دولياترئيسي

بريطانيا «الثعلب العجوز» تعيد افتتاح سفارتها في طهران

أعادت بريطانيا افتتاح سفارتها في طهران يوم امس الأحد في مؤشر واضح على مدى تحسن علاقات الغرب مع ايران منذ قيام محتجين باقتحام مجمع السفارة قبل نحو أربع سنوات. ووصل وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إلى إيران، للإشراف على مراسم إعادة فتح سفارة بلاده المغلقة منذ 2011.

بعد نحو أربعة أعوام من نهب محتجين لمقر إقامة السفير وإضرامهم النار في العلم البريطاني، أعادت بريطانيا فتح سفارتها في طهران امس الأحد، وفي أول زيارة لوزير خارجية بريطاني إلى إيران منذ حوالي 14 عاما، حلّ فيليب هاموند في طهران لإعادة فتح سفارة بلاده، ليعلن «مراسم اليوم بمثابة نهاية مرحلة في العلاقة بين البلدين وبدء مرحلة جديدة أعتقد أنها تبشر بالأفضل».
وكان لوزير الخارجية البريطاني دور في التوصل إلى اتفاق تاريخي بين الغرب وطهران في 14 تموز (يوليو) في فيينا لتنتهي بذلك محادثات مكثفة استمرت حوالي عامين.
وتابع وزير الخارجية البريطاني رفع علم بريطانيا في حديقة المقر الذي يعود تاريخ إنشائه إلى القرن التاسع عشر في العاصمة الإيرانية أثناء عزف السلام الوطني البريطاني.
وحضر مراسم الافتتاح في طهران وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، وبمشاركة دبلوماسيين إيرانيين وأجانب جاءوا لإحياء الحدث.
وقال هاموند إنه بعد فترة تدنت فيها العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الى مستوى منخفض تحسنت العلاقات «تدريجياً» منذ انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني عام 2013.
وقال هاموند إن الاتفاق النووي الذي أبرمته الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع القوى العالمية الست الشهر الماضي كان أيضاً حدثاً مهماً.
وبعد الاتفاق استقبلت طهران عدداً من الزائرين الأوروبيين بينهم وزراء ألمان وفرنسيون بهدف إنهاء عزلة إيران الاقتصادية الطويلة.
ونشر هاموند عند وصوله إلى طهران تغريدة قال فيها: «أول زيارة لوزير بريطاني إلى طهران منذ عام 2003. لحظة تاريخية في العلاقات البريطانية الإيرانية».
وقال هاموند في وقت سابق إن الاتفاق النووي مع إيران وانتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران في عام 2013 بعدما تعهد بإقامة علاقات أقوى مع الغرب «علاماتان فارقتان» على درب تحسن العلاقات بين البلدين.
ومضى هاموند قائلاً «في المقام الأول، نريد أن نضمن نجاح الاتفاق النووي، بما في ذلك تشجيع التجارة والاستثمار بمجرد رفع العقوبات (عن إيران)».
وقال «بريطانيا وإيران يجب أن تكونا جاهزتين لمناقشة التحديات التي يواجهها البلدان، بما في ذلك الإرهاب، والاستقرار الإقليمي، وتمدد ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، ومحاربة المخدرات، والهجرة».
وأغلقت السفارة البريطانية لدواع أمنية منذ أن داهم محتجون إيرانيون مقرين دبلوماسيين رئيسيين في طهران في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2011. ومزق المحتجون صور ملوك بريطانيين وأحرقوا سيارة وسرقوا معدات الكترونية.
وما زالت عبارات «الموت لانكلترا» مكتوبة على أبواب غرفة الاستقبال الكبرى.
ووصف رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون الهجوم بأنه «مشين» وأغلق السفارة البريطانية وطرد الدبلوماسيين الإيرانيين من لندن.
وأفادت أنباء بان مجموعة محدودة من المحتجين تجمعت يوم الاحد قرب مبنى السفارة الذي أعيد افتتاحه بطهران والذي يتولى حراسته عشرات من أفراد الامن الايرانيين.
وبعد ساعات من افتتاح السفارة البريطانية بطهران أعادت ايران فتح مبنى سفارتها في لندن وقال هاموند إن قائماً بالأعمال من البلدين سيتولى ادارة شؤون كل سفارة في بادىء الأمر قبل الاتفاق على ارسال سفراء في غضون بضعة أشهر.
وهاموند هو ثاني وزير بريطاني فقط يزور طهران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 التي أطاحت شاه إيران المدعوم من الولايات المتحدة. وآخر زيارة كانت تلك التي قام بها جاك سترو عام 2003.
ورافق هاموند مجموعة محدودة من رجال الأعمال بينهم ممثلون من رويال داتش شل وشركة أميك فوستر ويلر وشركة وير غروب الاسكتلندية.

«عودة الثعلب»؟
وبعد أكثر من عقد من وصف الجمهورية الاسلامية بانها قوة مارقة تسعى لاشاعة الفوضى في الشرق الأوسط، سعت بريطانيا إلى تحسين علاقاتها مع طهران التي ثبت أن احتياطيها من الغاز الطبيعي كبير مثل روسيا.
وقال هاموند «في المقام الأول سنسعى لضمان نجاح الاتفاق النووي بما في ذلك عن طريق تشجيع التجارة والاستثمار بمجرد رفع العقوبات».
وبمقتضى الاتفاق النووي سترفع العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على إيران مقابل موافقة إيران على قيود طويلة الأمد لبرنامجها النووي الذي يشتبه الغرب أنه يهدف إلى تصنيع قنبلة نووية. وتنفي طهران دوماً السعي لامتلاك أسلحة نووية.
وقال هاموند متحدثاً إلى ولي الله سيف محافظ البنك المركزي الإيراني خلال اجتماع في طهران «أعتقد أن من المفيد والإيجابي جداً لو استطعنا البدء في حوار بشأن سبل توفير الظروف الملائمة للسماح للبنوك البريطانية والمؤسسات المالية البريطانية بالانخراط في تمويل التجارة والاستثمار في إيران».
وقال هاموند إن البنوك كانت تتوخى الحذر في ظل العقوبات الأميركية للتأكد من امتثالها الكامل عندما تعود إلى إيران.
وقال «توجد شهية ضخمة لشركاتنا الصناعية والتجارية لانتهاز فرصة انفتاح إيران وهناك شهية ضخمة من جانب مؤسساتنا المالية لدعم ذلك النشاط لكن بالطبع ينبغي أن يجري ذلك بالطريقة الصحيحة».
وقال سيف إن العلاقات بين البلدين كانت إيجابية في السابق وإن ذلك يصلح كقاعدة انطلاق.
ورغم أن الاتفاق النووي ينظر إليه البعض وبينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما على أنه فرصة إلا أن متشددين في واشنطن وطهران يعارضونه وكذلك إسرائيل. وما زال الشعور بعدم الثقة عميق بين الجانبين.
وكان معارضون داخل إيران يصفون بريطانيا بأنها «الثعلب العجوز» أو «الشيطان الأصغر» الذي ينفذ رغبات «الشيطان الأكبر» الولايات المتحدة.
ووصفت نشرة أرسلتها وكالة فارس للأنباء بالبريد الالكتروني اعادة فتح السفارة البريطانية في طهران «بعودة الثعلب».

«السفارة الشريرة»
ويذكر انه بعد اقتحام مقر السفير عام 2011 الذي جاء احتجاجاً على العقوبات التي فرضتها لندن على طهران جراء برنامجها النووي، وصفها الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي «بالسفارة الشريرة».
ونهب المحتجون السفارة وهشموا بعض المقتنيات الثمينة. ومزقت صورة للملكة فيكتوريا إلى نصفين وقطعت رأس الملك إدوارد السابع من صورته كما سرقت صورة للملكة إليزابيث.
وحطم المحتجون في عام 2011 تمثالين حجريين كبيرين لأسد ولحيوان خرافي على بوابات مقر السفير حيث أقيمت مأدبة عشاء لونستون تشرشل وجوزيف ستالين وفرانكلين روزفلت في أول اجتماع بين زعماء بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة لبحث استراتيجيتهم لتحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية.
ولا توجد سفارة للولايات المتحدة في طهران منذ أن نهبت في الأيام الأولى من الثورة الإيرانية عام 1979 على يد طلبة كانوا يخشون تكرار انقلاب عام 1953 عندما أدارت وكالة المخابرات المركزية الأميركية اطاحة رئيس الوزراء محمد مصدق.
واستمرت أزمة احتجاز رهائن أميركيين داخل السفارة 444 يوماً ولم تستأنف واشنطن وطهران العلاقات الدبلوماسية قط لتصبح بريطانيا في طليعة المواجهة للمشاعر المعادية للغرب من جانب متشددين ممن يديرون الجمهورية الاسلامية ومؤيديهم.
وقال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف إن من السابق لأوانه التحدث عن اعادة افتتاح السفارة الاميركية متهماً واشنطن بتبني موقف «غير منطقي» نحو طهران.

رويترز/بي بي سي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق