سياسة لبنانية

هل يكون الدخول الى «اللامركزية» من باب النفايات؟!

أسفرت الاجتماعات والمشاورات الماراتونية عن تكوين بصيص حل يعوّل على بلورته خلال الساعات المقبلة بشكل يؤمن طمر النفايات وتعويم الحكومة، وذلك بناء على الطرح الذي قدمه الرئيس بري والذي قد يشكل خشبة الخلاص لمأزق النفايات على قاعدة كل جهة وكل منطقة، حتى لا نقول كل طائفة، تتكفل بنفاياتها.
وقد أبدى بري في اقتراحه الإنقاذي استعداد حركة «أمل» وحزب الله لتحمل مسؤولية معالجة النفايات ضمن نطاق بيئتهما الجغرافية، وصولاً الى تحقيق «التوازن» في الواجبات على هذا الصعيد. وطرح بري هذا الموقف من خلفية نزع ذريعة إيجاد مطمر في البقاع مقابل فتح مطمر سرار في عكار. وعلم أن بري أبلغ الوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور «إنسوا» مطمر البقاع ويشيّع البعض أن الكمية التي ستنقل من الضاحية وبعض المناطق الى مطمر البقاع توازي الـ 1000 طن يومياً. وأضاف: «أنا وحزب الله نتعهد بإيجاد مطمر لنفايات الضاحية، لا تحرجوا ابداً وستكون مسؤوليتنا إيجاد المكان وطمر الـ 1000 طن يومياً، وهذه الذريعة سنسحبها من الذين يعارضون طمر نفايات الضاحية في مناطق معينة، وسنسحب هذه الذريعة من التداول، وإذا كانت النيات صادقة فليجتمع مجلس الوزراء ويقر خطة النفايات»، علماً ان بري قال لشهيب: حتى الآن لم نحدد المكان لكننا سنجد الحل. وقدم الرئيس بري اقتراحات للحل تقضي بإقامة مطمر في كل منطقة، وتحدث عن عدد من الخيارات انطلاقا من خطة شهيب لتجاوز المنطق المذهبي المناطقي، داعياً الى عقد جلسة لمجلس الوزراء خلال الـ 24 ساعة المقبلة.
ومع وصول خطة وزير الزراعة أكرم شهيب الى الطريق المسدود، مع عجز تيار المستقبل طوال الأسبوعين الماضيين عن فتح مطمر سرار في عكار إذا لم يؤمن في المقابل «مطمر شيعي»، خرج الرئيس نبيه بري بطرح توزيع المطامر على المناطق، مبدياً موافقة حركة «أمل» وحزب الله على تولّي أمر نفايات الضاحية الجنوبية، على أن تذهب نفايات بيروت الى سرار ونفايات الشوف وعاليه وبعبدا الى مطمر يعمل النائب وليد جنبلاط على تأمينه. وفي هذه الحال، يكون على القوى المسيحية مسؤولية إيجاد مطمر لنفايات المتن وكسروان.
في هذا السياق، أفادت مصادر نيابية في كتلة المستقبل أن الأرجحية هي للاتجاه نحو «فدرلة» طمر النفايات، موضحة أن الطمر وفق هذه المعادلة يتيح «تحقيق الشراكة الوطنية على مستوى الأقضية». ولفتت المصادر إلى أن حزب الله وحركة «أمل» وعدا بتولي تأمين عمليات الطمر ضمن نطاق مناطق نفوذهما سيما في البقاع الشمالي، بما يؤمن حلاً متوازناً مناطقياً مقابل اعتماد مطمر سرار في عكار بالتزامن مع إعادة فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة أيام بحسب خطة الحكومة. فيما تبقى مسألة تأمين مطمر في جبل لبنان عالقة بانتظار ما ستتوصل إليه المشاورات التي يجريها شهيب اليوم مع كل من التيار الوطني الحر وحزب الكتائب، علماً أن النائب ميشال المر كان قد أكد خلال جلسة الحوار الوطني الأخيرة وجود تصور لديه لإيجاد مطمر خاص بنفايات منطقة المتن.
يبدو أن الرئيس بري سينجح حيث فشل الآخرون… فإذا كان قانون اللقاء الأرثوذكسي سقط بفعل تضارب المصالح الطائفية ولم ينجح في الوصول الى قانون انتخابي يقوم على أساس أن تنتخب كل طائفة نوابها… يبدو أن اقتراح الثنائي الشيعي سينجح في الوصول الى حل بيئي يقوم على أساس أن تتكفل كل طائفة بزبالتها… وربما يكون هذا أول الغيث في مسيرة تمتد لاحقاً الى سائر المرافق الخدماتية بدءاً من الكهرباء… فتتحقق اللامركزية الإدارية الموسعة على الأرض وعملياً، مع العلم أنها من المسائل الواردة في اتفاق الطائف والتي لم تنفذ حتى الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق