناقشتها على الطاولات المستديرة، وشملت المحاور التاريخيّة والفلسفيّة والأنتروبولوجيّة والنفسيّة والمؤسساتيّة والقانونيّة والأخلاقيّة والإسلاميّة والمسيحيّة والمجتمعيّة والإعلاميّة والتربويّة، منها على سبيل المثال ما اقترحه الأب إدغار الهيبي من تأسيس  لوحدة عناية روحيّة تقدّم خدماتها لمختلف المرضى بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفيّة وتكون أهدافها وسُبُل عملها مختلفة عما تقدّمه المرشديّات في الوقت الحاضر.

 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق