سياسة عربية

سنجار العراقية على مرمى حجر من «البشمركة»… ماذا ينتظرون لاستعادتها؟!

تفصل امتار معدودة عناصر تنظيم الدولة الاسلامية والمقاتلين الاكراد في مدينة سنجار في شمال العراق، حيث يتمكن هؤلاء من مراقبتهم دون الحاجة الى مناظير، ويخوضون ضدهم احيانا معارك بالقنابل اليدوية.

الا انه بعد مرور ثمانية اشهر على استعادة المقاتلين الاكراد جبل سنجار، لم يتخذ القرار بعد باستعادة المدينة القريبة منه، موطن الاقلية الايزيدية التي تعرضت للتهجير من قبل الجهاديين في 2014، لانه يتطلب نشر القيادة العسكرية عدد كبير من المقاتلين لحمايتها من اي هجمات مستقبلية.
ويقول قائد قوات البشمركة في المدينة اللواء هاشم سيتاي لوكالة فرانس برس «في بعض الاحيان يتحدثون الينا عبر اجهزة الاتصال اللاسلكية».
يضيف «يقولون لنا اننا سنة ولذلك يجب ان نبايع (زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي) وننضم اليهم، لانهم سيسيطرون على المنطقة في نهاية المطاف».
تحمي احد المواقع المتقدمة لقوات البشمركة في المدينة شقوق في الجبل، الا ان خزان المياه فوق الموقع تنخره ثقوب ناتجة عن اطلاق الرصاص.
ويقول النقيب في استخبارات البشمركة مصلح صالح يوسف ان «خط التماس في سنجار هو الاقرب مع تنظيم الدولة الاسلامية في كل منطقة كردستان. المسافة بيننا، وخصوصاً في الليل، هي بالكاد 50 متراً».
الا ان هذا الخط لا يزال شبه جامد منذ كانون الاول (ديسمبر) 2014. ويسيطر التنظيم على معظم المدينة ومناطق محيطة بها، في حين يتواجد مقاتلون اكراد عراقيون وسوريون في بعض المناطق على اطرافها.
وتنتشر قوات البشمركة في مواقع عدة، بعضها على تلال مشرفة على المدينة، محصنة باكياس الرمل والدعم الجوي للائتلاف الدولي بقيادة واشنطن. واصيب ستة عناصر منها فقط منذ تموز (يوليو) الماضي.
وعلى رغم جمود خط الجبهة، الا ان الجهاديين يواظبون على شن هجمات بلا هوادة، ما يثير ذهول سيتاي الذي يؤكد ان قواته قتلت نحو ألف عنصر من التنظيم في محور سنجار وحده منذ آب (اغسطس) 2014.
ويقول «لديهم تكتيكات ذكية، يحفرون لتخبئة مدافع الهاون ويرفعون الغطاء عنها فقط حين يطلقون القذائف لتفادي كشفهم من مقاتلات الائتلاف».
يضيف «الا انهم يواظبون على الهجوم علينا، باستخدام سيارات مفخخة يقودها انتحاريون، او اسلحة اخرى. من المنظور العسكري لا معنى لما يقومون به، لاننا متمركزون في مواقع جيدة ويمكننا ايقافهم».
وتشكل استعادة المدينة كذلك هدفا لآلاف من المقاتلين الايزيديين، ابناء الاقلية التي تعرضت الى ما يشبه «الابادة» بحسب الامم المتحدة، على يد التنظيم اثناء هجوم له في شمال العراق في آب (اغسطس) 2014.
ويقول القيادي الايزيدي قاسم ششو من مقره في بلدة شرف الدين التي تضم معبداً ايزيدياً مهماً على جبل سنجار، انه يمكن استعادة المدينة خلال ايام.
ويقول «عندما نهاجم سنجار، سنحتاج فقط الى 300 مقاتل لاستعادتها، لكننا سنحتاج الى ما بين خمسة آلاف وستة آلاف لحمايتها»، كونها محاطة بمناطق يتواجد فيها التنظيم، وقد يشن هجمات منها مضادة نحو سنجار».
وشارك العناصر الذين يأتمرون بأمرة ششو في صد هجمات عدة على شرف الدين خلال العام الماضي، ويتعاونون حاليا مع قوات البشمركة التي تتبع لاقليم كردستان الذي يرأسه مسعود البرزاني.
ويوضح ششو ان عدم شن هجوم على المدينة لا يعود الى «كون تنظيم الدولة الاسلامية قوياً الى هذا الحد. عندما تقرر الولايات المتحدة وقوات الائتلاف والرئيس البرزاني تحرير المدينة، سيكون الامر سهلاً».
وشكل هجوم التنظيم ضد الايزيديين في صيف 2014، احد الاسباب المعلنة لبدء الضربات الجوية الاميركية ضده في العراق، والتي توسعت لاحقا لتشمل مواقعه في سوريا ضمن ائتلاف يضم دولاً غربية وعربية.
وكانت قوات البشمركة توفر حماية لمنطقة سنجار بعد حزيران (يونيو) 2014، تاريخ الهجوم الكاسح للتنظيم في شمال العراق وغربه، والذي اتاح له السيطرة على مناطق واسعة اثر انهيار قطعات عدة من القوات العراقية. الا ان الهجوم المتجدد للتنظيم على جبهات عدة في شمال العراق في آب (اغسطس) من العام نفسه، فاق قدرة البشمركة على صده.
وحاصر التنظيم الجبل قرابة شهرين، قبل ان يفك الحصار عنه منتصف آب (اغسطس) 2014 ، في عملية قادها مقاتلون اكراد سوريون من وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني، بدعم جوي من واشنطن.
ولا يزال هؤلاء المقاتلون يتواجدون في جبل سنجار ومحيطه، الواقع في شمال غرب العراق عند الحدود مع سوريا. كما ترفع في المنطقة صور لزعيم حزب العمال عبدالله اوجلان المسجون في تركيا منذ اعوام، تفوق بعددها الصور المرفوعة لرئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني.
ويقر قادة البشمركة بان التنسيق مع المقاتلين التابعين لاوجلان محدود.
وينظر الى وحدات الحماية ومقاتلي حزب العمال على نطاق واسع، بانهم هم من انقذوا الايزيديين. ويمكن لاستعادة سنجار التي كان عدد سكانها يقدر بنحو 120 الف نسمة قبل النزاع، ان تمثل فرصة للبشمركة لاستعادة هيبتها والتعويض عن سقوط المدينة.
ويرى سيتاي بان استعادة سنجار دون عمليات عسكرية في الموصل وتلعفر، والتي لا تبدو قريبة، سيجعل القوات الكردية مكشوفة وفي حاجة الى نشر اعداد كبيرة من عناصرها.
ويقول ان «الامر لا يتعلق فقط باستعادة المدينة، بل ايضاً باتاحة الفرصة للناس للعودة. ولتحقيق ذلك، نحتاج الى دفع التنظيم بعيدا نحو 20 كلم، اي ابعد من مدى قذائف الهاون» لئلا تشكل خطراً على المدنيين.
يضيف «الامر سياسي (…) ثمة قوى اخرى مستعدة للتضحية بخمسين شهيداً لتقول فقط انها حررت سنجار».

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق