صحة

هل يمكن العلاج بالاقتراب من الطبيعة؟

المشي وسط الأشجار أدى لخفض ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب ومستويات هرمون الكورتيزول

هذه هي الوصفة الطبية المناسبة لك، تجول في غابة لمدة ساعة خمس مرات أسبوعياً!

نعم، من الممكن، وفقاً لخبراء، أن يعطيك الأطباء نصيحة صحية مثل هذه في المستقبل غير البعيد، إذ يقترب العالم الحديث، بعد عقود من البحث، من تحديد كيف أن التعرض للطبيعة يعزز من الرفاهية.
وكشفت دراسة أميركية حديثة أن القرب من الطبيعة ربما يريح العقل، ويقلل من اجترار الأفكار السلبية التي تجول في العقل مراراً وتكراراً.
وقارن فريق من جامعة ستانفورد أثر التنزه في مساحة خضراء مع التنزه في بيئة حضرية، وهي في هذه الحالة بجانب طريق مزدحم في مدينة بالو ألتو بولاية كاليفورنيا.
وأظهر الفحص انخفاض نشاط منطقة في المخ مرتبطة بمخاطر المرض العقلي في الأشخاص الذين خضعوا للدراسة، والذين تجولوا لمدة تسعين دقيقة وسط أشجار البلوط، والطيور والسناجب.
كما سجل هؤلاء الأشخاص مستويات أقل من اجترار الأفكار.
ويقول غريغوري براتمان من جامعة ستانفورد، وهو أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إن الانتقال إلى المدن «حدث في طرفة عين بلغة التطور البشري».
وكما يوضح فإن نحو 50 في المئة من إجمالي سكان العالم يعيشون في مدن وبلدات، وهذا الرقم من المتوقع أن يصل إلى 70 في المئة بحلول عام 2050.
وتدرس بعض الدول والمدن بالفعل الفوائد التي تعود على الصحة العقلية من الطبيعة، وذلك عند تخطيط المناطق الحضرية الجديدة.
ويقول براتمان: «هناك أدلة متزايدة على أن رؤية المناطق الطبيعية مقارنة بالمناطق الحضرية تفيدنا، على الأقل شعورياً من الناحية المزاجية، وربما أيضاً من ناحية تطورنا الإدراكي».
وأضاف: «يمكنك اعتبار فوائد الصحة العقلية هذه مثل خدمة نفسية من النظام البيئي».

مشروع لتطوير «وصفات علاج خضراء» بالتعرض للطبيعة ستكون ذات فائدة للأشخاص الذين يعانون من القلق والاكتئاب


تخضير المدن
وتسعى الجمعية الملكية البريطانية للبساتين لتشجيع الجمهور على جلب الطبيعة إلى أفنية منازلهم، عن طريق استبدال الخراسانة بالنباتات.
وعرضت حديقة لحملة تخضير بريطانيا الرمادية، خلال مهرجان هامبتون كورت للزهور، طرقاً لجعل البيئات الحضرية أغنى من ناحية النباتات والطبيعة.
ومن المقرر نقل النباتات من هذه الحديقة إلى مدينة بريستول، بهدف تخضير أحد الشوارع العامة، ودار سانت مونغو للمشردين.
وصمم الحديقة البروفسور نيغل دونيت أستاذ تكنولوجيا زراعة النباتات في جامعة شيفلد.
ويقول دونيت: «نحن تطورنا مع الطبيعة، ومن غير الطبيعي بالنسبة الينا أن ننفصل عنها».
ويرغب دونيت في تحقيق نقلة في التفكير لجعل المطورين يستثمرون في إنشاء ضواحي طبيعية، وكذلك جعل المتخصصين في زراعة البساتين يستثمرون في مشروعات بنية تحتية خضراء.
ويضيف: «هناك دور كبير لزراعة البساتين في هذا التحرك الشامل لتخضير المدن».

السباحة في الغابة
وأحد التوجهات الصحية الشائعة خصوصاً في اليابان وكوريا الجنوبية ما يسمى «شينرين – يوكا»، وهو تعبير يعني الدخول في جو الغابة أو السباحة في الغابة.
وكشفت دراسة أجريت على 24 غابة في اليابان أن المشي وسط الأشجار أدى لخفض ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب ومستويات هرمون الكورتيزول، الذي يفرزه الجسم كرد فعل على التوتر.
ووفقاً للطبيب النفسي الدكتور ماثيو وايت من جامعة إكستر، فإن البحث في العلاقة بين الطبيعة والرفاهية تركز على آثار الطبيعة على الجسم والمخ، مثل كيفية استجابة نشاط المخ لرؤية الطبيعة.
ويقول وايت: «لم نكتشف بعد بعض العناصر الإدراكية، التي ربما تفسر لماذا تكون البيئات الحضرية مرهقة جداً للمخ».
ويقول إن هناك العديد من المشاريع تجري حالياً، بهدف تطوير «وصفات علاج خضراء» بالتعرض للطبيعة، والتي ستكون ذات فائدة للأشخاص الذين يعانون من القلق والاكتئاب.
ونشرت دراسة جامعة ستانفورد في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، في الولايات المتحدة الأميركية.

بي بي سي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق