أبرز الأخباردوليات

هل الاتفاق النووي مع إيران يجعل الشرق الأوسط آمناً؟

واصل المفاوضون الدوليون الذين أبرموا الاتفاق النووي مع إيران محادثاتهم إلى الدقيقة الأخيرة. وكانوا في كل مرة يضعون مهلة ثم يتجاوزونها ويواصلون المحادثات.

ولكن في أرجاء واسعة من الشرق الأوسط، حيث ينظر إلى تعزيز قوة إيران بعين الريبة والخوف، كان الأمر شبه محسوم.
فقد أذعنت إسرائيل، التي تشعر بالتهديد من بنود الاتفاق الجديد، منذ شهور لأمر هو أن القوى العظمى، التي تقودها الولايات المتحدة، مصممة على التوصل إلى اتفاق، وأنها مستعدة لتقديم تنازلات من أجل ذلك.
وسبق أن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الذي يرى إيران عدواً لدوداً، إن الاتفاق يبين مخاطر أن تكون مستعداً لإبرام عقد بأي ثمن.
وترى دول الخليج السنية، التي تعد إيران جارة خطيرة، أن الدول العظمى كان بمقدورها الحصول على اتفاق أفضل بكثير.
وقد وصف الوزير الإسرائيلي، داني دانون، الاتفاق بهذه العبارات المثيرة:
«إن هذا الاتفاق ليس مجحفاً لإسرائيل فقط، بل إنه خطر على العالم الحر بأسره. فمنح أكبر داعم للإرهاب في العالم رخصة لتطوير أسلحة نووية، كأنك تعطي أعواد ثقاب لمجنون مهووس بالحرائق».

«أموال للأسلحة»
كان على المفاوضين في فيينا أن يأخذوا بعين الاعتبار جملة معقدة من القضايا، وليس برنامج إيران النووي وحده، والاشتباه في أنها تسعى لتطوير أسلحة نووية.
فهناك قضايا أخرى تؤرق خصوم إيران في الشرق الأوسط بالدرجة نفسها.
فتخفيف القيود على المعاملات المالية، التي تخضع للحظر الدولي، سيمنح إيران قوة اقتصادية إضافية.
وهذا يعني أن إيران ستحصل على المزيد من الأموال، والمزيد من الأسلحة، التي يخشى أن تعطيها للجيوش التي تمولها في الشرق الأوسط، مثل الميليشيا الشيعية في العراق، وحزب الله اللبناني الذي تساعد قواته بشار الأسد، حليف إيران في سوريا.
ويتوقع أن يعزز هذا ثقة إيران في نفسها بأنها حامي حمى الشيعة حيثما كانوا، وسيدفع بدول الخليج السنية، إلى الرد بالمثل.
فالنزاعات الملتهبة في مناطق عديدة من الشرق الأوسط، مثل العراق وسوريا، يمكن اعتبارها جزءاً من المواجهة المستعرة بين أتباع الطائفتين السنية والشيعية.
ومنح إيران فرصة الحصول على المزيد من المال والمزيد من السلاح من شأنه أن يزيد من استعار هذه المواجهة.

حذق
ويخشى المشككون في الشرق الأوسط أن المفاوضين، بقيادة الولايات المتحدة، في فيينا لم يكونوا في مستوى حذق نظرائهم الإيرانيين.
ويقولون إن النتيجة هي تمكن إيران من إعادة الاعتبار لنفسها في المجتمع الدولي، دون أن يطلب منها التخلي عن صفتها كقوة مضادة للتيار في الشرق الأوسط، وكمصدرة للثورة.
وهناك من يرى في الشرق الأوسط أن المفاوضين الدوليين كانوا ضعافاً لأنهم ذهبوا منقسمين.
ولعل الولايات المتحدة تعي مخاوف حليفتها إسرائيل من أن تستعمل إيران الموارد المالية الإضافية في شراء أسلحة متطورة لحزب الله، ليستهدف المدن الإسرائيلية.
ولكن الصين وروسيا ترغبان في بدء تصدير الأسلحة إلى إيران مرة أخرى، وتريانها زبوناً مهماً.
وتمكن الإيرانيون من استغلال هذه الخلافات على الجانبين من طاولة المفاوضات.
وكانت هناك مخاوف من تعامل باراك أوباما مع المحادثات.
فهل هو رئيس أميركي يسعى لدخول التاريخ مثلما فعل نيكسون مع الصين؟
فإعادة الاعتبار لإيران، من شأنها أن تكفل لها ذلك، بشرط أن يتم الأمر بسلامة.
وفي حديث مع دبلوماسي خليجي، وصف الأمر بهذه العبارة: «لنتفق على أن السعي لدخول التاريخ لا يجعلنا أقوى».

المثل بالمثل
واعترضت إسرائيل بشراسة على الاتفاق، لأنها ترى إيران تهديداً وجودياً لها، لأن إيران هددت بمحوها من الخريطة.
وأخرجت أشرطة فيديو تعود إلى منتصف التسعينيات، عندما كان مفاوضون، بقيادة الولايات المتحدة، على ثقة من أنهم عطلوا الطموحات النووية لدولة مارقة أخرى، وهي كوريا الشمالية، لكن ذلك كان دون جدوى.
وهذا تنبيه إلى أن الدبلوماسيين الذين تفاوضوا باسم القوى العظمى، ويعتقدون أنهم ضمنوا السلامة للعالم، قد يكونون مخطئين بشأن إيران، تماماً مثلما كانت إدارة كلينتون بشأن كوريا الشمالية.
ويرى أعداء إيران أن الإيرانيين مصممون على الحصول على أسلحة نووية، وقد وافقوا على تأجيل مسعاهم مقابل تنازلات قصيرة المدى.
ويطرح السؤال بشأن رد إسرائيل على الوضع. فهي دولة تملك قدرات نووية، على الرغم من أنها دأبت على عدم الاعتراف بالأمر ولا مناقشته.

«الخيار العسكري»
يملك الإسرائيليون عدداً كبيراً من المحبين في الكونغرس الأميركي، ولا بد أنهم يسعون حالياً لحشد المشككين لعرقلة تمرير الاتفاق في واشنطن.
وقد يزيد هذا المسعى من تفاقم العلاقات المضطربة أصلا بين أوباما ونتانياهو، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد يرى أن الأمر يستحق المخاطرة.
وربما أدى الاتفاق الذي ترى إسرائيل أنه يضع إيران على عتبة القوة النووية، إلى عودة قضية الضربة العسكرية الإسرائيلية الأحادية الجانب.
هل يمكن أن تفكر إسرائيل في غارات جوية تدمر بها المنشأت النووية الإيرانية؟
وقد تقول إسرائيل إن تهديدها المتواصل بتنفيذ تلك الغارات ساعد في الضغط الذي أفضى إلى محادثات فيينا.
وتركت هذه القضية جانباً في الأعوام الأخيرة، بهدف منح العقوبات الدولية الوقت الكافي لإثبات مفعولها، كما أن محادثات فيينا أخذت منحى جدياً.
ولكن مصدراً واحداً عارفاً بذهنية المخابرات الإسرائيلية أخبرنا أن إسرائيل لا تزال ملتزمة بالعقيدة التي وضعها بيغن، وهي أن الدولة التي تهدد بتدمير إسرائيل ينبغي الا تحصل على إمكانيات التدمير.
وسوف تجد إدارة أوبام صعوبة في إقناع حلفائها في إسرائيل والسعودية بهذا الاتفاق النووي، وإن زينت مسعاها بشحنات إضافية من الأسلحة.
وبينما بدأت معركة تمرير الاتفاق في الكونغرس، تنتشر في الشرق الأوسط العديد من الافكار بشأن المخاطر والصعوبات المستقبلية.

بي بي سي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق