سياسة لبنانية

الحوار يمشي بين النقاط وفي حقل ألغام

يستمر الحوار بين حزب الله والمستقبل في عين التينة وسط ظروف صعبة وضاغطة جعلت أن مجرد صمود الحوار وانعقاده هو  إنجاز في حد ذاته حتى لو لم يحقق نتائج وإنجازات…
مما لا شك فيه أن الحوار يجتاز الآن أقسى امتحان في سلسلة الاختبارات القاسية التي تعرض لها منذ كان فكرة، الى درجة ان راعي هذا الحوار والعين الساهرة عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري خرج خلال الساعات الماضية عن تفاؤله الحاسم باستمراره ليفصح عن جملة مخاوف وهواجس من أن تذروه رياح الصخب العاتية المتأتية من الحرب في اليمن، وليضع أمام طرفي الحوار تصوراً لإدامته في الجلسة المقررة مساء اليوم يقوم على فكرة تهدئة السجال الإعلامي بعدما أطلق كل طرف اقصى ما في جعبته.
واستمرار الحوار يعني أمرين أساسيين:
الأول: إن مقولة سعي الطرفين الى عزل الحوار والحكومة الحالية عن صدمات الخارج وفكرة تحصينه عن تأثيرات التطورات الآتية من خارجه، قد نجحت مجدداً.
الثاني: إن طرفي الحوار نجحا بشكل أو بآخر في تقديم برهان عملي على أن المرجعيتين بمقدورهما المضي قدماً في خيار الحوار بعيداً من الصدام المباشر غير المسبوق بين المرجعيتين الإقليميتين لكل منهما أي السعودية وإيران.
ومرة جديدة يأخذ الحوار قوة دفع من الرئيس سعد الحريري الذي أبلغ وزير الداخلية نهاد المشنوق قراره بالمضي في خيار الحوار مع حزب الله مهما تكن الأجواء، وذلك بوصفه خياراً استراتيجياً لمصلحة الأمن والاستقرار في لبنان، وذلك على رغم الدعوات من داخل تيار المستقبل لتأجيله ووقفه.
وقالت مصادر إن المشنوق ناقش والحريري في مضمون طاولة الحوار التي ستسأنف أعمالها مطلع أيار (مايو) المقبل من حيث انتهت الجلسة الأخيرة، وستتطرق الى ما يتصل بالتحضيرات الجارية للخطة الأمنية الموعودة في الضاحية الجنوبية وبيروت ومحيطها الأوسع، من «بيروت الإدارية» وصولاً الى عمق مناطق عاليه وبعبدا وساحلها وطريق بيروت – دمشق، والتي ستحدد ساعة الصفر لتطبيقها بعد 20 الجاري.
ظروف الحوار اليوم هي غيرها التي كانت عند انطلاقته قبل نحو خمسة أشهر. في حينه كانت الظروف الإقليمية أخف وطأة، وكانت بوادر ملامح تهدئة إقليمية بين طهران والرياض تلوح في الأفق، الأمر الذي دفع المستقبل وحزب الله إلى أول جلسة حوارية برعاية الرئيس نبيه بري، لتخفيف التشنج السني – الشيعي. وسار الحوار على إيقاع إقليمي متوازن، وبين ألغام حرب سوريا والعراق والتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، والحوار الأميركي – الإيراني حول التفاهم النووي وملفات الشرق الأوسط. لكن مشهد الشرق الأوسط تغيّر بعد خمسة أشهر، ودخل عامل اليمن بقوة على المسرح الإقليمي واللبناني، في شكل فاق ارتدادات حرب العراق وسوريا على لبنان، بسبب الدور السعودي المباشر في حرب اليمن. ولكن رغم هذا التلبد الإقليمي يصمد الحوار. المنطقة والأوضاع الإقليمية تغيّرت، وأما الأسباب الدافعة الى الحوار فإنها لم تتغيّر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق