سياسة لبنانية

نداء ملح من الراعي إلى 8 و14 أذار: انتخبوا رئيساً وحققوا وحدة الحكومة

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداساً الهياً، في ختام سينودس الموارنة، في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي بمشاركة مطارنة الطائفة في لبنان وبلدان الانتشار.
بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة استهلها بالقول: «إذا اتفق اثنان منكم على الأرض في ما يطلبان، حصلا عليه من أبي الذي في السماوات». (متى 18: 19).
اضاف: «نرفع معاً ذبيحة الشكر لله على أنه جمعنا باسمه في هذا السينودس المقدس، واستجاب لما التمسناه بالصلاة أثناء الرياضة الروحية، ولما اتفقنا عليه وقررناه بأعمالنا المجمعية. لقد شعرنا، ونحن مجتمعون، أن الرب كان بيننا واختبرنا حقاً وعده في إنجيل اليوم: «إذا اتفق اثنان منكم على الأرض في ما يطلبان، حصلا عليه من أبي الذي في السماوات» (متى18: 19). كما نرفع صلاة الشكر مع أخوينا الجليلين المطران جورج اسكندر والمطران بولس مطر، الساميي الاحترام اللذين يحتفلان هذه السنة بيوبيلهما الكهنوتي الذهبي، بمرور خمسين سنة على حياتهما الكهنوتية. وقد رفعهما الله، بنعمة مجانية منه وبدعوة خاصة، إلى ملء الكهنوت في الأسقفية والخلافة الرسولية».
وتابع: «الاتفاق في ما بيننا» هو هذا التناغم الآتي من الموسيقى الإلهية بقيادة الروح القدس، أعني من التكامل في الأفكار والآراء، وفي روح المسؤولية الراعوية تجاه حاجات كنيستنا وشعبنا في لبنان والنطاق البطريركي المشرقي وبلدان الانتشار. فلو لم نكن متفقين حقاً ومتناغمين لما استجابنا الله في ما التمسناه بالصلاة وما اتخذناه من قرارات وتدابير وتوصيات في مختلف قطاعات الحياة والرسالة في كنيستنا المارونية».
وقال: «الآن، وكل منا يعود إلى أبرشيته أو إلى المكان الذي أقامه فيه الروح القدس، فإنا نحمل معنا هذه الوديعة: أن نبني وحدة جسد المسيح، بوحدة الأفكار والقلوب، على أساس المحبة والحقيقة. لكننا ندرك أن بناء الوحدة يقتضي قاعدة أساسية، في الظروف الراهنة، وهي التضامن مع الفقراء والمحرومين من حقوقهم الأساسية، ومع المعوزين والعاطلين عن العمل، بحيث نفعل قدراتنا كأبرشيات ورعايا ورهبانيات وأديار ومؤسسات، نكون بقربهم، نمد لهم يد المساعدة، نمكنهم من تحقيق ذواتهم بما نوفر لهم من فرص عمل وإمكانيات استثمار».
وأعلن «اننا نود في هذا السياق أن نذكر شعبنا بتعليم بولس الرسول: نحن المسيحيين أصبحنا جسد المسيح بالمعمودية والميرون. الله جعل الأعضاء تهتم بعضها ببعض وتتناغم. فإذا تألم عضو تألمت معه سائر الأعضاء؛ وإذا أكرم عضو فرحت معه سائر الأعضاء (راجع 1 كور12: 18، 25-26). إننا ندعو الجميع إلى هذه الوحدة بالمسيح، وإلى التناغم والتكامل والتضامن. ندعوهم إلى الخروج من الخلافات والنزاعات والانقسامات. فواضح من كلام الرب في الإنجيل أن الله لا يستجيب لنا إذا كنا غير متناغمين وغير متفقين».
وقال: «في ضوء هذا الكلام الإلهي، نوجه النداء الملح إلى الفريقين السياسيين في لبنان، المتمثلين بـ 8 و14 أذار، إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية، والخروج من مواقفهم المتصلبة ومن فرضها الواحد على الآخر، لكي يستجيب الله لنواياهم التي نرجوها حسنة ولصالح لبنان، شعباً ودولة لها كيانها الحر والسيد والمستقل، ولها مؤسساتها الدستورية الفاعلة. إن كتلهم السياسية والنيابية مدعوة لتتحلى بشجاعة وبطولة التجرد من الحسابات الخاصة، لكي يستطيعوا الاتفاق والإقدام على انتخاب رئيس للجمهورية. فهو وحده يعيد للدولة حياتها الطبيعية: يعيد للمجلس النيابي سلطته التشريعية والرقابية، ويضمن للحكومة ممارسة سلطتها الإجرائية في اتخاذ القرارات وإجراء التعيينات، ونزع سيف التعطيل المصلت عليها من هذا أو ذاك من مكوناتها السياسية».
وتابع: «إلى أن يتم ذلك، فإننا ندعو إلى الوحدة داخل الحكومة، وإلى مواصلة عملها وتدبير شؤون البلاد. وندعو مكوناتها السياسية للالتزام بالواجب الوطني، وعدم استعمال السلطة للتعطيل والتفشيل. فلا بد من الجلوس معا والتحاور والمصارحة والمصالحة. وبكلام الله في إنجيل اليوم، يجب على أعضاء الحكومة وكتلها السياسية استحضار الله الذي وضع النظام الطبيعي، كأساس للدولة. فكانت الجماعة السياسية حاجة طالب بها الأفراد والعائلات وسائر الجماعات، لكي تؤمن باسمهم الخير العام بكل وجوهه وقطاعاته، الذي منه خير كل واحد وواحدة، وخير الجميع. هذا هو المبرر الوحيد للعمل السياسي ولوجود الجماعة السياسية (الكنيسة في عالم اليوم، 74)».
وقال: «نحن الأساقفة، الذين أقامنا المسيح الحبر الأعظم الأبدي، بالروح القدس، رعاة لشعبه الذي افتداه بدمه، فلندرك أن رسالتنا ومسؤوليتنا إنما هما العمل على وحدة شعبنا والتناغم في الحياة والعمل والرسالة. فالأسقف بحكم كونه يمثل شخص المسيح على رأس كنيسته المحلية، هو أساس وحدة شعبها وضامنه. وعليه أن يجتهد بصبر وثبات في شد أواصر هذه الوحدة، وحل النزاعات، وإجراء المصالحات. وهو في ذلك يدرك أبعاد وعد المسيح الرب في إنجيل اليوم: «فأينما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، كنت هناك بينهم» (متى 18: 20). وحيث المسيح هناك المحبة والسلام».
وأكد ان «لا شيء لدى الله أفضل من التفاهم والاتفاق كما نصلي في المزمور: «ما أطيب وما أحلى أن يسكن الإخوة معاً» (مز133: 1). وللدلالة على سرور الله باتفاق الإخوة، قال على لسان يشوع بن سيراخ: «ثلاثة أشياء تفرحني، وتفرح الله والبشر: اتفاق الإخوة، ومحبة القريب، والوفاق بين المرأة وزوجها» (سيراخ 25: 1)».
وقال: «هذا الكلام الإلهي ينسحب أيضاً على المسؤولين السياسيين في الحكومة والمجلس النيابي والأحزاب، بحكم المادة التاسعة من الدستور اللبناني حيث نقرأ أن «الدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى، تحترم جميع الأديان والمذاهب…». لا يقف «الإجلال لله» و«احترام الأديان والمذاهب» عند حدود الكلام، والانتماء الديني والمذهبي، بل يقتضيان الالتزام بكلام الله والممارسة الأسرارية ومعرفة إرادة الله والتحلي بالقيم الروحية والأخلاقية بروح الخدمة والمناقبية وعيشها في الممارسة السياسية، فضلا عن الالتزام بأولوية الخير العام والعدالة والمصالحة والسلام».
وختم: «ما لم نعد جميعنا في العائلة والمجتمع، وفي الكنيسة والدولة، إلى ما يدعونا إليه المسيح الرب في إنجيل اليوم: إلى الغفران والمصالحة، وإلى الوحدة والتناغم، وإلى اللقاء معا في حضرة الله مع الالتزام الشخصي بالقيم الروحية والأخلاقية، لا يمكن أن نحظى بالنعمة الإلهية التي تعضدنا وتخرجنا مما نتخبط فيه من أزمات. فلا يمكن أن نعيش في مجتمع أو جماعة أو دولة من دون الله «الذي به نوجد ونتحرك» (أعمال 17: 28). ولا أحد يستطيع أن يتفلت من إرادته وشريعته. فلنرفع صلاة التسبيح والشكر للثالوث المجيد، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين».

الى اربيل
على صعيد آخر، يتوجه البطريرك الراعي والموفد البابوي الكاردينال انجيلو سكولا الى اربيل يوم غد الجمعة للطلاع على اوضاع المسيحيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق