أخبار متفرقة

رئاسة الجمهورية «العالقة» حتى إشعار آخر: النظريات شيء والواقع شيء آخر

وفق الحسابات النظرية الرقمية، يمكن لجلسة 2 آذار (مارس) أن تنعقد وأن يتأمن لها النصاب الدستوري وأن تنتهي الى انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية… فاستناداً الى حسابات وبوانتاجات أجرتها جهات خبيرة في الملفين النيابي والرئاسي، يمكن تأمين النصاب في الجلسة المقبلة حتى لو لم يحضر نواب التيار الوطني الحر وحزب الله، ومن خلال حضور نواب كتل المستقبل (الحريري) والتنمية والتحرير (بري) واللقاء الديمقراطي (جنبلاط)، إضافة الى كتلتي القوات اللبنانية والكتائب اللتين واظبتا على حضور كل جلسات الانتخاب، يضاف إليهم نواب كتل ميقاتي والمر، إضافة الى مجموعة نواب مستقلين مثل ميشال فرعون وبطرس حرب ودوري شمعون وخالد ضاهر وعماد الحوت ونقولا فتوش… وبما يؤدي في المحصلة العامة الى تأمين حضور 87 نائباً (من دون احتساب كتلة فرنجية، ومع ملاحظة هنا أن كتلة «القوات» هي التي تتحكم بورقة النصاب).
ووفق هذه الحسابات أيضاً، فإن فوز فرنجية مؤكد مع امتلاكه كتلة نيابية مؤيدة متراصة تصل الى عتبة الـ 70 نائباً. فحتى الآن لم يتغيّر «البوانتاج النيابي الرئاسي» وتبقى الأصوات النيابية موزعة على الشكل الاتي:
– 71 صوتاً لـ «فرنجية»: المستقبل (34)، التنمية والتحرير (13)، اللقاء الديمقراطي (11)، نواب طرابلس (3)، مسيحيون مستقلون في 14 آذار (5)، المردة (4)، و… طلال إرسلان.
– 47 صوتاً لـ «عون»: تكتل الإصلاح والتغيير (22)، كتلة الوفاء للمقاومة (12)، القوات اللبنانية (8)، القومي والبعث (3)، نقولا فتوش وخالد ضاهر.
– 9 لم يأخذوا قرارهم بعد: الكتائب (5)، ميشال المر، نايلة تويني، ميشال فرعون، عماد الحوت.
(عدد مجلس النواب حالياً 127 نائباً منذ وفاة النائب ميشال الحلو وهو من كتلة عون).
ويمكن للرئيس سعد الحريري استناداً الى هذه الحسابات أن يدعو وبكل ثقة الى مبارزة انتخابية في مجلس النواب، وأن يعطي دروساً في الديمقراطية، وأن يزعج ويحشر حزب الله وعون بإلحاحه على حضور جلسة انتخاب تأخذ فيها اللعبة الديمقراطية مداها وتدور المنافسة بروح رياضية ويتقبل فيها الجميع النتيجة أياً  تكن ويتلقى فيها الفائز بالرئاسة أياً يكن التهنئة من الجميع…
ولكن هذا الكلام الجيد الذي يجد له صدى عند الرأي العام والمغلف بغلاف ديمقراطي جذاب يصعب رفضه ومقاومته لا يعكس الواقع المعقد سياسياً وطائفياً وإقليمياً… فالنظريات شيء والواقع شيء آخر، و«البوانتاجات» في مكان والمعادلات في مكان آخر. فالواقع يقول:
– إن حزب الله لن يتخلى عن عون طالما هو مرشح… ولن ينزل الى جلسة انتخاب لا تكون جلسة انتخاب عون…
– أن فرنجية لا يحضر أي جلسة من دون حزب الله حتى لو كانت جلسة لانتخابه، وأن بري يمكن أن يخالف حزب الله بعدم تأييده لـ «عون» ولكن لا يمكن أن يخالفه ويكسر موقفه بأن يغطي ويمرر عملية انتخاب فرنجية…
– أن «القوات» إذا وجدت أن الأمور سائرة الى فرض فرنجية رئيساً وأن كتلتها ستكون المرجحة والمقررة لـ «نصاب جلسة انتخاب فرنجية»… يمكن أن تلجأ الى خيار المقاطعة…
والمعادلة السياسية – الطائفية في لبنان المبنية على توازنات دقيقة تقول:
– أن النظام اللبناني قائم على «ديمقراطية توافقية» لا «ديمقراطية عددية»، وأن رئيس الجمهورية لا يأتي إلا نتيجة توافق وطني يترجم انتخاباً واقتراعاً في مجلس النواب…
– أن الاعتبارات والأعراف الميثاقية توازي النصوص الدستورية. فإذا كانت الانتخابات النيابية لم تجر لأن أكثرية سنية (المستقبل) كانت معارضة لإجرائها، فكيف الأمر بالانتخابات الرئاسية مع أكثرية مسيحية (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) ترفض إجراءها إذا كانت لفرض رئيس ترفضه ولم تشترك في اختياره، خصوصا بما يمثله موقع الرئاسة من أهمية في معركة استعادة التوازن الوطني والشراكة في الحكم…
– أن النصاب السياسي يتقدم على أي نصاب آخر في عملية انتخاب الرئيس، وهذا النصاب لا يمكن أن يتأمن إلا عبر حوار وتفاهم «المستقبل» مع كل من حزب الله والعماد عون… وإذا كان الحوار بين «المستقبل» والحزب حاصلاً في عين التينة، فإنه في الملف الرئاسي لا يحقق تقدماً طالما أن الحوار الثنائي الموازي بين الحريري وعون لم يستأنف بعد وطالما استمرت هذه الحلقة الرئيسية مفقودة.. وإذا كان إجراء الانتخابات الرئاسية يتطلب تغييراً من جانب أحد الطرفين الرئيسيين «المستقبل» أو حزب الله، فإن وقائع سنتين من «معركة الفراغ» أظهرت أن حزب الله ثابت في موقفه لا يتزحزح، وأن «المستقبل» هو من ارتكب «سابقة التغيير» وأبدى مرونة وتسهيلاً أو تساهلاً…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق