أخبار متفرقة

7 آلاف مقتنى تكشف تاريخ الحضارة العمانية

المتحف الوطني… 15 قاعة وتقنيات حديثة ولأول مرة في الشرق الأوسط لغة برايل

دشن السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان المتحف الوطني العماني لتبدأ السلطنة معه مرحلة متحفية مهمة تكشف عن عراقة وحضارة لها جذور من حقب زمنية غابرة. ويضم المتحف أكثر من 7 آلاف مقتنى أغلبها من المقتنيات النادرة التي تعود إلى مراحل زمنية قديمة، إضافة إلى عشرات الآلاف من المقتنيات الأخرى التي لا تزال في مرحلة الترميم والإعداد للعرض وبعضها في المخازن.

وأزاح السيد فهد الستار عن النصب التذكاري للمتحف معلناً بذلك الافتتاح الرسمي، وطُبعت له التذكرة رقم واحد للدخول من شباك التذاكر الخاص بالمتحف، قبل أن يبدأ الرسميون والمدعوون جولة تاريخية استثنائية في قاعات المتحف الـ 15.
وكانت وزارة التراث والثقافة قد دشنت التشغيل التجريبي للمتحف في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، ورغم أن الافتتاح هو الافتتاح الرسمي إلا أن المتحف لن يكون خلال الشهرين المقبلين مفتوحاً أمام الجمهور، وستقتصر زيارته على المجموعات السياحية المرتبة.
وأكد السيد فهد بن محمود إن الجهود التي بذلت لإنجاز مشروع المتحف الوطني أثمرت، ووفقوا في إخراجه بالشكل الذي يليق بتاريخ عمان الخالد.
واعتبر في تصريح للصحفيين أن أهمية المتاحف لا حصر لها فهي مدرسة تثقيفية للأبناء والأجيال الجديدة، ومن خلالها يعرف الزائر تاريخ هذا البلد وتراثه وحضارته وصلاته مع باقي دول العالم، مشيراً إلى أن عُمان خلال تاريخها الطويل أنجبت العلماء والأدباء والمفكرين وبالتالي لا بد لهذا الإرث الحضاري الذي نعتز ونفخر به أن يبرز. وحول ما إذا كانت هناك نية لدى الحكومة لإنشاء متاحف تنتشر في مختلف محافظات السلطنة أكد إن المتاحف لا بد أن تكون مرآة تعكس الجوانب الحضارية والثقافية وإرث الأجداد، ولكن في هذا السياق فإن بعض محافظات السلطنة لديها خصوصية يجب أن تحترم، وفي كل محافظة هناك الجوانب التي تعتز بها ويجب إبرازها وإظهارها كما حدث في احتفالات البلاد بالعيد الوطني، حيث أبرزت كل محافظة ما تتميز به من موروث.
ورحب سموه بفكرة تسيير قوافل عمانية تراثية إلى الخارج مشيراً إلى أن عمان استطاعت في الماضي أن تتواصل مع العالم ككل ومع الكثير من الدول ذات الحضارات وليس هناك ما يمنع أن ننقل هذا التاريخ والتراث إلى الآخرين، مؤكداً أن من واجبنا أن نبرز تراثنا وتاريخنا.
ورداً على سؤال حول الجهود التي تبذل من أجل الحفاظ على الهوية العمانية قال أعتقد أن الهوية العمانية محافظ عليها، وكل الجهات تقوم بدورها من أجل الحفاظ عليها. وخاطب الإعلاميين بالقول: وأنتم كذلك تساهمون في الحفاظ على الهوية العمانية وتقومون بدور جيد وكبير لإبراز الهوية العمانية والتاريخ والتراث العمانيين، وهو الدور الذي يقوم به المختصون في الحكومة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل هذا كاف؟ انا اعتقد أن هذا المجال يحتاج إلى المزيد من الاهتمام لأن العالم لا يعرف إلا ما يراه.
وحث المواطنين من أجل المساهمة في إثراء المتحف بما يرونه مناسباً من مقتنياتهم الخاصة شاكراً من ساهم في إثرائه خلال المرحلة الأولى وكذلك وجه الشكر لمجلس الأمناء الذي بذل جهوداً كبيرة لنجاح المشروع.
من جانبه قال السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة إنه لا يمكن الحديث عن سرقة التاريخ بأي حال من الأحوال. التاريخ لا يسرق حتى لو قام شخص بالحديث عن تفاصيل تاريخية ونسبها لنفسه، لكن التاريخ موثق ومكتوب وهو إرث غير قابل للسرقة، وعليكم في الإعلام أن تؤكدوا هذا وتصححوه، وتاريخنا مدون وموجود كإرث حضاري ولا يمكن تحريفه أو سرقته فهو ليس حجراً أو قطعة أثرية يمكن لشخص أن يسرقها. التاريخ أكبر من ذلك ولذلك لا يمكن سرقته.
وحول المتحف أكد انه رأى النور بعد عشر سنوات من وضع حجر أساسه في عام 2006، معتبراً أن المتاحف الوطنية تعتبر من أهم الركائز الثقافية في أي بلد. وأكد أن لدى وزارة التراث والثقافة برنامج واضحاً لبناء عدد من المتاحف ولولا الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم وإلا كنا في العام المقبل سنبدأ الحديث عن متحف التاريخ الطبيعي وكذلك المتحف البحري في ولاية صور علماً بأن الأمور الفنية جاهزة لهذه المتاحف وكذلك الاتفاقيات.
وأشار إلى إن الاتفاقيات بين المتحف الوطني والمتاحف العالمية قائمة لإعارة القطع والمعروضات وتبادلها لفترات عرض معينة، والمتحف اليوم يضم بعض القطع المعارة من متاحف بريطانية، وهناك قطع كثيرة تخص السلطنة موجودة في دول مختلفة من العالم نسعى إلى استعارتها وعرضها في المتحف الوطني وفق اتفاقيات التعاون بيننا وبين متاحف العالم.
وحول المجمع الثقافي قال: إن المناقصة جاهزة وكل التفاصيل ولكن تم وقف العمل بها بسبب الظروف الاقتصادية في المرحلة الحالية.
ويضم المتحف 15 قاعة مبنية على مساحة بناء 13700 متر مربع ، وتبلغ المساحة الإجمالية لقاعات العرض الثابت 4000 متر مربع.
ويعتبر المتحف الوطني أول متحف في منطقة الشرق الأوسط يستخدم لغة برايل لتمكين المكفوفين من التواصل مع المتحف ومقتنياته. كما أن المتحف الوطني أول متحف في منطقة الشرق الأوسط يستخدم نظام المخازن المفتوحة. وتضم قاعة الأرض والإنسان وهي احدى أكبر القاعات في المتحف أكبر صندوقين للعرض في العالم.
ويضع المتحف هدف المحافظة على مكنونات التراث الثقافي العماني من خلال دعم الأبحاث والدراسات العلمية والتاريخية والخطط للحفظ والصون الوقائي في أولى أولوياته إضافة إلى التعليم والتواصل المجتمعي الذي يتحقق من خلال مركز التعليم الذي يقدم الخدمات التعليمية المتميزة لجميع الزوار ومختلف الفئات العمرية خصوصاً للأطفال والفئات العمرية للطلاب ومن خلال تقديم خدمات الزوار المتميزة وللفئات الخاصة.
وقال جمال بن حسن الموسوي المكلف بأعمال مدير عام المتحف الوطني: إن المتحف الوطني يتمتع بالشخصية الاعتبارية بما يتوافق، والتجارب، والمعايير العالمية المتعارف عليها في تصنيف المتاحف العريقة.ويهدف متحفكم هذا بتحقيق رسالته التعليمية والثقافية والإنسانية، إلى ترسيخ القيم العمانية النبيلة، وتفعيل الانتماء، والارتقاء بالوعي العام، لدى المواطن، والمقيم، والزائر، من أجل عمان، وتاريخها، وتراثها، وثقافتها، وتنمية قدراتهم الإبداعية، والفكرية، ولا سيما في مجالات الحفاظ على الشواهد والمقتنيات، وإبراز الأبعاد الحضارية لعمان، وتوظيف، واعتماد أفضل الممارسات، والمعايير المتبعة في مجالات العلوم المتحفية، وتقديم الرؤية، والقيادة للصناعة المتحفية بالسلطنة. وقال الموسوي في كلمة له في بداية الافتتاح إن تجربة العرض المتحفي في المتحف الوطني تتوزع  على (١٥) قاعة، تتضمن (٦٠٠٠) من اللقى المميزة، والمنتقاة بعناية، و(٤٣) منظومة عرض تفاعلي. ويعتبر أول متحف بالسلطنة يتضمن مركزاً للتعلم، مجهزاً وفق أعلى المقاييس الدولية.
وبد السيد فهد بن محمود والوزراء والمستشارون الجولة في المعرض من قاعة التاريخ البحري التي ضمت مجسماً ضخماً لسفينة عمانية تقليدية إضافة إلى مخطوطات لكتب حول البحر للبحار العماني الشهير أحمد بن ماجد والتي من بينها مخطوطة «حبر وورق» التي تعود إلى القرن الثامن عشر الميلادي، ومجسم لسفينة صحار المصنوعة من خشب الكرز ومن ثم انتقل والضيوف إلى قاعة السلاح التي تتناول الأبعاد الحضارية والثقافية للسلاح التقليدي في عُمان منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى بدايات القرن العشرين وكذلك تستعرض تطور تقنيات تصنيعها نتيجة الاحتكاك بالعالم الخارجي. وتنقسم القاعة إلى قسمين قسم الأسلحة التقليدية وقسم للأسلحة النارية.
ثم بعد ذلك تجول والحضور في قاعة الأرض والانسان والمنجز الحضاري وقاعة الأفلاج والتي تضم مجسماً ضخماً لفلج الخطمين وكذلك قاعة العملات وقاعة الحقب الزمنية وقاعة ما قبل التاريخ والعصور القديمة وقاعة عظمة الاسلام وقاعة عمان والعالم وقاعة عصر النهضة التي تحوي الكثير من المقتنيات التي تعرض بعضاً من تفاصيل عصر النهضة. وتضم هذه القاعة أول كرسي «للعرش» استخدمه السلطان مطلع سبعينيات القرن الماضي. ونقش على الكرسي تاريخ 1390هـ وحرف «ق». كما تجول الحضور في قاعة التراث غير المادي.
ويكشف المتحف بشكل جلي عن عراقة الحضارة العمانية والأدوار التي لعبتها في بناء الحضارة الإنسانية كما يكشف عن ثراء كبير جداً استطاع الإنسان العماني أن ينتجه خلال الحقب الزمانية المختلفة. ويمكن للمتجول في المتحف منذ اللحظة الأولى أن يلحظ العبقرية الحضارية العمانية التي تتجلى على سبيل المثال في هندسة الأفلاج وكذلك هندسة القلاع والجوانب المعمارية بشكل عام. وتضم إحدى قاعات المتحف مجسماً كبيراً لأحد القبور المنتشرة في مناطق بات وطيوي.
وسيكون أمام الزائر للمتحف مساحات مكانية يختزل فيها الزمن عبر حقبه الطويلة ليحكي تفاصيل الحضارة العمانية العريقة والمنجز الكبير الذي أنجزه الإنسان العماني واستطاع من خلاله أن يراكم تلك الحضارة لتنعكس اليوم في الواقع الذي نعيشه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق