سياسة لبنانية

اللبنانيون ينتفضون على الطبقة السياسية والفساد المستشري

تحولت الاحتجاجات الشعبية في لبنان على خلفية ازمة النفايات الى متنفس للتعبير عن الغضب والامتعاض من الطبقة السياسية والفساد المستشري والمشاكل المزمنة التي تعاني منها البلاد منذ انتهاء الحرب الاهلية.

وتظاهر الالاف من اللبنانيين من مختلف الاعمار والمناطق في نهاية الاسبوع في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت داعين الى حل ازمة النفايات وصولاً الى المطالبة باستقالة الحكومة.
واعلنت حملة «طلعت ريحتكم» المنظمة للتحرك وتضم ناشطين في المجتمع المدني تأجيل تظاهرة كانت مقررة مساء امس، بعد انتهاء تحركي السبت والاحد بمواجهات بين عدد من المندسين والقوى الامنية ادت الى اصابة العشرات بجروح من الجانبين.
الا انها اكدت في وقت لاحق الاثنين انها حددت السبت المقبل موعداً جديداً للتظاهر عند الساعة السادسة من دون تحديد مكان التجمع.
وعملت القوى الامنية على تثبيت جدران عازلة عبر وضع عوائق اسمنتية في ساحة رياض الصلح التي تجمع فيها المواطنون في اليومين السابقين.
ورأى محللون ان مطالب المعتصمين تخطت ازمة النفايات لتركز على الخلل العام في اداء الدولة.
وقالت الباحثة في مركز كارنيغي للشرق الاوسط مها يحيى لوكالة فرانس برس «نزل الناس الى الشوارع لانهم يشعرون ان احداً لا يصغي اليهم».
واضافت «تدهورت الخدمات الاساسية في البلاد، لدى الناس هموم عدة تتعلق بالكهرباء والماء والوظائف والتربية والصحة».
ويشهد لبنان عادة تظاهرات او تحركات احتجاجية بناء على دعوة من الاحزاب السياسية لكن نادراً ما يتم التحرك ضد الطبقة السياسية وتحت عناوين مطلبية اجتماعية.
وتأتي التحركات الاخيرة في الشارع على خلفية ازمة النفايات التي شهدتها شوارع بيروت ومدن وبلدات محافظة جبل لبنان، وهي من المناطق السكنية الاكثر كثافة بعدما اغلق مواطنون في 17 تموز (يوليو) الماضي بالقوة المطمر الاكبر في البلاد الذي كانت تنقل اليه نفايات هذه المناطق على مدى السنوات الماضية.
وتفاقمت المشكلة مع انتهاء عقد الشركة التي كانت تتولى عملية جمع النفايات من الشوارع من دون تجديده، وانقسام القوى السياسية حول الجهة التي ستستفيد من العقد الجديد.
لكن الالاف من المتظاهرين اعربوا عن سخطهم ايضاً من تقنين التيار الكهربائي المستمر منذ عقود ونقص المياه والفساد المستشري في الادارات والانقسام السياسي الذي يحول دون انتخاب رئيس للبلاد منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 ايار (مايو) 2014.
وجرت الانتخابات النيابية الاخيرة في لبنان عام 2009، وعمد مجلس النواب بعد انتهاء ولايته الاولى الى التمديد لنفسه مرتين، الامر الذي يصفه المتظاهرون بـ «غير الشرعي».
وقالت يحيى ان هذه التحركات هي «بمثابة جرس انذار لجميع القادة السياسيين».
وبدأت التظاهرات بعد ظهر السبت بشكل سلمي في ساحة رياض الصلح. لكن انضمام العشرات من الشبان ليلاً ورشقهم القوى الامنية بالحجارة وعبوات المياه المملوءة بالرمل دفع القوى الامنية الى الرد باطلاق خراطيم المياه والقاء الغاز المسيل للدموع.
وتكرر الامر ذاته مساء الاحد، واتهم منظمو التظاهرات «مندسين» باثارة الشغب واستفزاز القوى الامنية.
ودعا رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام ظهر الاحد المتظاهرين الى التهدئة، منتقداً استخدام «القوة المفرطة» من القوى الامنية في مواجهة المعتصمين الذين يرفعون مطالب محقة.
واعتبر في مؤتمر صحافي ان استمرار القوى السياسية في تعطيل عمل مجلس الوزراء سيوصل البلاد إلى «الانهيار»، مشيراً الى ان تلويحه في وقت سابق بتقديم استقالته لا يزال خياراً مطروحاً على الطاولة.
ويرأس سلام حكومة تضم ممثلين عن غالبية القوى السياسية وتتولى بموجب الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد منذ اكثر من عام.
لكن جلسات مجلس الوزراء الاخيرة شهدت توتراً بسبب خلاف حاد بين القوى السياسية على جملة ملفات حياتية سياسية وامنية وكيفية تقاسم الحصص بينها.
ودعا المتظاهرون سلام الى تقديم استقالته مع فشل حكومته في اداء واجباتها، ما اثار الخشية من الوقوع في فراغ سياسي كامل.
وقالت استاذة العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت فاديا كيوان لوكالة فرانس برس «لست متمسكة ابداً بهذا النظام الفاسد لكن ما البديل في حال اسقاطه؟ الفوضى».
ورأت انه على المتظاهرين التركيز على ازمة النفايات و«ممارسة الضغوط على الحكومة» لايجاد الحلول المناسبة.
واعتبرت يحيى من جهتها ان من شأن اسقاط الحكومة ان «يفتح الباب امام مزيد من الفوضى».
وقالت ان على القادة السياسيين ان يضعوا المصالح العامة فوق مصالهحم «لمرة واحدة» مضيفة «لا اعرف اذا كانوا قادرين على فعل ذلك».
من جهته، اكد السفير الاميركي في بيروت دافيد هيل دعم بلاده لجهود سلام حتى تتمكّن الحكومة من العمل على العديد من «القضايا الملحة». ودعا الى «ضبط النفس»، مشيداً في الوقت ذاته بتعبير «المجتمع المدني اللبناني النابض بالحياة عن احباطه ازاء الشلل السياسي» في لبنان.

ا ف ب
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق