رئيسيسياسة عربية

ليبيا: ساحة الشهداء في طرابلس واحة للترفيه من جديد بعد عام من المعارك

استبدلت اصوات القذائف والرصاص في ساحة الشهداء في العاصمة الليبية، باصوات الالعاب النارية وضجيج الزائرين، لتستعيد هذه الساحة عشية عيد الفطر الهوية التي اكتسبتها اثر ثورة العام 2011 كواحة للترفيه والتسلية.

فبعد سنة من المعارك التي شهدتها طرابلس في رمضان الماضي، وانقسمت معها البلاد بين محورين، عادت هذه الساحة الرمزية لتزدحم اليوم بعائلات تبحث عن متنفس بعيداً عن يوميات النزاع المستمر في البلاد.
ويقول سالم نوال (50 عاماً) متحدثاً بالانكليزية وخلفه مجموعة من الشبان على رصيف قرب قلعة طرابلس ان المدينة «هذا العام امنة اكثر مما كانت عليه العام الماضي. انها الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، والساحة ممتلئة بالناس والعائلات».
ويضيف «الجميع سعداء هنا، ونحن متفائلون بان الامور ستسير نحو الافضل. الليبيون بطبيعتهم اناس طيبون يحبون السلام. لسنا نبحث عن المشكلات، نحن شعب يحب الحياة، ويريد ان يعيش بسلام وانسجام».
وغرقت ليبيا بعد اسقاط نظام معمر القذافي في فوضى امنية ونزاع على السلطة تسببا قبل عام في انقسام البلاد الغنية بالنفط بين سلطتين، واحدة يعترف بها المجتمع الدولي وتعمل من الشرق، واخرى تدير العاصمة بمساندة جماعات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا».
واندلعت المعارك بين قوات هذين المحورين في رمضان العام الماضي، بحيث منعت العائلات من مغادرة منازلها خلال هذا الشهر وزيارة ساحة الشهداء التي عرفت في زمن القذافي باسم «الساحة الخضراء» والتي تعتبر ايضاً احد ابرز المعالم السياسية في ليبيا.
ففي عهد النظام السابق، كانت قلعة طرابلس المطلة على الساحة المكان المفضل للقذافي لالقاء خطبه. ومن هذه الساحة، القت السلطات الليبية الجديدة بعيد طرد قوات النظام من المدينة في 2011 خطابات النصر.
وسرعان ما تحولت الساحة من موقف للسيارات في ظل النظام السابق، الى واحة للترفيه والتسلية والتسوق، حتى اندلاع معارك العام الماضي.
غير ان الهدنة غير المعلنة التي دخلت فيها معظم مناطق الاشتباك في البلاد منذ بداية رمضان الحالي، سمحت لسكان العاصمة ولزوارها بالبقاء خارج منازلهم حتى اوقات متاخرة في الليل.
وعادت اسواق الخضار واللحوم والمواد الغذائية لتكتظ يوميا بالزبائن، بينما اختفت اصوات الرصاص وراجمات الصواريخ المجهولة المصدر والهدف والتي كانت تصدح في مساء المدينة في وتيرة شبه يومية قبل بداية رمضان.
ويقول سمير ادريس (46 عاما) وهو يقف امام سوق لبيع الالعاب والملابس قرب الساحة «الاجواء ممتازة ونحن نستعد للعيد (الفطر). لا شرقي ولا غربي هنا، كلنا اخوة في هذا المكان، وكلنا يد واحدة ووطن واحد. هذه الساحة للجميع، وطرابلس امنة بها».
والى جانب قلعة طرابلس، والمدينة التاريخية خلفها، تحوط بساحة الشهداء شوارع تسوق رئيسية تتوزع بين مجموعة من الابنية البيضاء التي تعود الى فترة الاحتلال الايطالي وقد طليت نوافذها وابوابها باللون الاخضر.
ومع بداية شهر رمضان الحالي، انتشرت في ارجاء الساحة الالعاب الترفيهية.
وفي احدى زوايا ساحة الشهداء، تحلقت مجموعة من الشبان مساء حول طاولة لممارسة لعبة «الفوسبول»، حيث يتنافس اربعة منهم على تسجيل اهداف في مرمى الخصم عبر تحريك لاعبين من البلاستيك.
وبالقرب منهم، تحت علمين ضخمين، تناوب شبان الواحد تلو الاخر على ضرب كرة مطاطية سوداء بقبضاتهم، وقد علقت بها آلة لقياس قوة الضربة، فيما كان طفلان على مزلاجين يتسابقان في الساحة ذهاباً واياباً.
وقدم شاب ارتدى ملابس نادي برشلونة الاسباني لكرة القدم عرضاً استمر لدقائق قام خلاله بركل كرة بيضاء بقدميه وراسه دون ان تقع على الارض، قبل ان يستريح لدقائق ويقدم عرضه من جديد.
ونهاراً، تزدحم الساحة بمحبي الحمام، الذين ياتون لاطعام المئات من هذه الطيور والتقاط الصور معها بعدما تكون قد احتلت الساحة بكاملها.
ويمتطي اخرون مع اقربائهم او اصدقائهم احصنة تتمشى بهم لدقائق في هذه الساحة، بينما تقوم بعض العائلات باستئجار مراكب بلاستيكية صفراء صغيرة تجوب بها بحيرة محاذية للساحة تحت القلعة.
وفي وسط الساحة، كنبة كلاسيكية الطراز مصنوعة من الجلد، بيضاء وحمراء، يحوط بها اطار حديدي قديم، تحولت الى مقصد للمتزوجين حديثاً الذين يتهافتون عليها للجلوس والتقاط الصور بين القلعة والابنية البيضاء.
ويقول سليمان الشرع (19 عاماً) الذي ارتدى عباءة تقليدية بيضاء ووضع نظارة شمسية «وقت الفرح حان (…) بعد ماساة العام الماضي».

ا ف ب
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق