سياسة لبنانية

اجتماع «مسيحيي 14 آذار» في بكركي لم يصل الى نتيجة

أُدرج اجتماع بكركي لمسيحيي 14 آذار في خانات سياسية كثيرة وأعطيت له أوصاف وأهداف متعددة: البعض رأى فيه مجرد صرخة في برية الاستحقاق الرئاسي وتسجيل موقف بمناسبة مرور سنة على شغور مركز رئاسة الجمهورية… آخرون رأوا فيه رداً غير مباشر على مبادرة العماد عون التي ألقت حجراً في المستنقع الرئاسي والسياسي الراكد وحركته ولكنها لا تصل الى نتيجة وإنما الى حائط مسدود… وأوساط ثالثة رأت فيه قنبلة سياسية دخانية لتحويل الأنظار عن موضوعين ساخنين جداً: عرسال والتعيينات الأمنية…
أياً تكن الأوصاف والتصنيفات المعطاة للقاء بكركي، تبقى النتائج هي الأهم. ولكن يبدو أن النتيجة هي «لا شيء» وأن هذا الاجتماع الذي يشكل محاولة لفعل شيء ما بقي في خانة «حركة بلا بركة» ولا يرقى الى مستوى الاجتماعات التي بمقدورها إحداث اختراق رئاسي أو إحراز تقدم جوهري وتشكيل قوة دفع باتجاه انتخاب رئيس جديد…
وأما أهم الملاحظات والانطباعات التي أمكن الخروج بها من هذا الاجتماع وبعده:
1- في الشكل انحصر الحضور في «مسيحيي 14 آذار» أي النواب الذين يواظبون على حضور جلسات انتخاب الرئيس. وفيما كان أبرز المشاركين هو النائب ميشال المر مؤكدا انتماءه السياسي في هذه المرحلة الى فريق 14 آذار، فإن أبرز الغائبين كان النائبين ستريدا جعجع وسامي الجميل… وبالإجمال طغى الحضور الأرثوذكسي على الحضور الماروني، كما برز حضور نواب تيار المستقبل الذين شكلوا الأكثرية في اللقاء…
2-الاجتماع انطوى على ثغرات وكان ينقصه التنسيق على مستويين: التنسيق بين بكركي وأصحاب المبادرة الى هذا الاجتماع، والتنسيق بين النواب المشاركين:
– البيان الصادر عن الاجتماع (تلاه النائب بطرس حرب) أشار الى مباركة بطريركية لخيار انتخاب الرئيس بنصاب النصف زائد واحد، ولكن بياناً توضيحياً صدر عن المكتب الإعلامي لبكركي أوضح أن «البطريرك لم يعطِ رأيه بالنصاب بل وافق على نقل الاقتراح الى الرئيس بري ومناقشته معه، وما يتفق عليه النواب مع بري يوافق عليه البطريرك».
– تم الإعلان (في البيان الصادر عن الاجتماع) عن تشكيل لجنة من الحضور قوامها النواب فريد مكاري وبطرس حرب وجورج عدوان ونديم الجميل وعاطف مجدلاني… ولكن مكاري أوضح سريعاً أنه ليس بين أعضاء اللجنة معتذراً عن عدم المشاركة…
-أثناء المداولات لم تطرح أفكار جديدة في مقاربة كيفية الخروج من المأزق الرئاسي وإنما تكرر طرح أفكار سبق أن طرحت وتبيّن أنها غير واقعية أو غير مفيدة مثل: جمع كل النواب المسيحيين في بكركي في خلوة لا يخرجون منها إلا متفقين (سامر سعادة)، وتسكير البلد بالاتفاق مع الهيئات الاقتصادية حتى انتخاب رئيس (روبير فاضل)، أو تنفيذ اعتصام نيابي دائم في مجلس النواب (أنطوان زهرا)… ولم يحظَ أي من هذه الاقتراحات بتأييد كل المشاركين… فيما اقتراح دعوة النواب المسيحيين والمسلمين الذين يحضرون جلسات الانتخاب الى اجتماع موسع في بكركي لم يحظ بموافقة البطريرك الراعي الذي فضل عقد اجتماع أول لمسيحيي 8 و 14 آذار.
3- لم يكن نواب 14 آذار المسيحيين راضين عن وقائع ونتائج اجتماع بكركي، وتحديداً لناحية موقف البطريرك الراعي ليس فقط في موضوع النصاب وكيفية متابعة هذا اللقاء وتطويره، وإنما أيضا في موضوع مسؤولية الفراغ الرئاسي وتوجيه انتقادات في الاتجاهين واتخاذ موقف متوازن بين الحاضرين والمقاطعين لجلسات الانتخاب. قال الراعي متوجها الى النواب الحاضرين: «أنتم هنا للإعراب عن استيائكم المرير من عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ 14 شهراً، ومن فراغ سدة الرئاسة منذ سنة كاملة ويوم، لأن 42 زميلاً لكم في النيابة قاطعوا الجلسات الـ 23 منعاً لاكتمال النصاب، معتبرين أنهم يريدون رئيساً قوياً يُصنع في لبنان ومنه. وأنتم هنا للبحث عن مخرج لأزمة الفراغ. نحن معكم في الاستياء بوجهيه، وفي البحث عن المخرج، ونحن معهم بالمطلب لا بالوسيلة». وأكد الراعي «أننا جميعاً نريد رئيسا يُصنع في لبنان ومنه، ونريده قوياً (…)».
هذا الكلام قابله عون بارتياح وعلق قائلاً: «علاقتي بالبطريرك الماروني بشارة الراعي ممتازة، وموقفه اليوم عظيم جداً وهو يريد مخرجاً ديمقراطياً ودستورياً». ويقول مقربون من عون إن «كلام الراعي عبّر صراحة أنه مع هدفنا ولكننا نتفهم أنه كبطريرك لا يمكنه أن يؤيد الوسيلة، أي المقاطعة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق