أخبار متفرقة

أزمة وقطيعة بين عون والراعي

موقف البطريرك الراعي من مبادرة الحريري كان تكرر لأكثر من مرة، منذ اليوم الأول للكشف عنها عندما كان الراعي في زيارة الى ألمانيا واطلع هناك من رجل الأعمال جيلبير الشاغوري على طبيعتها وتفاصيلها، مروراً بلقائه مع السفير السعودي علي عواض العسيري في بكركي وبعد ذلك مع الرئيس تمام سلام، وحيث سمع الرجلان كلاماً واضحاً للبطريرك الراعي في تأييده مبادرة الحريري والتعويل عليها كونها مبادرة جدية والسبيل الوحيد المتاح لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي. ولعل الإشارة البليغة والموقف الأكثر وضوحاً وتعبيراً هو الذي ورد في رسالة عيد الميلاد التي دعا فيها البطريرك الراعي «الى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع ما يمكن، داعياً الكتل السياسية والنيابية إلى مقاربة جدية للمبادرة الجديدة المختصة بانتخاب الرئيس، إذ إنها تتصف بالجدية كما هو ظاهر في عامل الثقة والأمل الذي أحدثته على المستوى النقدي والمصرفي، وفي الدفع الجديد للتفاهم بين فريقي 14 و8 آذار. وبات على الكتل السياسية والنيابية أن تلتقي حول هذه المبادرة، واتخاذ القرار الداخلي الوطني، والذهاب إلى المجلس النيابي وإجراء عملية الانتخاب وفقاً للدستور والممارسة الديمقراطية».
وذهب الراعي الى أبعد وطوّر موقفه بتساؤله: ما معنى وجوب سلة أو تسوية متكاملة مع انتخاب رئيس؟ وهو انتقاد مبطن لربط اختيار الرئيس باتفاق سياسي شامل على قانون الانتخاب والحكومة وشكلها وتوزيع الحصص فيها ورئيسها وسياسة رئيس الجمهورية على الصعيد الخارجي. وهو انتقاد يشمل أيضاً حزب الله، نظراً إلى ما ينقل عن أوساط قيادته وفي تلميحات بعض مسؤوليه عن رهن انتخاب الرئيس بكل هذه العناوين.
يبدو أن «الرسالة الميلادية» قطعت شعرة معاوية بين بكركي والرابية وكانت النقطة التي طفح بها «كيل الجنرال». وقوبل موقف الراعي برد عنيف من التيار الوطني الحر تمثل خصوصاً في الهجوم غير المسبوق الذي شنته محطة OTV على البطريرك، إذ اعتبرت أنه مصاب بـ «الزهايمر الروحي»، وهو ما اعتبر مؤشراً الى انقطاع العلاقة، وحيث أن عون لم يعد في وارد لا زيارة البطريرك الراعي ولا الاتصال به. كما أن جهات سياسية ناشطة على خط بكركي – الرابية جهدت في تطويق الأزمة التي لم تتراجع حدتها رغم التوضيح الصادر عن البطريرك وتضمن التمييز بين المبادرة والاسم المطروح… وهناك من رأى في هذا الكلام توضيحاً وتصويباً، وهناك من لم يجد فيه تراجعاً من جانب الراعي عن الموقف الداعم لمبادرة الحريري.
واستناداً الى زوار بكركي، فإن «أحدث موقف» للبطريرك الراعي من الاستحقاق الرئاسي، وتحديداً في ضوء مبادرة الحريري وترشيحه فرنجية، يمكن اختصاره في النقاط الاتية:
– البطريرك مرتاح لموقف الفاتيكان ويعتبر أنه والفاتيكان على موجة رئاسية واحدة، «وما يهمنا سوياً هو انتخاب رئيس»…
– البطريرك مؤيد، لا بل متحمس، لمبادرة الحريري بترشيح فرنجية، ويعتبرها فرصة سانحة يصعب أن تتكرر ويجب عدم تفويتها طالما ليس هناك من مبادرة أو فرصة أخرى.
– الراعي يعتبر أن ترشيح فرنجية أوجد واقعاً جديداً وحصر الرئاسة بين عون وفرنجية، وكرس واقع أن الرئيس الجديد هو من 8 آذار… وفرنجية فرصته أفضل من عون. كليهما لديه تأييد من الشيعة ولكن فرنجية نجح في الحصول على تأييد السنة (الحريري) وترشيحه يعكس التوازن الداخلي.
– ليس وارداً عند البطريرك عقد لقاء مسيحي أو جمع الأقطاب الأربعة في بكركي، لأنه واثق من أنهم ليسوا متفقين واجتماعهم سيفشل.
– يمكن للبطريرك الراعي أن يعقد لقاءات ثنائية منفصلة مع كل واحد من الأربعة (عون – جعجع – الجميل – فرنجية) وسيقترح عليهم، وتحديداً عون وجعجع، الخروج من سياسة «الرفض للرفض»، وتقديم طرح بديل عن ترشيح فرنجية يكون مقنعاً وممكناً أن يُطبّق… وإلا من الأفضل السير بفرنجية كي يأتي رئيس بإرادتكم وليس ضد إرادتكم، وحتى لا يبدو الأمر وكأن المسلمين فرضوا رئيس الجمهورية.
– لا يعوّل الراعي على اتفاق المسيحيين وتحديداً جعجع وعون. اتفاقهما سلبي، بمعنى أنهما متفقان ضد فرنجية ولكن ليسا متفقين على البديل. ومع ذلك فإن البطريرك مستعد للسير بأي اتفاق يتوصل إليه عون وجعجع سواء اتفقا على عون أو على فرنجية أو على «مرشح ثالث» من خارج نادي الأقطاب ومن خارج فريقي 8 و14 آذار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق