سياسة لبنانية

نصرالله يدعو الى «تسوية شاملة»: «دوحة لبنانية»

سبق لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أن دعا القوى السياسية في لبنان أكثر من مرة الى التحاور والتفاهم وعدم انتظار أي شيء من الخارج «المشغول عنا»، وعدم الرهان على متغيّرات إقليمية وعدم انتظار حروب يمكن أن تطول أو تسويات يمكن أن تتأخر… ولكن السيد نصرالله يدعو لأول مرة الى «تسوية شاملة» على المستوى الوطني ووفق مفهوم السلة الواحدة المتكاملة، أي الاتفاق بـ «الجملة» وليس بالمفرق لأن المعالجة بـ «الحبة» والموضوع متعب جداً ولا يوصل غالباً الى نتيجة…
ولا يكتفي نصرالله بالدعوة الى «التسوية الشاملة» وإنما يحدد إطارها وعناصرها وهي:
– رئاسة الجمهورية.
– الحكومة الجديدة (أو المستقبلية كما سماها).
– رئاسة الحكومة.
– تركيبة الحكومة.
– عمل المجلس النيابي.
– قانون الانتخاب…

وهذه الدعوة  بإطارها ومضمونها وشروطها تعني الدعوة الى «دوحة لبنانية» أي تكرار سيناريو التسوية الشاملة المرتكزة الى رئيس وحكومة وقانون انتخابات… ولكن مع فوارق في ثلاث نواحٍ على الأقل:
1- التسوية تجري هذه المرة على الأرض اللبنانية لأن «لا أحد في العالم العربي يستطيع أن يأتي ويلم العالم ويضعهم في طائرة ويأخذها لا الى الدوحة ولا الى الرياض ولا الى القاهرة أو دمشق أو بغداد، ولا أي مكان في العالم العربي».
2- في «اتفاق الدوحة» عام 2008 حصل اتفاق على رئيس الجمهورية (العماد ميشال سليمان) وعلى أساسه جرى تفصيل التسوية التي أعطت العماد عون كجائزة ترضية في الحكومة وقانون الانتخاب. ولكن سيناريو تسوية الدوحة لا يتكرر هذه المرة. وما سيختلف أن الاتفاق على رئيس الجمهورية مرهون ومشروط بالاتفاق أولاً على قانون الانتخابات. هذا هو الأساس ولب المشكلة والحل في آن.
3- «الدوحة اللبنانية» لن تكون مسبوقة بـ «7 أيار» أو ما شابه. السيد نصرالله قدم تطمينات وتوضيحات بأن انتظار حدث داخلي و7 أيار جديد خطأ، وأن 7 أيار لم تكن من أجل إعادة تكوين سلطة ولا من أجل مؤتمر دوحة، وإنما كانت ردة فعل على 5 أيار (قرارات حكومة السنيورة بشأن الاتصالات السلكية) ودفاعاً عن سلاح المقاومة. ومؤتمر الدوحة لم يكن هدف 7 أيار وإنما كان نتيجة. واللافت أن تطمينات نصرالله لا تقتصر على استبعاد فرضية 7 أيار جديدة، وإنما أيضاً استبعاد فرضية المؤتمر التأسيسي. فهو يدعو الى دوحة ثانية لا الى طائف جديد، ويتحدث تحديداً عن ضرورة تعبئة فراغات وتحديد مرجعيات دستورية وقانونية تحسم خلافات البلد وأزماته…
في شكل الحوار الذي سيفضي الى التسوية الشاملة، لا يبدو نصرالله مقتنعاً بطاولة ساحة النجمة وإنتاجيتها وجدواها، وإنما ألمح الى أشكال أخرى أكثر فعالية وتحدث عن حلقات وحوارات ثنائية وثلاثية ورباعية، لأن حوار الطاولة هو حوار للصورة وتعبئة الوقت الضائع، فيما التسويات لا ينتجها إلا «حوار من تحت الطاولة» ومفاوضات الكواليس والغرف المغلقة.  
أما في المضمون، فإن أهم ما في دعوة نصرالله أنها تنطوي على استعداد للتفاوض على رئاسة الجمهورية من ضمن سلة متكاملة. وهذا يعكس تطوراً في موقف حزب الله ومؤشراً الى الموافقة على فتح الملف الرئاسي والانتقال الى مرحلة التفاوض على الرئيس أو مرحلة «الرئيس التوافقي» بعدما كان الموقف: العماد ميشال عون مرشحنا ونقطة على السطر… عون أو الفراغ…
هذا لا يعني التخلي عن العماد عون وإنما فتح باب التفاوض على الثمن أو المقابل السياسي الذي يريده فريق المستقبل و14 آذار للموافقة على عون رئيساً. وهنا يترك نصرالله الباب مفتوحاً للمستقبل إذا شاء مع فريقه أن يطرح مرشحاً آخر ليصار الى التفاوض في شأنه. وفي هذه الحال سيكون المستقبل من سيدفع الثمن، وهذا الثمن السياسي محدد في مجالين:
– الحكومة، رئاسة وتركيبة، بمعنى أن وصول عون الى قصر بعبدا يقابله عودة الحريري الى السرايا الحكومي، وانتخاب رئيس توافقي للجمهورية يقابله وصول رئيس من خارج المستقبل لرئاسة الحكومة.
– قانون الانتخاب الذي يفوق رئاسة الجمهورية أهمية والاتفاق عليه سيكون أكثر صعوبة ومشقة. يقول نصرالله في قانون الانتخابات: «هو العامل الأساسي في إعادة تكوين السلطة ويعني مصير البلد. قانون الانتخاب يعني لمن تسلم مصيرك ودمك وعرضك ووجودك ومستقبلك وحربك وسيادتك… هذا يحتاج لنقاش حقيقي… هذا ليس أمراً هامشياً وبسيطاً يعالج بالمجاملات والمزايدات والضغوط».
من الواضح أن المعركة السياسية الكبرى ستكون على قانون الانتخاب… وأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية لن يحصل قبل الاتفاق على قانون جديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق