أخبار متفرقة

ولاية الحمراء في سلطنة عمان تحتضن عدداً من المعالم الأثرية والدينية

وُلِد فيها عدد من الأعلام تركوا سِيراً خالدة

من الرجال الذين ذاع صيتهم وخلدوا للتاريخ وللحضارة الإسلامية مجداً وعزاً وفخراً.

أبو سعيد الكدمي  وُلِد وأقام بولاية الحمراء بمحافظة الداخلية العلامة الشيخ الرضا أبو سعيد الكدمي، وترك خلفه عدداً من دور العبادة مثل مسجد الشيخ أبي سعيد الكدمي الذي حظي باهتمام الأهالي وتم إعادة بنائه، أما الجامع الأثري الكبير الذي بناه الشيخ في عام 305 للهجرة في بلدة العارض على ربوة من صنع أبناء هذه البلدة، حيث تم بناء حائط لموقع الجامع وتم ملء هذا الحائط بالأتربة والرمل من مجرى الوادي حيث بين ذلك، أعمال الترميم المتعاقبة وما يوضح ذلك الأعمدة والعقود التي لا تحمل شكلاً موحداً وبينت أيضاً تعاقب البناء عليه، وأثناء عملية الترميم حيث إن الجدران لم تبنَ أحادية ولكن عبارة عن دعامات لجدران سابقة وأن الجامع بني على ربوة مرتفعة وذلك نتيجة لقربه من مجرى وادي شعماء الذي يشق مجراه وسط البلد.
هذا الجامع يحكي قصصاً طويلة صامتة بمجرد النظر إليه حيث بقي يصارع قسوة الطبيعة وتجاهل المسؤولين طوال القرون الماضية حتى جاء عصر النهضة الحديثة بقيادة السلطان قابوس فأولى اهتمامه لآثار عمان وتراثها الخالد حيث ظل هذا الجامع يناشد من محرابه الذي انطمست معظم ملامحه، من سيمد إليه يد الإنقاذ ويعيده إلى سالف عهده وأهميته كمعلم ديني وشاهد على رسوخ الدعوة الإسلامية واهتمام أهل عمان بتشييد المساجد والجوامع في كل جزء من السلطنة، فدور العبادة لها قدسيتها وليست كباقي المباني الأثرية الأخرى. وقد سلطت وزارة التراث والثقافة أنظارها لتوليه جل اهتمامها وتعيد ترميمه بالصورة التي كان عليها منذ مئات السنين عندما بناه الشيخ أبو سعيد الكدمي في القرن الرابع الهجري، ويعد من أقدم الجوامع في محافظة الداخلية ويتسع لأكثر من 200 مصل وما يميز هذا الجامع المساحة الإنشائية التي يتمتع بها باعتباره من الجوامع القليلة التي بنيت في تلك الفترة وينفرد في تصميمه المعماري الذي يبين نشأة وتطور المساجد الإسلامية وهو غرفة الصلاة والصرح المكشوف من الجهات الأربع وهو نمط للمسجد النبوي الشريف، وقد تمت عملية الترميم لهذا الجامع بواسطة المواد نفسها التي بني بها في الماضي وهي الحجارة والطمي والصاروج العماني، الذي تم صناعته محلياً، والذي يشبه في صلابته الأسمنت في الوقت الحالي والطوب والطين وتسقيفه أيضاً بالأخشاب الطبيعية، وقد قام بتنفيذ عملية الترميم هذه عمال وفنيون مهرة متخصصون في ترميم وإعادة بناء المعالم الأثرية. ويتكون من خمسة أروقة وفيه خمسة عشر عموداً أسطوانياً وعمودان مستقلان مربعا الشكل ملاصقان للجدران، حتى تعطي دعامة ومتانة للبناء ويبلغ طول غرفة الصلاة 16،30 متر وعرضها 15،20 متر وتتكون أعمدة الجامع من 21 عقدة بالإضافة إلى خمسة أروقة ذات أربعة صفوف من الأعمدة. أما بالنسبة الى المحاريب فإن فيه محرابين، أحدهما في الداخل طوله متران وعرضه 1،46 متر. وقد فقد ملامحه الأصلية حيث كان يحوي رفوفاً لوضع المصاحف، والآخر في صرح الجامع مما يدل على انه كان يرتاده للصلاة جمع كبير من المصلين.
ويصل سمك جدار هذا الجامع من 70 سنتيمتراً إلى 1،30 متر وفيه ستة أبواب بعضها ذو مساحة ضيقة والبعض الآخر ذو مساحة واسعة ففي بعض الأبواب يصل سمك الجدار إلى 1،30 متر.
أما قطر الأسطوانة الواحدة فيصل إلى ما بين 1،20 إلى 1،40 متر. ونجد العقود منفتحة أما البعض الآخر فتكون ضيقة ويوجد بالجامع عقدان مدببان.

البيوت الأثرية
كما تحتضن الحمراء عدداً من المعالم الأثرية كالقلاع والحصون والأبراج والبيوت التي من أهمها قلعة روغان بمسفاة العبريين التي بنيت قبل الإسلام وكانت تستخدم لحماية البلدة ومراقبة الغزاة القادمين إليها من كل جهة، حيث بنيت على ربوة مرتفعة تمكِّن حراسها من رؤية القادمين إليها من مسافات بعيدة وبيت البيتين في بلدة المسفاة أيضاً الذي هو عبارة عن بيتين متداخلين من الداخل عن طريق السلالم المبنية من الطوب والطين. ويسمح بالدخول من بيت والخروج من البيت الآخر، وهذا صمم ليستخدم في وقت الشدة أو الخوف.
أما البيوت في حارة الحمراء فتعبر عن مدى براعة الإنسان العماني في العمارة والتشييد، وتحدي قساوة الطبيعة الصخرية التي تتميز بها هذه الولاية ومن أبرز تلك البيوت بيت الصفاة الذي يفوق عمره خمسمائة سنة، ولا زال يتمتع بصلابته متحدياً تقلبات الطبيعة من الرياح والأمطار والحرارة وغيرها، وقد تم اتخاذه كموقع سياحي تمارس فيه أوجه الحياة القديمة، من الحرف والصناعات التقليدية وصنع الوجبات الغذائية العمانية التقليدية، لتعريف الزائرين بطبيعة الحياة التي عاشها الإنسان القديم ومكابدته للطبيعة، من أجل كسب قوته. وهناك بيوت أخرى لها الأهمية عينها ومنها بيت الجبل وبيت المغري وبيت الغنيمة، وتشتهر ولاية الحمراء بحصن الظويهر بوادي غول العجيب الذي بني قبل الإسلام بمئات السنين على مرتفع جبلي يعتلي البلدة، وغيرها من المعالم التي لا زالت تقف شاهداً على حضارة هذا البلد منذ آلاف السنين. هذا إلى جانب الأبراج التي تحيط بالولاية، فمنها ما اندثر ولم يبق منه شيء كبرج شعاشع، أما بعض الأبراج فقد حظيت باهتمام وزارة التراث والثقافة وتم ترميمها لتبقى شاهدا من شواهد التراث العماني.

حصاة بن صلت
تعد حصاة بن صلت واحدة من الآثار التاريخية التي تتميز بها ولاية الحمراء، وتحكي عبر التاريخ شجاعة الإنسان العماني وإقدامه على تحدي الصعاب في الوقت الذي يرى فيه الحاجة إلى الشدة والقوة البارعة، التي قلما يمتلكها إنسان، سواء في وقته أم في وقتنا الحالي. وهذه الحصاة تحدت قسوة الطبيعة وبقيت تحكي تاريخاً عمانياً منذ 4000 سنة، على الرغم من أن موقع هذه الحصاة كان في الماضي يبعد عن مركز الولاية ما يقارب خمسة كيلومترات، أما الآن ومن خلال الزحف السكاني فقد أصبحت تبعد حوالي كيلومتر واحد فقط، وهي تقبع شامخة وسط وادي الخوض ملتقى أودية الحمراء مجتمعة المعروفة بغزارتها. إلا إن هذه الحصاة استطاعت الصمود في وجه مياه الأودية العاتية. وهذا الموقع أيضاً عند سفح قرن كدم الذي ينطوي أيضاً على العديد من الآثار القديمة التي من بينها حوض لتجميع مياه الأمطار في الماضي للاستفادة منه في وقت الحروب. وما يميز هذه الحصاة أنها صخرة كبيرة شبه دائرية وترتفع حوالي ثلاثة أمتار عن قاع الوادي وتحيط بها أشجار الغاف والسدر والأراك من ثلاث جهات. وهذا الموقع في حد ذاته إلى جانب ما يحمله من عبق التاريخ، فهو موقع سياحي إلى حد كبير، خصوصاً عند استمرار جريان الأودية حيث انسيابية الأرض هناك وجميع مياه الأودية تصب في هذا الموقع. كما أن هذه الحصاة منفردة عن الجبل الذي يعتليه قرن كدم، وهي تشتمل على رسومات لفرسان وخيول وكتابات تعود لعصور ما قبل التاريخ حيث يدل ذلك على استيطان الإنسان القديم في هذا الجزء من هذا الوطن الذي شهد من الأحداث والبطولات الكثير وطرد المعتدين ولهذه الحصاة رواية وقصة لتسميتها تتناقلها الأجيال جيل بعد آخر ونسبت تسميتها إلى فارس من فرسان هذه الولاية اسمه صلت، وكان رجلاً شجاعاً لا يقدر أحد على مبارزته، وكان أعداؤه والمتربصون به كثراً. ولكي يتخلصوا منه فكروا في حيلة للقبض عليه من خلال عرقلة حصانه الذي يمتطيه، ثم الانقضاض عليه. فقاموا بغمر الطريق الذي يسلكه بالمياه حتى تصبح وحلاً. وبالفعل دخل الفارس في ذلك الوحل ولم يستطع الخروج منه حتى خارت قدما الحصان وانغرست قوائمه في الوحل فما كان من ذلك الفارس إلا أن ترجل عن حصانه، ودفعه بما أوتي من قوة وأخرجه من ذلك المأزق وكانت كل الأرض موحلة ولا يوجد أمامه مفر، إلا أن يجتاز تلك الحصاة الضخمة لكونه كان محاصراً من جميع الجهات. وعندما وصل الحصان إلى تلك الحصاة انثنى عن تجاوزها. وهنا أدرك الفارس أنه واقع في الهلاك لا محالة ولكي يخلص الحصان فارسه رجع إلى الوراء قليلاً وانطلق بسرعة البرق واجتازها بعد أن ضرب برجله بالقرب من قمة هذه الحصاة حتى أحدثت حفرة لأثر ذلك الحصان، وهي باقية حتى الآن إلى جانب الرسومات والكتابات القديمة. وفي الجانب الغربي من الحصاة يوجد فيها اللون الأحمر الذي يقال إنه دم الحصان الذي سال من رجله على قمتها بعد أن ضرب بها.
ومن بين المواقع الأثرية المسالك والطرق الجبلية في عمان التي كانت حلقات الوصل بين ولاية الحمراء وساحل الباطنة عن طريق جبال الحجر الغربي حيث شيدت على الطبيعة بجهود ذاتية لتعانق الارتفاعات قبل الهوات السحيقة وهذا الطريق يسمى السلسلة وصنعت من حلقات حديدية تم تركيبها في سفح الجبل بعد أن تم قدح تلك الصخور ويؤدي إلى منطقة (الهويب) وهي إحدى المناطق لامتدادات جبل شمس ويبلغ طول السلسلة حوالي 15 متراً تقريباً ويعود إنشاء هذه السلسلة إلى زمن بعيد ويتم تجديدها بإزالة الأخشاب كلما تهالكت من خلال قدمها والمشي عليها. وقد تم تجديدها مؤخراً بجهود المواطنين لإحياء التراث وتثبيت هذا الطريق ليبقى نموذجاً لقوة الإنسان العماني وتحديه للطبيعة الجبلية القاسية، بما يجعله رمزاً من رموز التراث التي يعتز بها العماني لتعريف الأجيال القادمة بما كابده الأجداد من صعوبات الحياة وطلب العيش. وكان المسلك الأقرب لتجار الولاية والتواصل مع الأهالي هناك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق