دولياترئيسي

اليونان: تسيبراس يسعى لحشد الدعم لاتفاق قاس مع دول اليورو واليونانيون يرونه «اذلالاً وانقلاباً»!

عاد رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس إلى بلاده وبدأ اجتماعاته فوراً مع زملائه في الحزب والحكومة للحصول على دعمهم للاتفاقية التي جرى التوصل إليها في بروكسل.

وقد وافق زعماء الاتحاد الأوروبي امس الاثنين على منح اليونان حزمة انقاذ ثالثة من القروض، بشروط إجراء إصلاحات. ويسعى تسيبراس الآن لإقرار إجراءات لن تحظى بشعبية في البرلمان.
وتتضمن الاجراءات التي سيترتب على الحكومة اتخاذها زيادة عائدات الضرائب وترشيد الرواتب التقاعدية وتحرير سوق العمل.
وعبر الكثير من اليونانيين عن غضبهم بسبب الاجراءات التي اتفق عليها عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» حيث استخدموا هاشتاغ بعنوان «هذا انقلاب».
وقال وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس من حزب «اليونانيون المستقلون» إنه لن يدعم الاتفاقية.
وكان تسيبراس قد وصل إلى السلطة بعد أن فاز حزبه اليساري «سيريزا» في الانتخابات التي أجريت في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي.
يذكر ان اليونان حصلت على قروض بقيمة 240 مليار يورو منذ عام 2010.
وبقيت البنوك اليونانية مغلقة منذ أسبوعين، وحددت المبالغ التي يسمح للمواطنين بسحبها من حساباتهم بستين يورو.

«لا خروج»
وورد في بيان صدر عن الاتحاد الأوروبي أن اليونان ستحصل على تمويل بقيمة 61 مليار يورو خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويذكر البيان «إمكانية إعادة جدولة الديون اليونانية» دون «تخفيضها».
وسيجري التصويت على الاتفاقية في البرلمانات الأوروبية.
وقال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية إن اليونان لن تخرج من منطقة اليورو.
وقال تسسيبراس إنه خاض معركة قاسية، واستطاع الحصول على إعادة جدولة للديون و«حزمة لتحفيز النمو الاقتصادي».
وأضاف أن الاتفاقية، على صعوبتها، جنبت اليونان «نقل الأصول اليونانية إلى الخارج وانهيار النظام البنكي».
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الطريق سيكون طويلاً وصعباً.
أما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فقال إن «أوروبا تمكنت من الإبقاء على نزاهتها وتضامنها».
وناقش وزراء مالية دول اليورو في بروكسل تأمين سيولة انتقالية للبنوك اليونانية للتعامل مع الاحتياجات العاجلة للبلاد، لكنهم لم يتخذوا قراراً نهائياً.

«عمل كثير» ينتظر اليونان والاوروبيين
واعتبر وزير الخزانة الاميركي ان «عملاً كثيراً» ينتظر اليونان والاوروبيين ليؤتي الاتفاق بين الجانبين حول منح اثينا خطة مساعدة جديدة، ثماره.
وقال جاكوب لو في بيان ان «الوعود (التي تضمنها الاتفاق) ستتطلب قرارات صعبة من جميع الاطراف ويبقى عمل كثير» للقيام به، مع ترحيبه بما اعتبره «خطوة مهمة الى الامام».
واعتبر لو ان تسوية بروكسل تشكل «قاعدة لاعادة بناء الثقة» وتؤكد «التزام اليونان باجراء اصلاحات مالية وبنيوية عميقة وصعبة».
 
اليونانيون يرون «اذلالاً» في الشروط القاسية لخطة الانقاذ الاوروبية
وبدأ اليونانيون منذ امس الاثنين بالاستعداد لمواجهة تأثير الشروط القاسية التي ستنجم عن الاتفاق. ووصف هارالامبوس روليسكوس، الاقتصادي البالغ من العمر 60 عاماً، الاتفاق بـ «البؤس والذل والعبودية».
من جهتها، اعتبرت كاتيرينا كاتسابا (52 عاماً)، وهي عاملة في شركة ادوية «انا لست مع هذه الصفقة. وانا اعلم انهم (دائنو منطقة اليورو) يحاولون ابتزازنا».
لكن كاتسابا اضافت «انا اثق برئيس وزرائنا، والقرارات التي سيتخذها ستكون لفائدتنا كلنا».
وشكك العديد من اليونانيين في ان تؤدي الصفقة الى اي تحسن في حياتهم.
وقال ليفتيريس بابوليديس، الذي يملك شركة لخدمات المواعدة، «كان من الافضل الا يكون هناك اتفاق بدلاً من الذي تم التوصل اليه، لانه بالتأكيد سيكون اسوأ في السنوات المقبلة».
وقال الرجل الذي يبلغ من العمر 35 عاماً «كنت افضل حصول شيء آخر، كالخروج من منطقة اليورو، حيث كنا سنتضور جوعاً في البداية ولكن سنتعامل مع الامر بانفسنا».
ومن بين التدابير المطلوبة التي من شأنها ان تؤثر بشكل مباشر على المواطنين، مسألة فتح المحلات ايام الآحاد، والانفتاح على ملكية الصيدليات والمهن المغلقة مثل النقل عبر العبارات في البحر.
وقالت ميلينا بيتروبولو (41 عاماً)، وهي مديرة احد محال بيع الالبسة النسائية، “اعتقد ان شروط الانقاذ المتفق عليها ستجعل حياتنا صعبة للغاية. ولكن انا اتفق مع فكرة ان نفتح الاحد، هذا القرار يعطي وقتاً لاولئك الذين يعملون كل الاسبوع لشراء منتجاتنا».
جيانا جيورجاكوبولو (43 عاماً)، وهي مديرة في متجر للمجوهرات، رحبت بالاتفاق، لكنها اعتبرت انه «قد لا يكون لدينا اي خيار سوى ان نفتح ايام الآحاد، لكن هذا لن يعني اننا سنكون سعداء بذلك. الجميع يعتقد ان اليونانيين كسالى، لكننا نعمل بجد. ومع ذهاب يوم الاحد، متى يفترض ان نستريح؟».
من جهة اخرى، استخدم آخرون في البلاد وفي دول اخرى اعضاء في الاتحاد الاوروبي موقع تويتر للتعبير عن غضبهم من الاتفاق، وانتقدوا البلطجة الالمانية لليونان.

المانيا تدمر اوروبا مرة أخرى
وانتشر هاشتاغ «هذا انقلاب» على نطاق واسع في اليونان وفرنسا والمانيا وبريطانيا، اعتبر المغردون من خلاله انه تم تجريد اليونان من سيادتها المالية الفعالة.
وغرد كوستاس كايناكيس، الذي يعرف عن نفسه بانه استاذ في مادة التسويق في اثينا، «المانيا تدمر اوروبا مرة أخرى».
من جهته رأى البريطاني الان سكيرات، وهو جندي متقاعد ومدرس سابق، ان «ما عجز الالمان عن القيام به بدباباتهم يحاولون فعله عبر المصارف، هذه محاولة لسرقة الاصول اليونانية، على البريطانيين ان يصوتوا للخروج».
اما المعلقون البارزون امثال بول كروغمان، الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل والذي يكتب لصحيفة نيويورك تايمز الاميركية، فقد ساعدوا على اعطاء زخم للهاشتاغ.
وكتب كروغمان ان «هاشتاغ  «هذا انقلاب» المنتشر صحيح تماماً. يتجاوز القساوة الى الانتقام الفج والتدمير الكامل للسيادة الوطنية، ولا امل في التعافي».

ماهي أهم نقاط الاتفاق بين أثينا والدائنين بشأن خطة المساعدة الجديدة؟

التدابير الأولية:
«نظراً إلى الحاجة لإعادة الثقة» التي فقدت بسبب مواقف حكومة اليسار المتشدد بزعامة ألكسيس تسيبراس، على اليونان «إصدار قوانين في أقرب فرصة».
وبحلول الأربعاء على اليونان «تغيير نظام ضريبة القيمة المضافة وتوسيع قاعدتها لزيادة إيراداتها» و«تحسين نظام التقاعد» و«ضمان استقلالية معهد الستات للإحصاءات» و«إنشاء هيئة ضريبية مستقلة وآلية لخفض تلقائي للنفقات في حال عدم تحقيق أهداف الموازنة».
وهذه التدابير ضرورية للبدء ببحث خطة المساعدة.
إضافة إلى ذلك بحلول 22 تموز (يوليو) على اليونان «تبني قانون الإجراءات المدنية» وإدخال بند في القانون اليوناني يتعلق بمد المصارف بالسيولة.

– الإصلاحات
إضافة إلى هذه الإجراءات على الحكومة اليونانية «تعزيز بجدية مقترحاتها لإجراء إصلاحات» إذا أرادت التوصل إلى اتفاق.
ويطالب الدائنون بـ «برنامج طموح لإصلاح نظام التقاعد» و«إصلاحات أكبر للسوق الداخلية» خصوصاً في مجالات الحسومات والصيدليات والمخابز وفتح المحال التجارية يوم الأحد.
ويريدون أيضاً خصخصة الشركة المشغلة لشبكة الكهرباء.
ويطالبون بـ «تحديث» و«درس» سوق العمل «لتتماشى سياسات العمل مع المعايير الدولية والأوروبية».
وعلى اليونان أيضاً «تحديث (…) الإدارات اليونانية» وخصوصاً «إبعادها عن التأثيرات السياسية» من خلال برنامج محدد. وعلى اليونان عرض مشاريعها في هذا الخصوص بحلول الاثنين المقبل.
وأخيراً يطالب الدائنون بـ «تعزيز القطاع المالي» اليوناني.

– إدارة عمليات الخصخصة
على الحكومة «أن تطبق أيضاً برنامج خصخصة أكثر تطوراً» من خلال تشكيل صندوق خاص تجري بشأنه مفاوضات صعبة.
«نقل الأصول اليونانية ذات قيمة إلى صندوق مستقل سيستخدمها في عمليات الخصخصة أو عمليات أخرى».
وسيدر هذا الصندوق 50 مليار يورو سيستخدم نصفها في إعادة رسملة المصارف اليونانية التي باتت تفتقر إلى سيولة. وسيستخدم 12،5 مليار لتخفيض الديون و12،5 مليار للاستثمارات.
وسيكون مقر الصندوق في اليونان وستديره السلطات اليونانية «بإشراف» السلطات الأوروبية.

– عودة المؤسسات
على اليونان «تطبيع العلاقات مع المؤسسات (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) بما في ذلك خلال العمل على الأرض في أثينا». وتكره حكومة سيريزا وأنصارها هذه المؤسسات.
كما يحق لهذه المؤسسات التدخل في بعض مشاريع القوانين أو الاستفتاءات.
وستستمر شراكة صندوق النقد الدولي في البرنامج اليوناني بما في ذلك بعد استحقاق آذار (مارس) 2016 موعد انتهائه.

– إلغاء بعض تدابير تسيبراس:
على اليونان إعادة النظر في بعض التدابير التي اتخذتها حكومة تسيبراس التي تتناقض مع التعهدات التي قطعتها الحكومات اليونانية السابقة. ولم يحدد النص هذه التدابير.

– التمويل
مجمل خطة المساعدة الثالثة قد تمثل 82 إلى 86 مليار يورو منها 10 إلى 25 ملياراً للمصارف في حال إعادة رسملتها أو تصفيتها. وعلى المؤسسات أن تنظر كيف يمكنها خفض حاجات التمويل.
ويطلب رؤساء الدول والحكومات من مجموعة اليورو إيجاد حل انتقالي للسماح لليونان بمواجهة حاجاتها المالية العاجلة (12 مليار يورو بحلول منتصف آب/أغسطس) والسماح لها بتسديد مستحقاتها خصوصا لصندوق النقد.

– الدين
«مجموعة اليورو مستعدة لتقويم، إذا دعت الحاجة، تدابير إضافية (تمديد فترات السماح والاستحقاقات)» فقط إذا احترمت اليونان تعهداتها.
وحاليا، تؤمن اليونان استمرارها بفضل الأموال التي يضخها البنك المركزي الأوروبي الذي أعلن الاثنين الإبقاء على تمويله الطارىء لليونان بعد إشارة سياسية من بروكسل في هذا الشأن.
تصويت البرلمانات
ومن المنتظر أن يصوت البرلمان اليوناني الثلاثاء أو الأربعاء على الأرجح على الإصلاحات القاسية وغير الشعبية إطلاقا التي يطالب بها الدائنون مقابل خطة الإنقاذ هذه..
وستناقش برلمانات دول عدة أيضاً بما فيها البرلمان الألماني خطة المساعدة هذه.
وقال رئيس مجموعة اليورو يورين ديسلبلوم الاثنين «عندما يقومون بذلك، سيكون لدينا قرار رسمي أكثر لاستئناف المفاوضات».
وبذلك قطعت مرحلة كبرى بعد ستة أشهر من المفاوضات المضطربة بين حكومة تسيبراس اليسارية وشركائها الأوروبيين، لكن إنعاش الاقتصاد اليوناني ما زال يتطلب جهداً كبيراً.

إقناع الرأي العام اليوناني
ويتوقع مراقبون أن تواجه الحكومة اليونانية صعوبات في تمرير الخطة لدى الرأي العام الداخلي، بعدما وعدته برفض نهج التقشف وإملاءات الدائنين، صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي.
إلا أن الإصلاحات التي يطالب بها الدائنون الآن أكثر تشدداً من تلك التي رفضها اليونانيون بنسبة فاقت 61% خلال استفتاء في 5 تموز (يوليو).
وللحفاظ على هامش تحرك اضطر تسيبراس إلى التقرب من المعارضة مثيراً خلافات داخلية في حزبه سيريزا، ما يثير مخاوف من قيام أزمة سياسية جديدة.
وقال مصدر حكومي يوناني مبرراً هذه التنازلات «حين يكون مسدس مصوباً إلى رأسك سوف توافق أنت أيضاً».

بي بي سي/ أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق