سياسة عربية

بنغازي «مدينة منكوبة»

تحولت مدينة بنغازي إلى «مدينة منكوبة» بعد عام على انطلاق حملة الفريق أول خليفة حفتر التي انقسمت معها ليبيا بين سلطتين متناحرتين، فصارت تشكو نقصاً في مستلزمات الحياة اليومية، من الغذاء إلى المواد الطبية، فيما يواجه سكانها يومياً خطر الموت العشوائي.

تحولت بنغازي، مهد الثورة الليبية في 2011، إلى مدينة تعصف بها الحرب ويلفها الدمار على مدار عام من المعارك اليومية منذ انطلاق حملة الفريق أول خليفة حفتر التي انقسمت معها ليبيا بين سلطتين.
وتعاني ثاني المدن الليبية من حيث عدد السكان والتي تبعد نحو ألف كلم عن العاصمة طرابلس، من نقص في مستلزمات الحياة اليومية، من الغذاء إلى المواد الطبية، فيما يواجه سكانها خطر الموت العشوائي.
وقالت نادين الشريف الإعلامية الليبية والناشطة في بنغازي «المواطن يعاني من ارتفاع الأسعار وقلة وجود أبسط إمكانيات حياته اليومية، مثل الوقود وغيرها من المواد».
وأضافت أن السكان يعيشون وسط «حالة من فقدان الأمن والأمان (…) وحتى المدارس تتعرض للقصف».
وتابعت قائلة: «بنغازي مدينة منكوبة».

بين حفتر و«فجر ليبيا»
وفي 16 أيار (/مايو) العام الماضي أعلن الفريق أول خليفة حفتر انطلاق عملية «الكرامة» التي هدفت إلى القضاء على نفوذ جماعات مسلحة احتفظت بأسلحتها عقب إسقاطها نظام معمر القذافي قبل أكثر من أربع سنوات بعدما حكم هذا النظام البلاد لنحو أربعة عقود بيد من حديد.
ووجدت بنغازي التي انتشرت فيها على مدار الأعوام الماضية جماعات متطرفة بينها «أنصار الشريعة» الموالية لتنظيم القاعدة، نفسها في قلب هذه الحملة التي فشلت في استعادة المدينة التي انطلقت منها شرارة الثورة، من أيدي هذه الجماعات.
وازدادت الحرب في المدينة ضراوة مع انقسام البلاد في الصيف الماضي بين سلطتين في إطار نزاع مستمر على السلطة، حكومة وبرلمان في الشرق يعترف بهما المجتمع الدولي ويقود قواتهما حفتر، وحكومة وبرلمان موازيان يديران العاصمة بمساندة تحالف مسلح يضم إسلاميين تحت مسمى «فجر ليبيا».
واعتبرت حملة حفتر في بدايتها انقلابا، قبل أن تتبناها السلطات المعترف بها.
وأكبر المجموعات المسلحة في بنغازي التي تقاتل القوات الموالية للحكومة المعترف بها تنضوي تحت مسمى «مجلس شورى ثوار بنغازي» الذي يحظى بدعم تحالف «فجر ليبيا»، رغم أن هذا المجلس يضم جماعة «أنصار الشريعة».

الموت يرفرف
وقال أيوب العرفي الذي يعمل تاجراً في مدينة بنغازي «هناك معاناة شديدة. كل شخص في هذه المدينة محكوم عليه بالموت بسبب القصف» العشوائي والمعارك اليومية بين قوات حفتر والجماعات المسلحة.
وأوضح «نحن في أزمة كبيرة جدا. نحاول كمواطنين وتجار أن نعيد الحياة من جديد، وأن ننهي الأزمة، لكن الحرب لا تتوقف، وسط غياب الاهتمام من قبل الحكومة والبرلمان والمجلس البلدي».
وتشهد بنغازي التي قتل فيها أكثر من 1700 شخص منذ بداية 2014 بحسب منظمة «ليبيا بادي كاونت» غير الحكومية، وهو أعلى معدل قتلى مقارنة بباقي المدن الليبية، هجمات انتحارية تستهدف خصوصاً القوات التي يقودها حفتر، وعمليات اغتيال تطاول ناشطين وإعلاميين، وأعمال قصف عشوائية قتل فيها العشرات وبينهم ثمانية أطفال لقوا حتفهم في حادثين الأسبوع الماضي.
ويقول عقيلة البرعصي مدير الخدمات في مركز بنغازي الطبي «النقص في المواد الطبية كبير، وكل شيء هنا يتعرض للقصف. حتى المركز الطبي، يقصف بشكل دوري أسبوعياً».
وإلى جانب الجماعات المسلحة الليبية، ينشط في مدينة بنغازي الفرع الليبي لتنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي غالباً ما يعلن عن عمليات له تستهدف قوات الحكومة المعترف بها.
ومع أن بعض المناطق في بنغازي لا تزال تتمتع بشيء من نمطها الطبيعي، وخصوصاً في شرقها، مع انتشار قوات من الشرطة وفتح المحال التجارية لأبوابها، إلا أن مناطق أخرى وعلى رأسها الصابري والليثي في الوسط، والهواري في الجنوب، تشهد معارك يومية.
وتعرضت الأبنية والمحال والمدارس في هذه المناطق إلى عملية تدمير كبيرة، وجعلتها بؤر معزولة عن باقي المدينة بعدما نزحت منها آلاف العائلات التي باتت تبيت في مدارس في مناطق أخرى، تطاولها بدورها عمليات القصف.

حفتر يعد بـ «يوم حسم قريب»
ولمناسبة مرور عام على عملية «الكرامة»، قال حفتر في خطاب وجهه إلى الليبيين إن حملته العسكرية لن تتوقف حتى «يشمل التحرير (…) كل المدن الليبية التي يدنس أرضها الإرهابيون»، واعداً مدينة بنغازي مجدداً بـ «يوم حسم قريب».
في مقابل ذلك، تعهد تحالف «فجر ليبيا» في بيان للمناسبة ذاتها بدعم المسلحين المناهضين للقوات التي يقودها حفتر، قائلاً «نشد على أيدي ثوارنا البواسل مجلس شورى ثوار بنغازي وأننا لم ولن نتخلى عنكم وسنبذل كل جهودنا لمساندتكم».
ويرى عثمان بن ساسي الناشط السياسي والعضو السابق في المؤتمر الوطني العام أن «الحل في بنغازي مرتبط بالأزمة الليبية برمتها وإمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية قوية تنهي الانقسام.
ويضيف «دون هذه الحكومة، الحرب قد تستمر طويلاً».

أ ف ب
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق