سياسة لبنانية

يوم حداد وطني في لبنان غداة الهجوم الارهابي الاكثر دموية لـ «داعش»

اعلن لبنان الجمعة يوم حداد وطني بعد تفجيرين انتحاريين اديا الى مقتل 43 شخصاً وجرح نحو 239 آخرين مساء امس الخميس في معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت في اعتداء تبناه تنظيم الدولة الاسلامية.
وهذا الاعتداء هو الاكثر دموية منذ اعلان حزب الله اللبناني مشاركته في النزاع المستمر منذ 2011 في سوريا. كما انه واحداً من اكثر الهجمات دموية منذ انتهاء الحرب الاهلية في لبنان (1975-1990).


واعلن وزير الصحة اللبناني وائل ابو فاعور خلال تفقده موقع الانفجارين مساء اليوم ان حصيلة القتلى «ارتفعت الى 43 شهيداً وما يزيد عن مئتي جريح» مشيراً الى «ان اصابات عدد كبير منهم خطرة».
واضاف رداً على اسئلة الصحافيين ان «العناية الالهية انقذتنا» من تفجير ثالث، موضحاً انه تم نقل جثة مزنرة بحزام ناسف الى المستشفى. وقال ان المعلومات تشير الى ان انتحارياً ثالثاً قتل في التفجير الثاني.
ووقع التفجيران بفارق سبع دقائق. واكد الجيش اللبناني «العثور في موقع الإنفجار الثاني على جثّة إرهابي ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه».
وجاء في بيان صادر عن الجيش «حوالي الساعة 18،00 (14،00 تغ)، أقدم أحد الارهابيين على تفجير نفسه بواسطة أحزمة ناسفة في محلة عين السكّة – برج البراجنة، تلاه إقدام إرهابي آخر على تفجير نفسه بالقرب من موقع الانفجار الاول»، ما تسبب بارتفاع كبير في عدد الضحايا.
وقال الجيش ان قوى الجيش نفذت «إنتشاراً واسعاً في المنطقة وفرضت طوقاً أمنياً حول موقعي الإنفجارين، كما حضر عدد من الخبراء العسكريين وباشرت الشرطة العسكرية رفع الادلّة من مسرح الجريمتين لتحديد حجم الإنفجارين وهوية الفاعلين».
واوضح مصدر امني لوكالة فرانس برس ان الانتحاريين وصلا الى المكان سيراً على الاقدام.
وتبنى تنظيم الدولة الاسلامية في بيان تداولته حسابات ومواقع جهادية على الانترنت مسؤوليته عن التفجيرين.
وتحدث عن «عملية امنية نوعية» تمكن خلالها عناصره «من ركن دراجة مفخخة وتفجيرها (…) في ما يعرف بشارع الحسينية في منطقة برج البراجنة»، مضيفاً «بعد تجمع المرتدين في مكان التفجير» فجر احد عناصر التنظيم حزامه الناسف «في وسطهم».
وفي اول تعليق لحزب الله، قال حسين خليل، المعاون السياسي للامين العام للحزب حسن نصرالله، رداً على اسئلة الصحافيين حول تبني تنظيم الدولة الاسلامية للتفجيرين «ليس مستبعداً على داعش واخواتها وكل من ينتمي الى هذه الوحوش الكاسرة (…) هذه عقليتهم، هذا دينهم ولن يتغيروا».
ووصف ما جرى بانه «جريمة موصوفة بكل ما للكلمة من معنى، وهي ليست ضد حزب او طائفة او فريق سياسي معين، بل جريمة بحق الانسانية جمعاء».
واضاف «ما جرى يشكل حافزاً اساسياً لنا جميعاً (…) ان نقف صفاً واحداً خلف المقاومة والجيش والاجهزة الامنية (…) في وجه قوى الارهاب والتكفير»، مشدداً على ان «المعركة مستمرة في وجه الارهاب، وهي معركة ليست قصيرة».
ودانت المملكة العربية السعودية «التفجير الارهابي» واعرب سفيرها في لبنان علي بن سعيد عواض العسيري عن «ادانة المملكة واستنكارها الشديدين للتفجير الارهابي الذي شهدته العاصمة اللبنانية واسفر عن سقوط العديد من الضحايا والمصابين».
ونقل السفير عن العاهل السعودي «تعازي المملكة حكومة وشعباً لاسر الضحايا ولحكومة وشعب لبنان الشقيق مع الامنيات للمصابين بالشفاء العاجل».
ومن ناحيتها، دانت الولايات المتحدة العملية الانتحارية المزدوجة ووصفتها بانها «ارهابية وشنيعة». وجاء في بيان للمتحدث باسم مجلس الامن القومي نيد برايس ان «هذا النوع من الاعمال الارهابية لا يؤدي الا الى تعزيز التزامنا في دعم مؤسسات الدولة اللبنانية ومن بينها الاجهزة الامنية لجعل لبنان مستقرا وآمنا وذا سيادة».
واضاف ان «الولايات المتحدة تدين باشد العبارات الاعتداءات الارهابية الشنيعة في بيروت».
كما قدمت واشنطن «تعازيها الحارة» لعائلات الضحايا وقالت انها «تقف الى جانب الحكومة اللبنانية».
وكذلك دان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون العملية الانتحارية المزدوجة ووصفها بانها «عمل حقير».
وجاء في بيان ان بان دعا اللبنانيين الى «مواصلة العمل للحفاظ على امن واستقرار» البلاد.
وبعد ان اعرب عن «حزنه الشديد»، كرر بان «دعم الامم المتحدة للمؤسسات اللبنانية ومن بينها القوات المسلحة واجهزة الامن في الجهود التي تبذلها للحفاظ على امن لبنان وشعبه».
ومنذ موجة التفجيرات التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت بين 2013 و2014، ينفذ حزب الله والقوى الامنية تدابير مشددة على مداخل الضاحية وعمليات تفتيش دقيقة للسيارات.
وسادت اثر الانفجار حالة من الهلع في صفوف السكان، خصوصاً ان التفجيرين وقعا في شارع شعبي مكتظ. وشارك عناصر من حزب الله في الاجراءات الامنية.
وقال شاب بانفعال عبر احدى شاشات التلفزيون «عندما دوى الانفجار الثاني ظننت ان العالم انتهى».
واعلنت رئاسة مجلس الوزراء الحداد العام اليوم في كل انحاء البلاد في حين دعا وزير التربية الى اقفال المدارس والجامعات الرسمية والخاصة.
وفي الخارج، اعرب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مساء الخميس عن «صدمته» و«سخطه» اثر الاعتداء ووصفه بانه «عمل دنيء»، وقال بيان الرئاسة الفرنسية انه «يقدم تعازيه الى اسر الضحايا واقاربهم».
وشهد لبنان منذ بدء النزاع السوري منتصف آذار (مارس) 2011، سلسلة من اعمال العنف والتفجيرات التي ادت الى مقتل العشرات.
واستهدفت الضاحية الجنوبية ومناطق اخرى محسوبة على حزب الله بتفجيرات عدة كان آخرها في حزيران (يونيو) 2014. وتبنت بعض هذه التفجيرات مجموعات جهادية، مشيرة الى انها تأتي رداً على مشاركة الحزب في القتال في سوريا.
ومن اكثر الاعتداءات السابقة دموية تفجيران انتحاريان استهدفا السفارة الايرانية في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 وتسببا بمقتل 23 شخصاً وجرح 150، وآخر في منطقة الرويس بسيارة مفخخة في 15 اب (اغسطس) 2013 قتل فيه 27 شخصاً واصيب 336 اخرون بجروح.
وكشف حزب الله مطلع العام 2013 عن مشاركته في القتال في سوريا، ما اثار جدلاً واسعا في لبنان. ويواصل خصوم الحزب المناهضون للنظام السوري بانتقاد هذا التدخل معتبرين انه يجر لبنان الى النزاع السوري الدامي.

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق