أخبار متفرقة

العلاقة بين المستقبل والقوات اللبنانية: التصدع حاصل… والترميم ممكن

الوضع السياسي اللبناني في حال عدم استقرار نتيجة الاهتزازات العنيفة التي أحدثتها أخيراً تطورات الاستحقاق الرئاسي… والأفرقاء السياسيون، كلهم تقريباً، في حال «انعدام الوزن» ويواجهون إحراجات وإحباطات متفاوتة الحدة والحجم بين فريق وآخر…
فريقا 8 و14 آذار يتساويان في حال الارتباك والاهتزاز والبلبلة، ولكن مع فارق أساسي هو أن فريق 8 آذار ما زال يحافظ على حد معقول من التماسك والحضور، في حين أن قوى 14 آذار، وباعتراف شخصيات فيها مثل الرئيس أمين الجميل والسفير جوني عبدو، «فرطت» وفقدت الحد الأدنى من التماسك وقدرة الحفاظ على الشكليات والصورة: فاجتماعات بيت الوسط التنسيقية توقفت، وبيانات الأمانة العامة الأسبوعية أيضاً… والمجلس الوطني لم يقلع وربما ولد ميتاً…
السبب في هذا الفارق بين 8 و14 آذار أن التحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يشكل النواة الصلبة والعمود الفقري في تحالف 8 آذار ما زال قائماً وسليما ومعافى… في حين أن التحالف بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية الذي يشكل النواة الصلبة والعمود الفقري في تحالف 14 آذار ضُرب وتأذى. وهذا ما يجعل أن تحالف 8 آذار ما زال صامداً رغم كل الاهتزازات الحاصلة بين عون وكل من بري وفرنجية، وأن تحالف 14 آذار يترنح ويواجه خطر السقوط رغم استمرار التحالف بين المستقبل والجزء المسيحي من 14 آذار غير القوات… وبالتالي فإن استعادة 14 آذار وضعها الطبيعي وتأثيرها البالغ في المعادلة كمجموعة رئيسية، وعودة 14 آذار الى ما كانت عليه، باتت تتوقف على عودة العلاقة بين القوات والمستقبل الى ما كانت عليه وتصويب مسارها.
يرى كثيرون أن العلاقة بين هذين الطرفين من الصعب أن تعود الى ما كانت عليه بعدما حدث «الافتراق المدوي» عند محطة الاستحقاق الرئاسي ومضى كلٌ في سبيله وأدار ظهره للآخر. وليس المجال هنا للخوض في أسباب ما حصل وما أصاب هذه العلاقة من تردٍ وانهيار، وهي أسباب متراكمة منذ سنوات، منذ تسوية الدوحة التي وافقت عليها القوات بتحفظ وعلى مضض، مروراً بمرحلة الـ «س. س» وزيارة الحريري الى الرئيس بشار الأسد، وصولاً الى حكومة الشراكة مع حزب الله وحوار سياسي معه أقدم عليهما المستقبل من دون الوقوف عند معارضة القوات ومن دون أخذ موقفها في الاعتبار، وما سبق ذلك من تباين وتنافر في موضوع قانون الانتخابات عندما انحازت القوات الى فكرة المشروع الأرثوذكسي الذي يتعارض مع الطائف ومصلحة المستقبل.
الى أن حصل حادث الاصطدام المروّع عند المنعطف الرئاسي الحاد: الحريري رشح فرنجية… وجعجع رشح عون… وكانت النتيجة أن قطبي 14 آذار السنّي والمسيحي رشحا حليفي حزب الله الذي ضمن رئاسة الجمهورية وربح المعركة من دون قتال… هذا الاصطدام أدى الى تعميق أزمة الثقة والى توسيع الهوة الفاصلة بين جعجع والحريري والى تبادل اتهامات سياسية: جعجع يتهم الحريري بإهماله وعدم أخذ موقعه ومصالحه في الاعتبار وبتجاوزه في استحقاق مهم يعنيه شخصياً ومسيحياً… والحريري يتهم جعجع أنه ذهب بعيداً بترشيحه الرسمي للعماد عون وانه أخلّ بوعد قطعه للسعودية بأن لا يرشح عون رسمياً طالما الحريري لم يرشح فرنجية رسمياً…
العلاقة تقف حالياً عند مفترق طرق وعند نقطة حساسة: الأزمة يمكن أن تتطور الى أسوأ إذا ذهب الطرفان في البحث عن بدائل وإذا استهوتهما فكرة الاستغناء عن التحالف الثنائي والاستعاضة عنه بتحالفات جديدة وسياسة الخيارات المفتوحة… والأزمة يمكن حصرها ويصبح التصدع الحاصل قابلاً للترميم في حال أظهر الطرفان رغبة وقدرة في تنظيم الخلاف الرئاسي وعدم تحويله الى خلاف سياسي، وإذا كان تحالف 14 آذار ما زال يمثل حاجة سياسية (للطرفين) وضرورة وطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق