أبرز الأخبارسياسة عربية

الصراع الليبي : المعارك تتصاعد حول «الهلال النفطي»، و«حفتر» يمد مواجهاته صوب الحدود مع تونس

يحاول كل واحد من اطراف الصراع في ليبيا تقديم نفسه من زاوية انه يمارس نشاطه خلال «الربع ساعة الاخيرة»، التي تسبق حسم الازمة، هناك من يقرأ الموضوع من زاوية انه ازمة مستعصية، وان مسارها الحالي من شأنه ان يطيل في عمرها سنوات طويلة، دون ان تتضح معالم القوة في اتجاه تسير.

جديد ذلك الملف، اكثر اثارة من كل ما حدث سابقاً. فبينما اتخذت الازمة مسار «حرب النفط»، ومحاولة السيطرة على منابعه ومساراته، قرر اللواء حفتر اعطاء الاولوية للسيطرة على حدود بلاده مع تونس، في اشارة الى تحقيق جملة اهداف، ابرزها منع العون عن خصومه، والسيطرة على منافذ يمكن ان تكون سببا في حصوله على الدعم اللوجستي.
وفي الاثناء، تتفاعل عناصر الصراع داخلياً، دون قدرة اي طرف على حسم الملف لصالحه. ميدانياً، استهدفت قوات اللواء الليبي خليفة حفتر امس الأحد معبر رأس الجدير الحدودي مع تونس، ما استدعى إيقاف حركة العبور في الاتجاهين احتياطيًا، حسب ما ذكرت تقارير تونسية وليبية.
وإثر القصف في المناطق المجاورة للحدود، جرى منع التونسيين من التوجه إلى الأراضي الليبية كإجراء وقائي، فيما توقفت الحركة بالمعبر في الاتجاهين. ويأتي هذا القصف بعد انتهاء المهلة التي حددها حفتر لتسليم المعبر الحدودي سلمياً، حيث أنه سبق وأعلن أنه في حالة عدم تسليم ميليشيا «فجر ليبيا» للمعبر بشكل سلمي خلال 24 ساعة سيتم الاشتباك معهم والسيطرة عليه بالقوة.

معبر مهم
والمعبر شديد الاهمية للجانبين التونسي والليبي، فهو شريان الحياة الرئيسي الذي منه يعبر الليبيون إلى الجارة الغربية، ومنه يصل التموين الغذائي والطبي من تونس.
وسبق أن قصفت قوات حفتر بالمروحيات، معبر رأس الجدير، مما تسبب في إغلاقه وتعطيل حركة المرور.
كما شنت قوات تابعة للجيش الليبي هجوماً على قوات تتبع «فجر ليبيا» متمركزة جنوب غربي منطقة أبوكماش القريبة من الحدود مع تونس. وذكرت مصادر إعلامية مقتل شخص وجرح ثلاثة آخرين في قصف جوي استهدف مبنى تابعاً لكتيبة أمنية مكلفة بحماية الجانب الليبي لمعبر رأس الجدير الحدودي.
إلى ذلك، اكد مصدر امني بمعبر رأس الجدير بمعتمدية بنقردان (محافظة مدنين) حصول قصف بمناطق بوكماش وبوابة الامن العام في التراب الليبي على بعد ما بين 9 و10 كيلومترات من المعبر، وهو ما نجم عنه سقوط قتيلين ليبيين في حصيلة اولية.
وحسب شهود عيان من التونسيين العائدين لتوهم من ليبيا، فإن «القصف كان شديداً حيث استعملت فيه الصواريخ والدبابات»، وهو ما ادى الى سماع دوي هائل في بنقردان ومدينة جرجيس، خصوصاً من جهة الميناء.

بوابة الامن العام
وبحسب شهود العيان، فإن «بوابة الامن العام اصبحت تحت سيطرة الجيش الليبي الموالي لحكومة عبدالله الثني، وهو ما يرجح انسحاب قوات فجر ليبيا منها»، على حد قولهم.
من جهتها، رفعت القوات الأمنية التونسية درجة الاستعداد والتأهب بالمعبر، حيث اكد العقيد مراد المحجوبي، امر الترتيبة الدفاعية بالجنوب الشرقي أن «كل الوحدات متمركزة بمواقعها في متابعة دقيقة وعن كثب للوضع دون وجود ما يبعث على الانشغال والقلق».
واكد ان حدود بلاده محمية بالقدر الكافي، وان درجة الجاهزية كبيرة للتصدي لأي طارىء على الحدود.
وعلى اثر القصف الذي شمل المناطق المتاخمة للحدود التونسية اتخذت السلطات التونسية قرارا بمنع التونسيين من الدخول نحو الاراضي الليبية، كاجراء وقائي، فيما شلت الحركة بالمعبر واصبحت منعدمة في الاتجاهين.
الى ذلك، صدت القوات الحكومية الليبية هجوماً مباغتاً من قبل ميليشيات فجر ليبيا ودرع مدينة مصراتة الثالث في محاولة للاستيلاء على منطقة الهلال النفطي أغنى مناطق البلاد بالنفط بحسب ما أفاد مسؤولون عسكريون.
وقال العميد طيار صقر الجروشي قائد سلاح الجو في القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر إن «هجوماً مباغتاً جرى بعد تقدم ميليشيات فجر ليبيا ودرع مصراتة الثالث باتجاه منطقة الهلال النفطي عبر ثلاثة محاور».
وأضاف أن مقاتلات سلاح الجو الليبي ومروحياته أغارت على هذه القوات المتقدمة باتجاه مرفأ السدرة النفطي عبر الطريق الساحلي وطريق فرعي آخر خاص بمشروع النهر الصناعي إضافة إلى طريق صحرواي آخر باتجاه بلدة تاقرفت.
وأكد أن سلاح الجو نفذ العملية بدقة ونجاح وخلف لدى هذه القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد والآليات.
وقال الجروشي أحد قادة عملية الكرامة التي يقودها اللواء حفتر إن الاشتباكات اندلعت في منطقة بن جواد شرق مدينة سرت (500 كلم شرق طرابلس) بين الجيش وهذه القوات التي كانت تتمركز في سرت وتخطط لهذا الهجوم المباغت.
وأشار إلى أن حالة النفير العام أعلنت في تلك المنطقة التي تتوافد عليها منذ ساعات القوات الحكومية وقوات حرس المنشآت النفطية اضافة إلى مواطني المنطقة، لافتا إلى أن هذه القوات يساندها سلاح الجو ستصد أي هجوم آخر وتبيد من يشارك فيه، على حد وصفه.
من جهته قال إبرهيم الجضران رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية في منطقة الهلال النفطي إن «الاشتباكات ما تزال مستمرة من خلال التعامل مع بعض جيوب المقاومة لهذه الأرتال التي تحاول التقدم باتجاه المنطقة».
وأضاف «أن الجميع شحذ الهمم وتمت مواجهتهم مواجهة باسلة ولن يفكروا في التقدم مرة أخرى».

فجر ليبيا
وميليشيات فجر ليبيا هي ائتلاف للإسلاميين الذين ينحدر أغلبهم من مدينة مصراتة، سيطروا على العاصمة طرابلس منذ اب (اغسطس) الماضي ما اضطر البرلمان والحكومة المعترف بهما من الأسرة الدولية اللجوء إلى شرق البلاد.
ومنذ ذلك الحين أعادت هذه الميليشيات الحياة إلى البرلمان المنتهية ولايته وأنشأت حكومة موازية لم يلقيا اعترافاً دولياً، لكنهم يحاولون مراراً وتكراراً السيطرة على مختلف المواقع الحيوية والإنتاجية لليبيا.
ومنطقة الهلال النفطي تعطل الانتاج فيها وتصدير النفط الخام لمدة عام قبل أن يستأنف في تموز (يوليو) الماضي بعد اتفاق للحكومة مع إبرهيم الجضران الذي كون مجلساً سياسياً لإقليم برقة وطالب بحكم ذاتي أوسع للإقليم الأغنى بالنفط.
وكان المؤتمر الوطني العام وهو البرلمان المنتهية
ولايته أصدر قراراً في العام 2013 يقضي بمهاجمة قوات من مدينة مصراتة لمنطقة الهلال النفطي وفك الحصار الذي فرضه الجضران ومجموعته بحجة وجود فساد، لكن الهجوم لم يتم رغم دعم قوات مصراتة بمختلف أنواع الأسلحة من قبل الجيش للتصدي لهذه المهمة.
وكان المكتب الاعلامي لفجر ليبيا أعلن في وقت سابق وصفه بانطلاق «عملية فجر ليبيا العسكرية لتحرير الموانىء والحقول النفطية من عصابات الجضران والعصابات القبلية الابتزازية التي تسعى لتقسيم ليبيا».
في سياق آخر، أعلن في درنة شرقي ليبيا عن تأسيس «مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها» الذي يضم أغلب التشكيلات المسلحة في المدينة لمواجهة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

عمليات حفتر
وقال القائد السابق لكتيبة شهداء «أبو سليم سالم الدربي» في بيان تلاه الجمعة أمام حشد وسط المدينة الواقعة شرقي بنغازي، إن تشكيل المجلس يأتي في ضوء الأحداث التي تمر بها البلاد عموماً ومدينة بنغازي خصوصاً، في إشارة إلى العمليات العسكرية التي يشنها حفتر منذ أشهر ضد الثوار.
وأضاف الدربي أن أبناء درنة وثوارها تعاهدوا على دفع ما اسماه «العدو الصائل» والعمل على «نصرة المظلوم»، مشيراً إلى أن هدف تشكيل المجلس التصدي لعملية عسكرية محتملة تستهدف المدينة.
ومنذ بدأ حفتر هجومه على مدينة بنغازي منتصف أيار (مايو) الماضي بحجة مكافحة «الإرهاب»، تعرضت درنة لغارات جوية متفرقة، في حين وقعت اشتباكات محدودة في مناطق قريبة من هذه المدينة الساحلية التي تقع بين البحر المتوسط والجبل الأخضر.
وكان قادة عملية الكرامة التي يشنها اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد هددوا مراراً بمهاجمة درنة بحجة «تطهيرها» مما يسمونها «الجماعات الإرهابية».
ودعا البيان الذي صدر في درنة أهالي المدن والمناطق المجاورة إلى «تغليب لغة العقل، ومراعاة الجوار ورابطة الدين والدم والنسب». ولم يكشف البيان عن التشكيلات التي يضمها المجلس المعلن عنه. وتوجد في درنة تشكيلات بينها: كتيبة شهداء بوسليم, ومجلس شورى شباب درنة.
وأعلن المجلس الجديد دعمه لمجلس شورى ثوار بنغازي، ووعد بمساعدته في معركته مع قوات حفتر. وكان قادة ثوار درنة قد اتهموا قوات حفتر بمنع وصول إمدادات الغذاء والطاقة إلى مدينتهم.
وفشلت قوات حفتر – التي تضم وحدات تمردت على القيادة العسكرية في طرابلس – في إخضاع بنغازي بعد ستة أشهر من القصف، رغم أنها سيطرت على أجزاء من أحياء في أطراف المدينة.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق