سياسة لبنانية

هل يؤثر «اتفاق فيينا» على لبنان وكيف ينعكس سلباً أم إيجاباً؟!

الجميع في لبنان شخصت أنظارهم الى فيينا وكانوا مشدودين الى «الحدث الإيراني» واعتبروا أنفسهم معنيين مباشرة بنتائج الاتفاق النووي والوضع الجديد الذي سينشأ في المنطقة. وضع اللبنانيون جانبا خلافاتهم وأزماتهم التي تبدو «صغيرة وسخيفة» مقارنة بالتحولات الكبيرة في المنطقة وتحولوا الى هوايتهم المفضلة في التوقع والتنبؤ والاستكشاف والاستباق… ولكن الحدث هذه المرة استثنائي ولا يقرأ كله من عنوانه، وقراءة ما بعده وما هو أتٍ ليست مهمة سهلة… وإذا كان الالتقاء حاصل على أهمية الاتفاق الإيراني وأن «ما بعده ليس مثل ما قبله»، فإن الافتراق حاصل في قراءة «مرحلة ما بعد» وفي تقدير الانعكاسات، طبيعتها وحجمها، على لبنان وسط «غابة”» من الأسئلة المتزاحمة ومن نوع:
– هل يكون للاتفاق النووي ترجمة سياسية على مستوى إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة؟!
– هل يفتح هذا الاتفاق باب التسويات في لبنان انطلاقاً من إعادة إحياء الحوار السعودي – الإيراني؟! أم يؤدي الى تفاقم الصراع والمواجهات انطلاقاً من استقواء إيراني ورفض سعودي للأمر الواقع؟!
– هل تبدّل إيران سلوكها وفي اتجاه الانخراط الإيجابي في قضايا المنطقة والبحث عن تسويات لها أم تستمر سياستها وبشكل أقوى وأكثر تشدداً بعدما حمت ظهرها أميركيا وباتت لديها إمكانات مالية وسياسية أفضل؟!
– هل يكون تركيز طهران في المرحلة المقبلة على «الداخل الإيراني» (تنمية اقتصادية واجتماعية وتعويض ما فات) أم على «الاستثمار الإقليمي» (الإمساك جيداً بالأوراق والنفوذ)؟! وبمعنى آخر ماذا ستفعل بالأموال المتدفقة إليها وكيف ستصرفها؟! على المجتمع الإيراني أم في العالم العربي؟!
– كيف ستكون نتائج هذا الاتفاق في مجال «الحرب على الإرهاب»؟! هل يكرس دور إيران كشريك والى جانب انضمامها الى النادي النووي الدولي يكون انضمامها الى التحالف الدولي ضد الإرهاب؟! وأين حزب الله من كل ذلك وهل يكتسب قوة إضافية ودوراً جديداً؟!
– كيف ستكون انعكاسات كل ذلك على الوضع في لبنان وميزان القوى السياسي فيه؟! هل يكون موقع مقايضة ومساومة في مرحلة التسويات إذا أتت أم يتحول نقطة ساخنة ومتفجرة في خريطة المنطقة إذا تفجرت وساءت حالتها أكثر؟! هل دخل لبنان مرحلة انفراج تبدأ من حلحلة أزمته الحكومية و تنتهي بانتخاب رئيس للجمهورية، أم يستمر في التأزم والاهتزاز لأن فترة الانتظار ستطول ونتائج الاتفاق النووي لن تظهر سريعاً، ولأن هذا الاتفاق مخصص لحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني وليس لحل مشاكل المنطقة؟!
لا تتوافر إجابات مكتملة ونهائية على مجمل هذه الأسئلة، ولكن بالإمكان اختصار الأجواء والتقديرات على الساحة اللبنانية على الشكل الاتي:
1- هناك جو تفاؤلي مصدره الأساسي الرئيس نبيه بري الذي كان ينتظر بفارغ الصبر هذه اللحظة مراهناً على أن الاتفاق الإيراني – الأميركي سيقود الى حوار سعودي – إيراني هو الوحيد الذي يعوّل عليه لفتح ثغرة في الجدار اللبناني والوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية من ضمن سلة كاملة وتسوية سياسية (دوحة ما). فالرئيس بري ما زال، رغم كل ما حصل ويحصل، متمسكاً بمعادلة «س. أ» التي أخذت مكان معادلة «س. س»، والى حد أنه يوحي أن لا خيار ولا رهان ولا بديل آخر.
2- ثمة حذر وترقب واضح لدى فريق 14 آذار بشكل عام وميل الى عدم إعلان أحكام واستنتاجات نهائية، والى إبقاء الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات الجيدة والسيئة، وحيث يبرز احتمال أن تتحول إيران من مرحلة الثورة وتصديرها للخارج، الى مرحلة الدولة والالتفات الى المشاكل الداخلية. ويتساوى احتمال أن تتحول إيران الى «طاقة إيجابية وبناءة» في المنطقة، مع احتمال أن تستمر بشكل أكثر قوة وتشدداً في سياسة التوسع والهيمنة.
3- الخشية واضحة عند التيارات الإسلامية من أن يؤدي الاتفاق النووي الى زيادة نفوذ إيران خارج حدودها، وخصوصاً في المناطق التي تشهد نزاعات وصراعات مثل سوريا والعراق واليمن، ومن أن يكون مقدمة للتصعيد العسكري والميداني والسياسي في هذه الدول، وأن يكون مدخلاً الى تواطؤ إيراني – أميركي من أجل السيطرة على المنطقة، كان مستوراً وصار مكشوفاً بعد «الاتفاق».
4- الاعتقاد الموجود على نطاق واسع في لبنان:
– أن الاتفاق السعودي – الإيراني، وليس الاتفاق النووي، هو مفتاح التسوية والتهدئة لصراعات وأزمات المنطقة، وضمنا لبنان…
– أن التسوية السياسية في لبنان التي بموجبها يصار الى تعبئة الفراغ الرئاسي، مرتبطة أكثر من أي شيء آخر بالأزمة أو الحرب السورية وتطوراتها ونهاياتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق