سياسة لبنانية

جنبلاط يطرح تعديل الطائف… 14 آذار تستغرب وتيار المستقبل يتصدى

الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لديه موهبة في لفت الأنظار واختراع عناوين وإلقاء «قنابل دخانية»، وفي أن يلعب ويَحرُك في زمن الفراغ وفي أن يخلق من اللاشيء شيئاً… وهذا ما فعله قبل أسابيع عندما أعطى الوزير وائل أبو فاعور الضوء الأخضر لفتح ملف الفساد وسلامة الغذاء، وهذا ما يفعله الآن عندما يطرح موضوع تعديل اتفاق الطائف في توقيت غير مناسب ومن خارج جدول أعمال المرحلة وأولوياتها…
قال النائب وليد جنبلاط في تغريدة له عبر «تويتر»: «(…) آن الاوان ومن دون المس بجوهر الطائف لإجراء تعديلات في السياق الذي تحدثنا عنه كي لا يبقى لبنان بلد الفرص الضائعة».
وفي تصريحات لاحقة أكثر توضيحاً وتفصيلاً قال جنبلاط إن التعديلات التي يطالب بها لا تطاول جوهر الطائف وبنيته التحتية، بل هي تهدف حصراً الى تحسين وضع الإدارة وإعادة تفعيلها، مشيراً الى أنها مجرد محاولة للخروج من الركود. إنه يتطلع الى تعديلات «موضعية» في اتفاق الطائف، تعيد الاعتبار الى هذه الإدارة، وتمنحها الرشاقة والحيوية.
ويلفت جنبلاط الانتباه الى أن الوزير أصبح وفق الطائف حاكماً بأمره، وصاحب سلطة مطلقة في الوزارة، على حساب الإدارة التي أصبحت رهينة الانتماء الحزبي لهذا الوزير أو ذاك، بينما كان يوجد في السابق نوع من الخصوصية أو الاستقلالية النسبية في عمل الإدارة.
ويشير جنبلاط الى أن من مفارقات الطائف أيضاً أنه يمنح رئيس الجمهورية مهلة محددة لتوقيع المراسيم، بينما لا يحدد أي سقف زمني للوزير الذي يمكنه أن ُيبقي المرسوم في الدرج قدر ما يشاء من الوقت، مشدداً على أن هذه الثغرة تتطلب المعالجة أيضاً.
ويشدد جنبلاط على أن المناصفة الإسلامية – المسيحية هي أساس الطائف، مشيراً الى أن ما يطرحه لا يمس بتاتاً هذه القاعدة الجوهرية التي لا تحتمل التلاعب بها، داعياً الى عدم المبالغة في تحليل موقفه، «لأن الأمر ينحصر ضمن الحدود التي رسمتها، لا أكثر ولا أقل».
مصادر نيابية في 14 آذار ترى أن توقيت هذا الطرح وفي لحظة إقليمية خطرة ودقيقة وتصعيد داخلي لافت، يثير أكثر من علامة استغراب حول الهدف من التعديلات المطروحة ولو كانت محقة وصائبة كما طرحها جنبلاط. وأوضحت أن أزمة لبنان الجوهرية اليوم وهي لا تختصر فقط بالفراغ الرئاسي بل بالخلاف الكبير بين 8 و14 آذار، تعود الى عدم تطبيق اتفاق الطائف أو تطبيقه بشكل مشوّه وانطلاقاً من معايير ميدانية تأخذ في الاعتبار موازين القوى على الأرض، حيث يبرز طرف غالب وطرف مغلوب، وذلك على الرغم من كل محاولات التجميل والتحسين لصورة ما يتم تطبيقه في السنوات الماضية وحتى اليوم.
وإذ وجدت المصادر النيابية في 14 اذار أن دعوة النائب جنبلاط تنطلق من حرصه على تحصين الإدارة من خلال تعديل بنود محددة في اتفاق الطائف، أكدت أن المرحلة الراهنة تحمل أولويات تتقدم على هذه التعديلات ومن أبرز هذه الأولويات الحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي الذي لا يزال هشاً بفعل الانقسامات السياسية. ويقول مصدر نيابي بارز في كتلة المستقبل: «إننا لن نقبل بأي تعديل للطائف إلا عندما يطبق الاتفاق كاملاً ويسلم سلاح الميليشيات الى الدولة» معتبراً أن كلام النائب وليد جنبلاط الذي دعا فيه الى تعديل الطائف «فيه خطورة لكونه سيراعي وجود سلاح حزب الله».
التوقيت غير المناسب يشمل العماد ميشال عون الذي يتفادى الاقتراب من اتفاق الطائف في خضم معركة رئاسية يحتاج فيها الى الصوت السني… ويشمل أيضاً حزب الله الذي لديه ما يكفيه من جبهات وأعباء وهو في غنى عن فتح جبهة جديدة في خضم مرحلة صعبة يحتاج فيها الى مواصلة حواره مع  تيار المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق