سياسة لبنانية

التمديد للمجلس النيابي حتمي وان كانت الحجج مرفوضة

لم يعد السؤال هل يحصل التمديد لمجلس النواب، فهذا الأمر بات محسوماً بسبب صعوبة إجراء الانتخابات النيابية في ظل الظروف القائمة، ولأن البديل عن الانتخابات سيكون الفراغ في السلطة التشريعية… الاتفاق على مبدأ التمديد حاصل ويحظى بأكثرية نيابية، وما تبقى هو الاتفاق على التفاصيل والإخراج وخصوصا لناحيتين:
– مدة التمديد الذي يريده الرئيس نبيه بري لمدة سنتين وسبعة أشهر بما يؤدي الى إكمال ولاية ثانية كاملة للمجلس النيابي (أربع سنوات) إذا أضيف التمديد الثاني الى الأول (سنة وخمسة أشهر)… فيما يريد الحريري وجنبلاط تمديداً لا تتجاوز مدته السنة على الأكثر ويكون مقروناً بأمرين ينفذان خلال مهلة السنة: انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ووضع قانون جديد للانتخابات إرضاء للطرف المسيحي ولاحتواء موقفه المعارض للتمديد.
– دور المجلس النيابي لجهة تفعيله وعودته الى العمل وعقد جلسات تشريعية. وهذه النقطة هي التي يتمسك بها بري ويصر عليها كشرط لقبول التمديد وكسر موقف 14 آذار الرافض لعقد جلسات تشريعية في ظل الفراغ الرئاسي. وإلا ما معنى التمديد لمجلس لا يعمل ولا يجتمع ويعيش فراغاً واقعياً…
وفي حين كان جنبلاط السبّاق الى فتح ملف التمديد، فإن تيار المستقبل بدا الأوضح والأصرح في التعبير عن موقفه وفي تظهير قراره بتأييد التمديد الذي يعنيه أكثر من أي طرف آخر وله مصلحة سياسية فيه للأسباب الآتية:
– المستقبل لديه أكبر كتلة نيابية (نحو 40 نائباً) وأي انتخابات لن تأتي له بأكثر من هذا الرقم والحجم، خصوصا في ظل متغيّرات ملحوظة على الساحة السنية في طرابلس والشمال خصوصاً، ومع بروز الإسلاميين بكل فصائلهم قوة ناخبة أساسية، وسيقتطعون حصة ومقاعد لهم وسيأكلون من صحنه.

عنصران اساسيان
– المستقبل ليس جاهزاً للانتخابات في الوقت الحاضر. الانتخابات تحتاج الى عنصرين أساسيين: المال والتعبئة السياسية والشعبية، فإذا كان المال قد توافر، فإن التعبئة تستلزم من جهة تواجداً ونشاطاً وإقامة دائمة للرئيس سعد الحريري، ومن جهة أخرى خطاباً سياسياً تعبوياً لا يمكن أن يكون في هذه المرحلة إلا طائفيا، وهذا ما ينطوي على خطر التوتير الطائفي والمذهبي والاصطدام مع حزب الله في ظل وضع هش ومركب: قطيعة سياسية وشراكة حكومية.
– يدرك المستقبل أن الانتخابات يمكن أن تكون سبباً لتوترات وتجاذبات داخل فريق 14 آذار خصوصاً مع وجود مطالب وطموحات لحلفائه المسيحيين لا يمكنه تلبيتها في هذه المرحلة حتى لو كانت محقة ومشروعة.
– يخشى «المستقبل» أن يخسر الورقة السياسية الأقوى التي في يده حالياً وهي «حكومة سلام» التي ستطيحها أي انتخابات نيابية تجري في ظل فراغ رئاسة الجمهورية. ففي حال قيام مجلس نيابي جديد تصبح الحكومة في حكم المستقيلة ولا تعود قادرة على الاجتماع واتخاذ القرارات، ويكون تشكيل حكومة جديدة متعذراً مع عدم وجود رئيس يجري استشارات ويصدر مراسيم التكليف والتأليف.
– المستقبل لديه هاجس «المؤتمر التأسيسي» الذي يفضي الى إعادة بناء النظام وإعادة إنتاج السلطة وتغيير جذري في اتفاق الطائف والمعادلة التي أنتجها والمكاسب التي أعطاها للسنّة… والاحتمالات الآن في الاستحقاق النيابي هي:
– انتخابات صعبة وغير مضمونة لا على مستوى الإجراء ولا على مستوى النتائج. وإذا حصلت ستطيح الحكومة.
– عدم حصول الانتخابات والوقوع في الفراغ النيابي بعد الرئاسي والانتقال من خلال الفراغ الشامل الى المؤتمر التأسيسي.
– التمديد للمجلس النيابي الذي يبقى الخيار الأصوب والأسلم.

رفض الحجج
الا ان معارضي التمديد يرفضون التحجج بالوضع الامني، ويقولون ان الوضع في العراق اشد خطورة واكثر توتراً ومع ذلك حصلت انتخابات افضت الى تغيير في الهيكلية السياسية. وكذلك في سوريا التي يتنقل فيها القتال من قرية الى قرية ومن حي الى حي ومع ذلك جرت فيها انتخابات رئاسية واعيد انتخاب الرئيس بشار الاسد. ولن نناقش في شرعية هذه الانتخابات ولكننا نعطي مثلاً، ان الوضع القائم في لبنان لا يمنع من اجراء انتخابات فلماذا التمديد لمجلس اثبت انه عاجز عن تقديم او فعل اي شيء، حتى انه لا يقوم بواجبع فيلتئم وينتخب رئيساً للبلاد ينهي كل الازمات القائمة.
القضية اذاً ليست قضية امن بل انها قرار سياسي اقليمي – داخلي ليبقى موضوع الرئاسة ورقة بيد بعض الاطراف يطرحونها ساعة يحتاجون اليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق