سياسة لبنانية

الحريري يجدد الدعوة لانتخاب رئيس: لسنا في مواجهة طائفية مع احد

في افطار تيار المستقبل في البيال وجه الرئيس سعد الحريري خطاباً تناول فيه شؤون الساعة فذكّر بخريطة الطريق التي كان قد تقدّم بها العام الماضي لحماية لبنان من الحرائق المحيطة، والتي تصوّب بوصلة الاستقرار والمسار السياسي في البلد نحو جملة أولويات يتقدمها «انتخاب رئيس للجمهورية والانتقال إلى حكومة جديدة ووقف التورط المتمادي في الحرب السورية»، فضلاً عن طرح «استراتيجية وطنية يتولاها الجيش والقوى الشرعية حصراً لمكافحة الإرهاب ومخاطر الاختراق للمناطق اللبنانية»، مشدداً «على أنّ هذه الخريطة الوطنية لا تزال صالحة للبناء عليها اليوم»، ومجدداً التأكيد في ملف الاستحقاق الرئاسي أن «الأبواب ليست مغلقة في وجه أي مخرج واقعي، ولا فيتو على أي اسم، ودائماً تحت سقف التوافق الوطني»، مع لفته الانتباه إلى أن «لا الرهان على متغيرات في سوريا ولا انتظار نتائج المفاوضات النووية يصنع رئيساً للجمهورية»، ولا خيار أمام اللبنانيين «سوى التقيّد بالدستور والعودة إلى التواصل السياسي للاتفاق على مخرج عملي لمأزق الرئاسة».

سوريا والإرهاب
وعن الحرب السورية ومواجهة الإرهاب،  جدّد التأكيد على أنّ تورط «حزب الله» العسكري في سوريا لن يحقق أهدافه في حماية وإنقاذ نظام الأسد الذي «يقف فوق صفيح من الدم والنار والدمار»، محذراً في مقابل «الخطر الواقف على أبوابنا» من أن «صب الزيت على النار السورية هو جريمة بحق لبنان وسلامته بمثل ما هو جريمة بحق سوريا وشعبها». وشدد في هذا الإطار على ضرورة «حصر أضرار النيران» عبر «سد الإجماع الوطني» وإعطاء «الدولة ما للدولة من مسؤوليات أمنية وعسكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية».
وإذ أسف لكون «حزب الله لا يريد أن يسمع هذا الكلام»، أضاء الحريري على الفارق بين مواجهة الإرهاب «من خلال منظومة وطنية يتولاها الجيش والقوى الشرعية وأن تتفرد مجموعة لبنانية مسلحة بإعلان الحرب الاستباقية وخوضها خارج الحدود ضمن منظومة إقليمية ذات وجه مذهبي تبدأ في دمشق وتتصل بخطوط قاسم سليماني في الموصل وصنعاء وعدن»، ليعرب على الجبهة العربية المقابلة اطمئنانه إلى أنّ ما سمعه منذ يومين يؤكد أن «عاصفة الحزم ما زالت شوكة في حلق المشروع الإيراني للهيمنة على المنطقة»، وليردّ في السياق نفسه على قول أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله بأنّ الطريق إلى القدس يمر بالزبداني بالتشديد على كون «طريق فلسطين لا يمر بالزبداني ودمشق، الطريق من بيروت إلى طهران يمر بسوريا وبالعراق، أما الطريق إلى فلسطين فبالتأكيد لا». وأبدى في إطار متصل رفضه النظريات «الغريبة العجيبة» التي تدعو إلى قيام كيانات أمنية وعسكرية رديفة للجيوش والقوى الرسمية في دول المنطقة تستنسخ «نموذج الحرس الثوري في إيران».

الطائف والمؤسسات
وفي معرض دفاعه عن مظلومية اتفاق «الطائف»، فنّد الحريري هذه المظلومية «عندما يجري الحديث عن إلغاء الطائفية السياسية والانتخابات النيابية واللامركزية» وصولاً إلى «الظلم الأكبر» الذي يقع على «الطائف» ربطاً بـ «حصرية السلاح بيد الشرعية وحل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية». كما تطرّق إلى الطروحات التي تدرّجت في مطالبتها بطيّ مرحلة «الطائف» من إثارة «المثالثة» إلى «المؤتمر التأسيسي» حتى الطرح الأخير الذي نادى بـ «الفيدرالية»، ليخلص إلى التشديد في المقابل على «خيار واحد لا ثاني له: أن نتضامن على إعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية، وحماية الفكرة التي قامت عليها دولة لبنان وتكرست من خلال الميثاق الوطني وتجددت من خلال وثيقة الطائف»، مشيداً في هذا المجال بإقدام رئيس الحكومة تمام سلام على «حماية الركن الأخير في السلطة التنفيذية من الوقوع في الفراغ والشلل»، مع الإعراب عن تطلعه إلى التكامل مع «جهود رئيس مجلس النواب نبيه بري لتفعيل العمل التشريعي في نطاق التفاهم السياسي على الأولويات، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية يمسك زمام القيادة ويجدد الأمل الضائع بمفهوم الدولة».

«حزب الله» و«التيار الوطني»
وبينما ذكّر الحريري بالتعاون الذي حصل مع «التيار الوطني الحر» منذ تشكيل الحكومة مروراً «بعشرات القرارات» المتخذة على طاولة مجلس الوزراء، استغرب الحريري أن تصبح فجأة «كل الحقوق مهدورة» بسبب الخلاف على بند التعيينات الأمنية في حكومة لا يشكل فيها «تيار المستقبل» الأكثرية المقرّرة، إنما هناك «رأي غالب» حكومي وسياسي يؤكد ضرورة إرجاء بحث استحقاق قيادة الجيش إلى موعده في أيلول (سبتمبر) في ظل الخلاف الحاصل حالياً إزاء مقاربة الاستحقاق.
كما انتقد الحريري حماسة «حزب الله» وإصراره على تظهير المشكلة على أنها «بين التيار الوطني والمستقبل»، وقال رداً على محاولة «حزب الله» تحوير هذا الموضوع عن حقيقته: «الحزب لا يزال يطلق الوعظ والنصائح بأن «تيار المستقبل» يعتمد سياسة التفرّد والتهميش.. والله إنه لشيء عجَب (هكذا) كلام صادر عن الجهة المتخصصة بالتفرّد والتهميش، والتي تحمل الرقم القياسي بالخروج على الإجماع الوطني، منذ قيام دولة لبنان».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق