سياسة لبنانية

إسرائيل ترسم حدود وقواعد اللعبة مع حزب الله في سوريا

حدثان أمنيان «خطيران» رصدا على الأراضي السورية في الأيام الأخيرة وعلى هامش المعارك الدائرة بين قوات النظام والمعارضة:
الأول تمثل في تنفيذ الطائرات الإسرائيلية غارات ضد ثلاثة مواقع وقواعد عسكرية سورية في منطقة القلمون تحتوي على أسلحة صاروخية استراتيجية (سكود وفاتح 11)، وضد قافلة سيارات لحزب الله الذي يتعاون ويتواصل مع هذه المواقع…
الثاني تمثل في استهداف الجيش الإسرائيلي خلية عند منطقة الحدود مع الجولان كانت تحاول زرع متفجرات ما أدى الى مقتل عناصر هذه الخلية الذين ينتمون الى قرية مجدل شمس الدرزية. وتبدو إسرائيل مقتنعة بأن الخلية تحركت رداً على عملية قصف قوافل الأسلحة وقواعد الصواريخ في سوريا.
هذه التحركات الإسرائيلية العسكرية في القلمون والجولان تندرج في إطار عملية ترسيم حدود وقواعد اللعبة مع حزب الله في سوريا وتنطوي على رسالة الى الحزب فحواها:
1- أن إسرائيل لن تسمح بمحاولات تزويد حزب الله عبر سوريا ومنها بأسلحة تؤثر على التوازن العسكري معها مثل الصواريخ البالستية والصواريخ المضادة للسفن والطائرات… ويصبح الأمر مثيراً أكثر للاهتمام والمتابعة مع اهتزاز وضع الجيش السوري وتضعضعه نتيجة الحرب في سوريا واحتمال وقوع أسلحته الاستراتيجية في يد حزب الله.
2- أن إسرائيل لن تسمح بإقامة خلايا مسلحة وبنى تحتية «للإرهاب» في المناطق الحدودية المحاذية للجولان، ولن تتردد في ترصد وضرب تواجد حزب الله في هذه المنطقة.
إسرائيل التي اتبعت على مدى السنوات الأربع الماضية سياسة مزدوجة تجاه سوريا تقوم من جهة على وضع خطوط حمراء لا تسمح باجتيازها، ومن جهة ثانية  الحفاظ على «هامش غموض» بشأن غاراتها، ليست متأكدة من كيفية تفاعل حزب الله مع هذه الضربات وطبيعة رده في ساحتي الجولان ومزارع شبعا، وتبدو في حالة عدم يقين ازاء تطور المواجهة مع حزب الله ومستقبل الوضع في مثلث الحدود الإسرائيلية السورية ـ اللبنانية:
– التقدير الغالب أن هناك جملة عوامل تمنع نشوب حرب بين حزب الله وإسرائيل وأبرزها قدرة الردع الإسرائيلية من جهة وانشغال حزب الله في معارك مع «أطراف ثالثة» من جهة أخرى، في وقت لا مصلحة لدى إسرائيل ولا سبب يدعوها حالياً للذهاب الى «حرب استباقية»، ولذلك تكتفي بالمحافظة على قدرة الردع التي تمنع الحرب، إضافة الى تطوير قدراتها الدفاعية التكنولوجية وتعزيز المجالات الاستخباراتية. والوضع يتحرك حتى إشعار آخر بين حدين: قرار إسرائيل عدم السماح لحزب الله بتعزيز قدرات عسكرية متطورة ونقل أسلحة استراتيجية قادرة على تغيير ميزان الردع في المنطقة… ورغبة حزب الله بالانتقام وعدم التصعيد في آن والبحث بالتالي عن هدف يبقي الوضع الراهن مفتوحا ويضمن عدم خروجه عن السيطرة.
– التقدير الآخر الموجود يتحدث عن دينامية خطرة يمكن أن تخرج الوضع عن السيطرة رغم أن كلا الطرفين لا يرغبان في هذا الأمر. ويجري الحديث عن لعبة «بينغ بونغ» حيث كل حادث يزيد في إمكان رد الطرف الآخر ويرفع سقف رد الفعل… وبالتالي فإن الإعلان أن لا مصلحة للطرفين في التصعيد الشامل لم يعد كافياً، فوتيرة الأحداث في الجبهة الشمالية سريعة هذه الأيام وجولة طويلة من الغارات وعمليات الرد قد تقود الطرفين الى مواجهة شاملة. وحزب الله ما زال يمتلك «جرأة الرد» لتكريس معادلة توازن الردع ولإثبات أنه ليس مقيّداً ومشلولاً جراء الخوف من إسرائيل أو بسبب الانغماس في سوريا، ولهذا فإن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بحالة تأهب عالية في الشمال والحكومة الإسرائيلية الجديدة سيكون أمامها إجراء بحث معمق لاستراتيجية إسرائيل تجاه سوريا ولبنان إذا ما أرادت ضمان الحفاظ على عملية الردع وعدم الدخول في تصعيد غير محبذ…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق