رئيسيسياسة عربية

معضلة أمل كلوني بشأن محاكمة صحفيي الجزيرة

في قاعة محكمة في القاهرة عجت بالحضور، ساد صمت قلق بينما قرأ القاضي حسن فريد الحكم الذي تأخر كثيراً في محاكمة صحفيي الجزيرة الثلاثة.

ثم ساد صمت ينم عن الصدمة حطمه بكاء مروة عمارة، عندما علمت أن المتهمين، ومن بينهم زوجها محمد فهمي، سيعادون إلى السجن مدانين بتهم تتراوح بين بث «أنباء كاذبة» إلى العمل من فندق محلي دون ترخيص.
وبينما وجهت أعداد غفيرة من الكاميرات والميكروفونات صوب مروة، التي تهاوت مغطية وجهها بيدها، صوبت الكاميرات أيضاً عدساتها صوب المحامية اللبنانية البريطانية أمل كلوني التي وضعت يديها حول مروة في محاولة لمواساتها.
وكان هذا أول تحرك لمحامية حقوق الإنسان البارزة بعيد الحكم المثير للجدل الذي أدانته جماعات حقوق الإنسان وحكومات أجنبية، ومن بينها بريطانيا والولايات المتحدة.
وتلى ذلك إحاطة كلوني بالحشود الإعلامية وتسليط الأضواء عليها بينما تبدأ خطواتها التالية في معركة صعبة يزيد فيها البعد السياسي نيابة عن موكلها محمد فهمي مصري المولد كندي الجنسية.
وقالت لي في مقابلة نادرة من القاهرة، بعيداً عن الزحام المحيط بها «لدينا طريقان، ولكن المسار الذي نسلكه حالياً، هو أن يصدر الرئيس (المصري عبد الفتاح) السيسي عفواً».
وأضافت شارحة الموقف «إصدار عفو يعني إلغاء الاتهامات وسيطبق على جميع الصحفيين، وليس على الأجانب فقط».

«معضلة عويصة»
ويوضح تعليق كلوني معضلة عويصة.
حيث يسمح الطريق الثاني، وهو قانون ترحيل استحدثه السيسي العام الماضي، بالسعي لمغادرة مصر باستخدام جنسيته الكندية كما أعيد الصحفي الاسترالي بيتر غريسته المتهم في القضية عينها إلى بلاده في شباط (فبراير) الماضي.
ولكن ذلك المسار سيترك زميلهما المصري باهر محمد ليقضي فترة عقوبته التي تبلغ ثلاث سنوات بالإضافة إلى ستة أشهر أشغال شاقة للعثور على فارغ طلق ناري في حوزته.
ومنذ أشهر عدة قال السيسي للصحفيين «كنت اتمنى أن يرحلوا فور إلقاء القبض عليهم بدلاً من محاكمتهم».
كما تحدث عن عفو محتمل «بعد انتهاء المحاكمة».
ولكن مع احتمال قيام طاقم الدفاع المكلف من قبل الجزيرة، قد تستمر هذه القضية المستمرة بالفعل منذ عامين لفترات أطول، وقد يضيع الحديث عن العفو وسط الصراع القضائي.
ولذا فالسؤال الآن هو هل ما زال الرئيس السيسي يريد أن يعفو عن المتهمين، واذا كانت هذه نيته، فمتى؟
وتؤكد كلوني أن السيسي تدخل سابقاً، ويمكنه التدخل مجدداً.
وقالت «كانت هناك فترة توقف في نظر القضية عندما رحل بيتر غريسته، مما اعتبر فرصة زمنية كافية للتدخل الحكومي في الأمر».
وتقدمت الحكومة الكندية، التي انتقدت من قبل لعدم القيام بما يكفي لدعم فهمي، رسمياً بطلب للعفو عن فهمي أو ترحيله. وتخلى فهمي على مضض عن جواز سفره المصري بعد تأكيدات أنه سيرحل من مصر في الوقت عينه الذي رحل فيه غريسته تقريباً.
وقالت كلوني «من المفارقات أن الاتهام والإدانة، كانا لتشويه سمعة مصر، بينما يدين المجتمع الدولي مصربسبب هذه القضية والقضايا المشابهة».
وتشير كلوني إلى أن هيئات مراقبة الصحافة والحرية الصحفية تصنف مصر في المرتبة الرابعة عالمياً في ما يتعلق بعدد الصحفيين السجناء.

«إهانة القضاء»
ونفت السلطات المصرية مراراً احتجاز اعلاميين لممارسة عملهم الصحفي، ولكن لصلات بجماعات محظورة تتهمها بالقيام بأنشطة إرهابية، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين التي ابعدت عن السلطة منذ عامين.
وردت وزارة الخارجية المصرية بسرعة وقوة على الإدانات الدولية للحكم. وتم استدعاء السفير البريطاني جون كاسون في القاهرة للاحتجاج على «للتدخل غير المقبول في أحكام القضاء المصري».
وتعرضت كلوني لانتقادات في بعض وسائل الإعلام المصرية لـ «إهانة» القضاء.
وقالت كلوني «لدي المزيد من الحرية أن أقول ما يجب علي أن أقوله أكثر من المحامين الذين يمارسون عملهم هنا دوماً»، وأعربت عن قلقها عن «التأثير المخيف» لبعض الاتهامات.
وتصدرت كلوني عناوين الصحف مؤخراً لتوليها الدفاع في بعض القضايا السياسية الصعبة مثل الإنكار التركي لإبادة الأرمن ومحاولتها إنقاذ سيف الإسلام القذافي ورئيس المخابرات الليبية السابق عبدالله السنوسي، اللذين حكم عليهما بالإعدام.
وهي الآن تخوض معركة من أجل الصحافة وما على المحك «أكثر من ذلك بكثير».

بي بي سي
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق